alsharq

حسين حبيب السيد

عدد المقالات 163

5 خطوات لبناء ثقافة الولاء الوظيفي (2)

30 أغسطس 2025 , 11:06م

تحدثنا في مقالنا السابق حول المرحلة الأولى لبناء ثقافة الولاء الوظيفي، واليوم نستكمل هذه الخطوات بالحديث عن المرحلة الثانية والثالثة المرحلة الثانية: التوجيه والتدريب – تأصيل القيم وتعزيز الانتماءبعد الانتهاء من مقابلات التوظيف واختيار المرشح الأنسب، تأتي مرحلة التوجيه والتدريب كعنصر أساسي في تعزيز الولاء الوظيفي وبناء علاقة قوية بين الموظف والمؤسسة. وفقًا لنظرية التعلم الاجتماعي (Social Learning Theory) التي وضعها عالم النفس ألبرت باندورا (Albert Bandura)، يتعلم الموظفون من خلال ملاحظة ومحاكاة سلوكيات الأفراد من حولهم، بما في ذلك القيم والممارسات التي يتبناها القادة في المؤسسة. خلال هذه المرحلة، لا يقتصر التدريب على تطوير المهارات الفنية فقط، بل يشمل أيضًا التأكيد على القيم المؤسسية التي تُعتبر جزءًا لا يتجزأ من ثقافتها. فعندما يتعرض الموظف لهذه القيم بشكل مستمر، سواء عبر التدريبات الرسمية أو من خلال الإرشاد اليومي من القادة وزملاء العمل، يبدأ في تبني هذه القيم والمساهمة في تحقيق الأهداف المشتركة. في نهاية المطاف، يعزز هذا التوافق بين القيم الشخصية للمؤسسة والقيم الفردية الانتماء ويزيد من ولاء الموظف تجاه المؤسسة. أشار العديد من الخبراء إلى أن التدريب يجب أن يُركّز على توفير فرص للتطوير المستمر التي تشجع الموظفين على التفاعل مع أهداف المؤسسة بطريقة تتماشى مع تطلعاتهم المهنية والشخصية. وفي هذا السياق، يعتبر توجيه الموظفين بشكل فعّال أداة رئيسية لبناء بيئة عمل تدعم الثقة وتساعد على تحقيق الإبداع والابتكار. مثال واقعي على نجاح مرحلة التوجيه والتدريب في تعزيز الولاء الوظيفي هو تجربة شركة جوجل. تولي جوجل اهتمامًا كبيرًا لبرامج التوجيه والتدريب، حيث لا تقتصر هذه البرامج على تحسين المهارات الفنية فحسب، بل تشمل أيضًا تعزيز قيم الابتكار والتعاون والشفافية التي تشكل جزءًا من ثقافة الشركة. يساهم برنامج «Googler to Googler» (G2G) في شركة جوجل بشكل كبير في تعزيز ثقافة المؤسسة وولاء الموظفين. من خلال التعلم غير الرسمي بين الزملاء، يشعر الموظفون بأنهم جزء فاعل في تطوير بيئة العمل، مما يعزز التعاون بين الفرق ويزيد من الابتكار. كما يُشجَّع الموظفون على المشاركة في جلسات تدريبية تركز على القيم المؤسسية، مما يعمق شعورهم بالانتماء للمؤسسة. تتمثل النتائج الإيجابية لهذا البرنامج في تعزيز التعاون الداخلي بين الموظفين من مختلف الأقسام، مما يسهم في تحسين الأداء وتحقيق نتائج أفضل. كما يحفز البرنامج الإبداع والابتكار من خلال تبادل المهارات والأفكار الجديدة، وهو ما يساهم في تعزيز أداء الشركة. علاوة على ذلك، يساهم البرنامج في رفع مستويات الولاء والرضا الوظيفي، حيث يشعر الموظفون بأن لديهم فرصًا حقيقية للتطور المهني في بيئة تشجع على التعاون والتعلم. وبفضل هذه المبادرات، تنخفض معدلات التوظيف المتكرر ويزيد الاستقرار الوظيفي، مما يعزز بيئة عمل قائمة على الاحترام والشراكة. بالتالي، يُسهم برنامج G2G في خلق بيئة عمل إيجابية وداعمة، مما ينعكس إيجابًا على الإنتاجية ويحقق نجاحًا مستدامًا للمؤسسة. المرحلة الثالثة: التحفيز المستمر – تعزيز الولاء من خلال التقدير والمكافآت تشكل مرحلة التحفيز المستمر عنصرًا محوريًا في تعزيز الولاء الوظيفي، إذ يسهم التقدير والمكافآت في بناء بيئة عمل إيجابية تقوي علاقة الموظفين بالمؤسسة. أظهرت دراسة أجرتها مؤسسة Gallup عام 2020 أن التقدير المنتظم في بيئة العمل يلعب دورًا محوريًا في تعزيز الولاء الوظيفي. الموظفون الذين يحظون بتقدير مستمر يظهرون مستوى انخراط أعلى بنسبة 63% مقارنة بأقرانهم الذين يفتقرون إلى هذا التقدير. الدراسة أوضحت أيضًا أن التقدير الإيجابي يساهم في خفض معدلات دوران الموظفين بنسبة 31%، إلى جانب تحسين الإنتاجية الإجمالية بنسبة 21%. وفقًا لنظرية العوامل الذاتية (Herzberg›s Two-Factor Theory)، التي طرحها عالم النفس فريدريك هيرزبيرغ، يُعتبر التقدير والمكافآت من العوامل الأساسية التي تساهم في تحسين الرضا الوظيفي. وتنقسم هذه العوامل إلى نوعين: العوامل الصحية (Hygiene Factors). وترتبط هذه العوامل بالبيئة المحيطة بالعمل، حيث إنها لا تحفز الموظفين بشكل مباشر عند توفرها، لكنها تؤدي إلى استياء كبير إذا غابت. من أبرز هذه العوامل ظروف العمل الجيدة، التي تشمل توفير مكان عمل مريح وآمن يعكس احترام المؤسسة لموظفيها واهتمامها برفاهيتهم. كما يلعب الأمان الوظيفي دورًا محوريًا في شعور الموظفين بالاستقرار والثقة في استمرارية وظائفهم، مما يعزز التزامهم تجاه المؤسسة. بالإضافة إلى ذلك، تبرز أهمية السياسات المؤسسية العادلة التي تضمن وجود نظام شفاف يحقق العدالة في المعاملة والقرارات، مما يعزز الثقة بين الموظفين والإدارة. وأخيرًا، تساهم العلاقات المهنية الصحية في خلق بيئة عمل خالية من التوتر والنزاعات، مما يدعم التعاون والانسجام بين أفراد الفريق. أما العوامل المحفزة (Motivators)، فترتبط بطبيعة العمل ذاته وليس ببيئته، حيث تسهم في تحفيز الموظفين على تقديم أداء متميز وتعزز الشعور بالإنجاز. فالتقدير يمثل أحد أبرز هذه العوامل، حيث يشعر الموظفون بالتقدير عندما يتم الاعتراف بجهودهم، سواء كان ذلك عبر مكافآت مالية أو إشادة معنوية. هذا الشعور يحفزهم على مواصلة العمل بإتقان. أما المسؤوليات المتزايدة، فتمنح الموظفين الفرصة لتحمل مهام إضافية تعكس أهميتهم في المؤسسة، مما يعزز من إحساسهم بالثقة في قدراتهم. @hussainhalsayed

5 خطوات لبناء ثقافة الولاء الوظيفي (1)

يُعد الولاء الوظيفي إحدى الركائز الأساسية التي تضمن استقرار المؤسسات ونجاحها على المدى الطويل. فهو لا يقتصر على الالتزام بالوظيفة أو البقاء في المنظمة فحسب، بل يشمل التفاني في العمل والإيمان العميق برسالة المؤسسة وأهدافها....

الوعي العاطفي: المفتاح لفهم الذات واتخاذ قرارات أكثر فاعلية في العمل

يعرّف الوعي العاطفي على أنه القدرة على التعرف على مشاعرك وفهم تأثيراتها. الأشخاص الذين يمتلكون هذه القدرة يمكنهم تحديد المشاعر التي يشعرون بها في لحظة معينة وفهم أسبابها، بالإضافة إلى فهم الروابط بين عواطفهم وأفكارهم...

أسرار لتطوير الذكاء العاطفي وتحقيق التفوق المهني

تطوير الذكاء العاطفي يُعد مفتاحًا أساسيًا لتحسين الأداء المهني وتعزيز العلاقات القوية داخل بيئة العمل. ووفقًا لغولمان، فإن الأشخاص الذين يمتلكون ذكاءً عاطفيًا مرتفعًا يتمتعون بقدرة أكبر على التفاعل بمرونة مع الآخرين، اتخاذ قرارات أفضل،...

ظاهرة الذكاء العاطفي في بيئة العمل

يُعد الذكاء العاطفي (Emotional Intelligence) من العوامل الأساسية التي تساهم في نجاح الأفراد في بيئات العمل المعاصرة. فبفضل هذه المهارة، يمكن للفرد أن يبني علاقات مهنية قوية ويحقق تفاعلًا فعّالًا مع زملائه، مما يعزز الأداء...

دراسات وأبحاث حول الذكاء العاطفي في بيئات العمل (2)

في إحدى الدراسات الحديثة، تم اختيار 50 موظفًا خضعوا لتدريب خاص على الوعي العاطفي استنادًا إلى منهج دي بونو لمدة 8 أسابيع. وخلال هذه الفترة، أُجريت اختبارات تقييمية لقياس قدرة الموظفين على حل المشكلات الجماعية،...

ظاهرة الذكاء العاطفي في بيئة العمل (1)

يُعد الذكاء العاطفي (Emotional Intelligence) من العوامل الأساسية التي تساهم في نجاح الأفراد في بيئات العمل المعاصرة. فبفضل هذه المهارة، يمكن للفرد أن يبني علاقات مهنية قوية ويحقق تفاعلًا فعّالًا مع زملائه، مما يعزز الأداء...

ما تعرف عن جيل «زد» ؟ (3)

تطور الأجيال روابط عاطفية قوية بالأحداث والتجارب التكوينية التي تؤثر على كيفية رؤيتهم لأنفسهم وللعالم من حولهم. وكما شهد جيل الألفية Millennials في الشرق الأوسط، السابق للجيل Z، مجموعة من الأحداث المهمة والتجارب الفريدة، فقد...

ما تعرف عن جيل « زد « ؟ (2)

لقد أَحدَث الجيل z تغييرات جوهرية في عالم التعليم والعمل. نشأ هذا الجيل في عصر رقمي بالكامل، مما أثّر على توقعاتهم وطرائق تعاملهم مع التعليم والعمل بصورة كبيرة. إليك بعض الطرائق التي غَيّر بها الجيل...

ما تعرف عن جيل «زد» ؟ (1)

يمثل جيل زد ( Gen Z) أو الجيل الذي ولد بين منتصف التسعينيات ومنتصف العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، شريحة اجتماعية مؤثرة في تشكيل المستقبل، فهذا الجيل نشأ في بيئة رقمية متسارعة التغير، حيث...

التحفيز الداخلي أم الخارجي: أيهما مفتاح الولاء الحقيقي؟

التحفيز يعد أحد المحركات الأساسية لأداء الموظفين وولائهم في بيئات العمل. على الرغم من أن هناك نوعين رئيسيين من التحفيز: التحفيز الداخلي والخارجي، إلا أن النقاش المستمر بينهما يدور حول أي منهما يعزز الولاء الفعلي...

كيف أصنع بيئة عمل محفزة؟ (3)

تحدثنا في مقالين سابقين حول النظريات السلوكية في التحفيز، واليوم حديثنا ينصب حول النظريات المعرفية والعملية 2. النظريات المعرفية والنظرية العملية Cognitive and Process Theories (1960s–1980s) • نظرية التوقع (1964) Expectancy Theory تُعتبَر نظرية التوقع...

كيف أصنع بيئة عمل محفزة؟ (2)

تحدثنا في مقالنا السابق عن أساسيات ومفاهيم حول التحفيز، واليوم حديثنا يمتد إلى النظريات السلوكية في التحفيز 2. النظريات السلوكية Behavioral Theories (1920s–1940s) • الإشراط الكلاسيكي (Classical Conditioning) تُعَتَّبَر نظرية الإشراط الكلاسيكي من أهم النظريات...