alsharq

د. زينب المحمود

عدد المقالات 326

مفتاح النصر

28 سبتمبر 2025 , 10:56م

لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو يَمنع ما أمضى، فلا رادَّ لقَضائه؛ ولا مُعقِّب لحكمه، قال وقوله الحقّ: } أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ{. واليقين بأنّ الغلبة المطلقة لله وحده من خَلَّات الإيمان الكبرى، قال القرطبي: يجب على كلِّ مكلَّف أنْ يعلم أنَّ الله سبحانه وتعالى هو الغالب على الإطلاق، فمن تمسَّك به؛ فهو الغالبُ؛ ولو أنَّ مَن في الأرض جميعًا ضدّه، قال تعالى: } كتبَ اللهُ لأغْلِبنَّ أنا ورُسُلي {. وفي مقابل ذلك، فإن الهزيمة والانكسار يكونان في الإعراض عن الله تعالى؛ والتمسَّك بغيره، أو الاتكال على حبائل الشيطان وشِركه } فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا {. ومن موجبات اليقين الذي يقود إلى النصر [على النفس، وعلى الشيطان، وعلى الأعداء]، أن نؤمن بأنَّ الله تعالى هو (النَّصير) الذي يَنْصُرُ رُسَله وأنبياءَه، وأتباعهم مِنَ المؤمنين، وأنه تعالى مَصْدر النّصْر الحقيقي، فالمنْصور: مَنْ نصَرَه، والمَخْذول المهزوم: مَنْ خَذَله. وفي ذلك يقول القرطبي: يجبُ على كلِّ مُكلف، أنْ يعتقد أنَّ النَّصر على الإطلاق إنما هو لله تعالى، كما قال: } إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُم {، وأنَّ الخُذلان منه. ومعلوم أنّ النَّصْرُ يَسْتدعي ناصرًا ومَنْصُورًا ومنصُورًا عليه، وأمر كلّ أولئك بيد الله تعالى وحده. إنّ نُصْرة الله لعباده أن يختار لهم ما فيه الخير دائمًا وأبدًا، أَما نُصرة العبد لربِّه، فتكون بعبادته وحده، والقيام بحقوقه، ورعاية عُهُوده، واجتناب نواهيه، فإن استقامت هذه العلاقة بالله، فإن النصر استحقاق أكيد، وفي ذلك يقول تعالى: } إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ {. ويثبت التاريخ أنّ الله نصر أنبياءه وعباده على أعدائهم، فنصر موسى على فرعون، ونصر إبراهيم على النمرود... وهو سبحانه من نصر عبده محمدًا، وأعزَّ جنده، وهزَمَ الأحزاب وحده. ولكّنه أحيانًا قبل تحقيق نصره، يبتلي عباده، ليظهر من ينصر دينه وشرعه ممن يتولى عن نصرته، فقال سبحانه: } ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ {، وقال: } إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ {. وما أعظم يقين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنصر ربه، فقد روي أنه لما ثَقُلت على أصحابِ رسولِ الله ﷺ شروط «الحُدَيْبية»؛ قال عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه: فأتيتُ نبيَّ الله ﷺ؛ فقلتُ: ألسْتَ نبيَّ الله ﷺ؟ قال: بلى، قلتُ: ألسْنا على الحقِّ؛ وعدُونا على الباطل؟ قال: بلى، قلت: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنيَّة في دِيننا إذًا؟! قال: «إنِّي رسولُ الله، ولسْتُ أعْصِيه، وهو نَاصِري …»، فكان الحديبية نصرًا لرسول الله وللمسلمين. فما أحوجنا في هذا الزمان إلا الصبر والثبات واليقين؛ بأن الله وحده هو الناصر، وهو الغالب لا شريك له. @zainabalmahmoud @zalmahmoud@outlook.com

كمال الستر

كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...

رغم المكر.. قطر ستبقى حرة

كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...

كمال غناه

إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...

الحقُّ أحقُّ أن يُتّبع

لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...

إِلهٌ حميد

مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...

لربنا حامدون

هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...

لا تقنطوا...

معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...

خليفة

لا شكَّ في أنّ مَن يقرأ كلمة «خليفة» أو يسمعها، يتذكر قول الله تعالى: ﴿وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَاـئِكَةِ إِنِّی جَاعِل فِی الأرض خَلِیفَة ﴾ [البقرة: 30]، وكذلك يتذكر منصب الخلافة في الإسلام. لكن هل حاول...

ومضةٌ لغويةٌ: الحقّ

كان إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي - رحمه الله - أكثر الناس تداولًا وتناولًا لاسم الله الحق، وكان إذا أراد استحضار آية كريمة وإدراجها في سياق تفسيره العرفاني النوراني المعروف بالخواطر، قال: «يقول الحق...

قابضٌ باسط

إنّ أسماء الله تعالى ماثلة في أفعاله، وظاهرة في مشيئته، ولكن لا يمكن أن يدرك ذلك إلا مؤمن بالله، وجودًا، وتحكُّمًا، وتسييرًا لكون لا يعلم كنهه إلا خالقه جلّ في علاه، ومن بديع أفعاله الماثلة...

من فِقه النّصر

إنَّ خيرَ بداية نتفقّه فيها بالنصر، أن نتذكّر أن الناصر اسم من أسماء الله، وهو اسم كريم متاخم وملازم لاسم الغالب، والنصرة من الله هي تعدية الغَلبة لفريق، فيقهر فريقًا آخر ويغلبه، وهي العون والمدد،...

أغوار المعاني

إنّ اللغة العربية لغة غنية بمعانيها ومبانيها، وإنّ سبر أغوار معانيها لا يناله إلا متبصر واعٍ، حصيف فصيح، وهذا ما جعل القرآن الكريم الذي نزل بلسان عربيّ مبين، بليغًا غزيرًا في دلالاته، معجزًا في بيانه....