


عدد المقالات 329
اليوم أو غدًا وفي معترك الحياة، نجد أنفسنا راحلين رحيلًا سببيًّا، وأحيانًا اختياريًّا؛ بغية الوصول للمراد، فكلنا نغيب عن البيت، وعن الوظيفة، وعن الوطن، وعن مجالسة الأصدقاء والأقارب، وهذا الغياب أو الرحيل قد يكون -في يوم ما- رحيلًا أبديًّا عن الحياة، عندما تفارق الروح الجسد. ردّد هذه العبارة في حياتك: «سأكون موجودًا عندما أرحل»... نعم سأكون موجودًا بسيرتي الطيبة، وبأخلاقي الطيبة التي تركت عبق أثيرها، وبأفعالي الخيّرة التي تركت بصمة، وبكلماتي الإيجابية التي حُفرت في القلوب، وبتعاملي الراقي الذي أصبح سحابًا يمطر أناقة وجاذبية. سأكون موجودًا عندما أغادر بيتي ويعمّ السلام على أفراده، وتسود قيم التفاهم والتعاون بين أفراده، لأنني واثق بعلاقتي معهم. سأكون موجودًا عندما أغيب عن العمل، وتسير أموره على ما يرام؛ لأنني عملت مع فريقي بتعاون وحب وبيد واحدة. ستكون سيرتي حاضرة عندما أنشغل عن مجالس أهلي وأصدقائي لأنني لم أكن لأجرح مشاعرهم، أو أزعجهم أو أنغص عليهم. وهنا يكمن تحقيق الذات في هذا الوجود، الذي سينير بوجودك عندما تقدم له أفضل ما لديك، وتتعامل مع كل شيء حولك بسلام وأمان، عندما تحترم غيرك. الوجود الحقيقي لا يكون بالمادة والجسد، وإنما الوجود هو ذلك الأثر المعنوي الذي سيجعلك حاضرًا في كلّ وقتٍ وحين، وفي كل زمان ومكان. سيمر الناس على موضع كنتَ فيه، وهم يقولون: مرَّ من هنا وترك أثرًا، تكلم معنا ولم يجرح أحدًا، وأكرمنا بعطاياه التي كانت مَدَدًا، ومنه تعلمنا ما لا يُحصى عَدَدًا، والكثير الكثير، مما ترك صدًى ولن يُنسى أبدًا. سيأتي اليوم الذي يأخذ الله فيه أمانته، وسنموت جميعًا «كلّ نفسٍ ذائقة الموت»، وسنرحل من هذه الدنيا التي كانت لوحة، رسمناها بأنفسنا، وبألوان غيرنا، وما حولنا، وبالظروف المحيطة بنا، واكتملت اللوحة، عندما انتهت حياتنا، ليتمّ عرضها بعد مغادرة الحياة، لتكون هي رصيدنا ونتيجتنا. فكيف ستكون لوحتنا يا ترى؟! هل وجودك الرائع سيكون حاضرًا؟ أم أنّ غيابك الصادع سيبدو ظاهرًا؟! الخيار والقرار بيدك... من الآن فصاعدًا: اصْنَعْ مجدَك، وتذكّر أنه لن ينفعك سوى ذلك الوجود الذي يجعلك شعلة مضيئة في طريق الخير، ومنارة تهدي إلى الصواب، وربان سفينة في وسط بحر ترتطم أمواجه، فيواجهها بإرادة وحزم، هدف جميل وطموح أجمل، أن تتواجد بإنجازاتك وكلماتك وأساليبك وتعاملاتك الرائعة، في كل مكان، وحينها، وعند شهيقك وزفيرك، ردِّدْ هذه العبارة: سأكون موجودًا عندما أرحل، لأنني إن غبت جسدًا، فسأكون حاضرًا روحًا ووجدانًا وأثَرًا.
قد يتساءل البعض عن العلاقة التي تجمع مفردة الربّ بما يضاف إليها، وهل يبقى معناها وفق ما هو في سياقها الديني واللغوي؟ حقيقة، لكلمة الربّ خارج معناها الإلهي معانٍ مختلفة، يحدّدها السياق وما يرتبط به...
في هذه الأيام، يتوسل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها باسم الله الغالب؛ ليرد عنهم كيد الكائدين، وغيظ المعتدين، وكل حقد ظاهر ودفين. فالأمة منذ حين تمر بمخاض القيام والانتفاض، ولهذا القيام تكاليفه الوافية من الخوف...
كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...
لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...
كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...
كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...
إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...
لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...
مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...
هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...
معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...
لا شكَّ في أنّ مَن يقرأ كلمة «خليفة» أو يسمعها، يتذكر قول الله تعالى: ﴿وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَاـئِكَةِ إِنِّی جَاعِل فِی الأرض خَلِیفَة ﴾ [البقرة: 30]، وكذلك يتذكر منصب الخلافة في الإسلام. لكن هل حاول...