عدد المقالات 325
أبدأُ مقالتي بقولٍ لابن تيمية يلخّص فيه ما يجب أن تكون عليه نظرتنا إلى أمور حياتنا جميعًا، ومفاد هذا القول: «العبرة بكمال النهايات، لا بنقص البدايات». ما أجمله من معيار! حين نعلم أننا حكاية وستنتهي يومًا ما، وهذا أمر حتمي. وخلال محطات حياتنا، نلتقي ببعضنا، نتحدث، ونعمل، ونتعامل، ونجد خلال ذلك من لا يكترث لأقواله، ولا ينتبه لتصرفاته؛ فقد يهمل، وقد يزعج، وقد يسيء، من دون حسيب أو رقيب، فيَشْعُر مَنْ حولَهُ بضيقٍ تجاهه، بل قد يترك آثارًا مظلمة تخيِّم على سيرته وسريرته. وقد قيل: «إنّما الإنسانُ أثرٌ، فأَحْسِنوا مآثِرَكُم قبلَ الرحيل». فالعبرة، إذًا، بالخواتيم؛ فكلما عاش الإنسان من أجل هدف عظيم، وغرضٍ أكبر من نفسه، وسعى من أجل الخير، أحدث تغييرًا ملموسًا في العالم، وترك أثرًا يدوم، وإنْ غادر هذه الحياة. لذلك نحن مدعوون إلى العيش بحبٍّ ورحمة، وأن نُعطي بأشكال مختلفة لا تُضاهى قبل أن نرحل، فلو قرَّرنا أن نتعامل مع أنفسنا، ومع الآخرين بمنطق اللقاء الأخير، لكان لزامًا علينا التبصُّر بسلوكنا وكلامنا، ففي سراديب الحياة التي تعكر صفوها الآلام والأتعاب وصروف الدهر، نحتاج إلى من ينتشِلُنا بوجه هاشٍّ باشٍّ، وبكلام يؤنس أرواحنا، وينعش قلوبنا، كنفحة عطر فوّاح. وفي هذا السياق، يقول جل جلاله: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السماء * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾. نعم إنه الأثر الثابت في الأرض، الباقي في صحائفنا. فلنجعل المعاملة الطيبة إكسيرًا يطبب نفوسنا، ونورًا يضيء قلوبنا، ويخرجها من غياهب الوجع المتراكم الغائر في الأعماق، الناتج من منغصات الدنيا وفتنها. ولنكُن أحرص الناس، وأشدهم عناية عندما نفكر بأن اللقاء بأي شخص هو آخر لقاء، فلا يدري الواحد منا كم سيعيش، وكم بقي من عمره. فكلُّنا راحلون، ودنيانا تاركون. فبدءًا من هذه اللحظ، علينا أن نبادر بالخيرات والمسرّات والخلق الجميل، وأن نكون بردًا وسلامًا على كل من نمرُّ به، ويمرُّ بنا، فلا جدوى من الصراع والخلاف وسوء الحوار والجدال العقيم الذي يغرس الخوار في النفوس، والعبوس في الوجوه، ولنحطم معاول السوء، ولنقارع صراعات الدهر والخطوب، ورحم الله الشاعر إذ يقول: حافظْ على الخلقِ الجميلِ ومُـرْ به ما بالجميلِ وبالقبيــــــــــــــــــحِ خَفاءُ إن ضاقَ مالكَ عن صديقِكَ فالقَــه بالبشرِ منـــــــــكَ إِذا يحيـــــــنُ لقاءُ @zainabalmahmoud @zalmahmoud@outlook.com
كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...
كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...
إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...
لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...
مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...
هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...
معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...
لا شكَّ في أنّ مَن يقرأ كلمة «خليفة» أو يسمعها، يتذكر قول الله تعالى: ﴿وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَاـئِكَةِ إِنِّی جَاعِل فِی الأرض خَلِیفَة ﴾ [البقرة: 30]، وكذلك يتذكر منصب الخلافة في الإسلام. لكن هل حاول...
كان إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي - رحمه الله - أكثر الناس تداولًا وتناولًا لاسم الله الحق، وكان إذا أراد استحضار آية كريمة وإدراجها في سياق تفسيره العرفاني النوراني المعروف بالخواطر، قال: «يقول الحق...
إنّ أسماء الله تعالى ماثلة في أفعاله، وظاهرة في مشيئته، ولكن لا يمكن أن يدرك ذلك إلا مؤمن بالله، وجودًا، وتحكُّمًا، وتسييرًا لكون لا يعلم كنهه إلا خالقه جلّ في علاه، ومن بديع أفعاله الماثلة...
إنَّ خيرَ بداية نتفقّه فيها بالنصر، أن نتذكّر أن الناصر اسم من أسماء الله، وهو اسم كريم متاخم وملازم لاسم الغالب، والنصرة من الله هي تعدية الغَلبة لفريق، فيقهر فريقًا آخر ويغلبه، وهي العون والمدد،...
إنّ اللغة العربية لغة غنية بمعانيها ومبانيها، وإنّ سبر أغوار معانيها لا يناله إلا متبصر واعٍ، حصيف فصيح، وهذا ما جعل القرآن الكريم الذي نزل بلسان عربيّ مبين، بليغًا غزيرًا في دلالاته، معجزًا في بيانه....