alsharq

د. زينب المحمود

عدد المقالات 328

قابضٌ باسط

20 يوليو 2025 , 11:12م

إنّ أسماء الله تعالى ماثلة في أفعاله، وظاهرة في مشيئته، ولكن لا يمكن أن يدرك ذلك إلا مؤمن بالله، وجودًا، وتحكُّمًا، وتسييرًا لكون لا يعلم كنهه إلا خالقه جلّ في علاه، ومن بديع أفعاله الماثلة في أسمائه، ما حمله اسماه «القابض والباسط»، فما حقيقة معنييهما؟ وما ميدان ورودهما في كتابه الكريم وسنة نبيّه المصطفى؟ لم يرد هذان الاسمان الجليلان بصريحهما في القرآن الكريم، وإنما وردت أفعال بهما، في قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}. ووردا في السنة النبوية؛ فيما رواه أنس بن مالك - رضي الله عنه – أنّ الناس قالوا: يا رسول الله، غلا السعر، فسعّر لنا، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله هو الخالقُ القابضُ الباسطُ، الرّازق المُسعِّر، وإنِّي لأرجو أن ألقى الله ولا يطلبني أحد بمظلمة ظلمتها إياه في دم ولا مال». في هذا الحديث، امتنع النبي - عليه الصلاة والسلام - عن التدخل في شؤون الأسعار، وعدّها من بين الأقضية والأقدار، وأن مردها إلى الله القابض الباسط. والقبض في اللغة: أخذ الشيء أو جمعه، والبسط: عكسه، وهو النشر. وسمّيت الأرض بالبساط لأنها ممدودة ممهودة، صالحة للسير في المناكب والفجاج. وترِدُ الأرضُ أَيضًا بلفظِ البسيطة، وفي ذلك يقول الشاعر أبو فراس الحمداني رحمه الله: إن الغـني هو الغني بنفسه ولو أنه عــاري المناكـب حافي ما كل ما فـوق البسيطة كافيًا فإذا قنعـت، فكل شيء كافي فعطاء الله منوط بحكمته، مشروط بعلمه، محيطٌ بالعبد وبأحواله في اليسار وفي الإعسار، فيقبض ويبسط ما شاء لمن شاء، والمقابل المطلوب من العبد هو التسليم والإذعان، لما يهب الحنان المنان، فهو أعلم بمن خلق، وهو اللطيف الخبير، وعليه أن يتحلى بالقناعة؛ لأنها هي الموهبة التي ترضينا وتغنينا وتكفينا، أما الجشع والطمع، فلا يكفيان معه كل ما فوق البسيطة، ومن ابتلي بالحرص، فقد أصيب بالداء العياء، وأفلس من الشِفاء، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لو كان لابن آدم واد من ذهب، أحب أن يكون له واديان، ولن يملأ فاه إلا التراب، والله يتوب على من تاب»، وقيل في شرحه: أنه لا يشبع إلا حين يموت ويصير إلى حفرة قبره، وهو مصداق قول الحق جل وعلا: «ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر». فسبحان من يعطي ويمنع، لحكمة مقدّرة، ولسبب لا يحيط به سواه،أو من أراد له ذلك من عباده وخلقه، فما أعدل أن نسّلم أمورنا له سبحانه، فنلقاه راضين مرضيّين! وما أضل من يحيد عن قسمته سبحانه وعدله، فيلقاه صاغرًا مفلسًا! @zainabalmahmoud @zalmahmoud@outlook.com

غالبٌ على أَمْرِهِ

في هذه الأيام، يتوسل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها باسم الله الغالب؛ ليرد عنهم كيد الكائدين، وغيظ المعتدين، وكل حقد ظاهر ودفين. فالأمة منذ حين تمر بمخاض القيام والانتفاض، ولهذا القيام تكاليفه الوافية من الخوف...

أَبصر به وأَسمع

كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...

مفتاح النصر

لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...

كمال الستر

كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...

رغم المكر.. قطر ستبقى حرة

كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...

كمال غناه

إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...

الحقُّ أحقُّ أن يُتّبع

لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...

إِلهٌ حميد

مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...

لربنا حامدون

هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...

لا تقنطوا...

معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...

خليفة

لا شكَّ في أنّ مَن يقرأ كلمة «خليفة» أو يسمعها، يتذكر قول الله تعالى: ﴿وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَاـئِكَةِ إِنِّی جَاعِل فِی الأرض خَلِیفَة ﴾ [البقرة: 30]، وكذلك يتذكر منصب الخلافة في الإسلام. لكن هل حاول...

ومضةٌ لغويةٌ: الحقّ

كان إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي - رحمه الله - أكثر الناس تداولًا وتناولًا لاسم الله الحق، وكان إذا أراد استحضار آية كريمة وإدراجها في سياق تفسيره العرفاني النوراني المعروف بالخواطر، قال: «يقول الحق...