عدد المقالات 328
مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم الله الحميد؟ وفي السر من وروده في كتاب الله بصيغة المبالغة؟ إنّ ما نعلمه أنّ الله عزّ وجلّ لم يفرّط في كتابه الكريم في شيء، إِنْ في مبناه أو في معناه. فدعونا نصحبكم لنعرف بعضًا من أسرار اسم الله الحميد، لنشعر به أكثر في حياتنا. ورد اسم الحميد في كتاب الله عز وجل في قوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} ﴾ [البقرة: 267]. وقوله: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ﴾ [الشورى: 28]. وقوله: ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ [البروج: 8]، ومعناه المبالغة بحمده سبحانه، والحميد «على وزن فعيل»، يأتي بمعنى المفعول من الفعل «حَمَد»، أي: المحمود الذي استحق الحمد والشكر والثناء على أفعاله وأفضاله، وما أَولاه سبحانه على عباده من النعم، وما بسط من الرزق والفضل، فهو الذي يُحمد في السراء والضراء، وفي الشدة والرخاء. فهو الحميد الذي يستحق الحمد، والذي لا يحمد على الأحوال كلها سواه، فهو أهل الحمد والثناء الحسن، لا نحصي ثناءً عليه. يقول الإمام ابن تيمية: «والحمد نوعان: حمدٌ على إحسانه إلى عباده، وهو من الشكر، وحمدٌ لما يستحقه هو بنفسه من نُعوت كماله، وهذا الحمد لا يكون إلا على ما هو في نفسه مستحق للحمد، وإنما يستحق ذلك من هو متصف بصفات الكمال». ومقتضى اسم الله الحميد وأثره: أن المسلم حريٌ به إذا عرف إلهه باسمه الحميد أن ينشغل بالحمد والثناء عليه جلّ وعلا، لأنه سبحانه المستحق للحمد على نعمه وآلائه التي لا تُعدُّ ولا تحصى، وفي ذلك يقول تعالى: ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [النحل: 18]، فهو سبحانه أهل الثناء والمجد والحمد. وحمد الله تعالى اعترافٌ له بالفضل، وتحقيقٌ لعبوديته، فهو سبحانه حميدٌ يحب من عباده أن يحمدوه، ويثنوا عليه، ويصدق ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: «وما مِنْ شيءٍ أحبُّ إلى اللهِ من الحَمْد»، وقوله: «أفضلُ الذكر: لا إله إلا الله، وأفضلُ الدعاء: الحمد لله». إن الحمد من الأذكار البديهية التي سادت، حتى في الجاهلية، فهذا أمية بن الصلت، شاعر من ثقيف، كان على دين إبراهيم الحنيف، ولكنه كان عبد هواه الذي أفضى به إلى تكذيب رسول الله، واستكبر عن اتباعه بعد سماعه والتيقن بما جاء به من رب العالمين، غلبته نفسه وشيطانه، وكان في الجاهلية متألهًا يثني على الله نثرًا وشعرًا؛ ومن ذلك قوله: الحمد لله حمدًا لا انقطاع له فليس إحسانــــــــــه عنا بمقطوعِ كما أنّ الحمد لله مطلق غير مقيد بقيود، ولا محدد بحدود، أما في حمد البشر بعضهم بعضًا، فهو بالقرائن مقرون، وبالشرائط مرهون، وهو قيد الأسباب الموجبة، فإذا انصرفت الأسباب، انصرف، ولنأخذ عينة من شعر المتنبي، إذ يقول في قصيدته الشهيرة التي خلّد فيها غزوة الحدث الحمراء لسيف الدولة: لك الحمد في الدر الذي لي لفظه فإنــــــــــــك معطيــــــــــــــــــــــه وإنـــــــــــــــــيَ نــــــــاظمُ وإني لتعــــــــدو بي عطايـــــــاك بالوغى فلا أنــــا مذمــــــــوم ولا أنــــــــــــــت نــــــــــادمُ وأخيرًا، إن إبحارنا في اسم الله الحميد ليس له حدود، ففي كل ملكوته أثر يدفعنا لحمده، وفي كل أنفاسنا عِبَر تجعلنا نذكره، فنحمده ونشكره سبحانه. جعلنا الله ممن يفقه في أسماء الله وصفاته، فيعمل وفق مقتضاها. @zainabalmahmoud @zalmahmoud@outlook.com
في هذه الأيام، يتوسل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها باسم الله الغالب؛ ليرد عنهم كيد الكائدين، وغيظ المعتدين، وكل حقد ظاهر ودفين. فالأمة منذ حين تمر بمخاض القيام والانتفاض، ولهذا القيام تكاليفه الوافية من الخوف...
كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...
لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...
كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...
كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...
إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...
لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...
هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...
معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...
لا شكَّ في أنّ مَن يقرأ كلمة «خليفة» أو يسمعها، يتذكر قول الله تعالى: ﴿وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَاـئِكَةِ إِنِّی جَاعِل فِی الأرض خَلِیفَة ﴾ [البقرة: 30]، وكذلك يتذكر منصب الخلافة في الإسلام. لكن هل حاول...
كان إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي - رحمه الله - أكثر الناس تداولًا وتناولًا لاسم الله الحق، وكان إذا أراد استحضار آية كريمة وإدراجها في سياق تفسيره العرفاني النوراني المعروف بالخواطر، قال: «يقول الحق...
إنّ أسماء الله تعالى ماثلة في أفعاله، وظاهرة في مشيئته، ولكن لا يمكن أن يدرك ذلك إلا مؤمن بالله، وجودًا، وتحكُّمًا، وتسييرًا لكون لا يعلم كنهه إلا خالقه جلّ في علاه، ومن بديع أفعاله الماثلة...