


عدد المقالات 329
إن من أعظم ما يتحلّى به المرء من صفات، ما يجلب له القبول في الأرض والسماء، وما يقرّب إليه العباد، ويدنيه من دروب السداد، ويقصيه عن الزيغ والفساد، وما تجرّه إليه وساوس النفس، أو مجالسة شرار الإنس. إنّ ذلك كامنٌ في خلق الحياء، ذلك الخلق العظيم، الذي تحلّى به خير الخلق والمرسلين، وعرِف به بعض صحابته الكرام، نحو عليّ بن أبي طالب الذي كرّم الله وجهه؛ لأنه لم ينظر إلى عورة قط، وعثمان بن عفان الذي قال فيه رسول الله: «ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة؟». فمن عظيم ما ورد في الأثر في خَلّة الحياء، أن عليًا عفا عن خصمه يوم أحد حياءً، فعندما اصطف الفريقان في أحد قام طلحة بن عثمان، وكان في جيش أبي سفيان، حامل لواء الشرك والأوثان، وبدأ يتحدى ويتعدى في المقال، ويسخر من عقيدة المسلمين القتالية، وأن قتلاهم في الجنة وقتلى أعدائهم في النار، وطلب من المسلمين المبارزة، فقام له علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه، وقال له: «والذي نفسي بيده لا أفارقك حتى أعجلك بسيفي إلى النار أو تعجلني بسيفك إلى الجنة، وما هي إلا صولة من فتى الفتيان، وسيد الشجعان حتى ضربه فقطع رجله، فسقط وانكشفت عورته، فقال: أنشدك الله والرحم يا ابن عمّ! فتركه، فكبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال لعلي: ما منعك أن تجهز عليه؟ قال: إنّ ابن عمي ناشدني حين انكشفت عورته فاستحييت منه! ما أعظم حياء علي كرّم الله. فالحياء من أجلّ مزايا المجتمع المسلم، وقلّة الحياء هي من أقبح صفات الفجّار والكفّار، التي تقودهم إلى التجرّؤ على الله بارتكاب المحرمات والمنكرات، وتودي بهم في الحصيلة إلى سوء عاقبة الدنيا، وشدة عذاب الآخرة. فلله الحمد أن أوقد في نفس المؤمن جذوة الحياء، تردّه إلى الله دومًا، وتعينه على التوبة إلى الله والأوبة، وتقيه من شرور النفس ووساوسها، فتكون دليلًا له يهديه إلى سواء السبيل، وصدق عليه السلام حين قال: «الحياء شعبة من شعب الإيمان». لذلك، فإن من التوجيهات التي يقتضيها إيمان المؤمن، التزامه الحياء؛ خوفًا وطمعًا، فيخشى أن يجده الله في مكان نهاه عنه، أو يفقده في مكان أمره أن يكون فيه، وإنّ من عظيم تجليات خلق الحياء أن نعصم أنفسنا من الزلات، وأن نمنعها من تتبع العورات، ونشر المعرّات. فالحياء الحياء، يرحمكم الله. وأختم بقول بليغ للإمام الشافعي - يرحمه الله -: إذا شئت أن تحيا سليما مـن الأذى ودينك موفور وعرضك صيّــنُ فلا ينطقن منـك اللسـان بسوأةٍ فكلك سوءاتٌ وللنـاس أعيـنُ وعينك إن أبدت إليك معايبا فصنها وقل يا عيــن للناس أعيـنُ وعاشر بمعروف وسامح من اعتـدى ودافع ولكن بالتي هي أحســنُ @zainabalmahmoud
قد يتساءل البعض عن العلاقة التي تجمع مفردة الربّ بما يضاف إليها، وهل يبقى معناها وفق ما هو في سياقها الديني واللغوي؟ حقيقة، لكلمة الربّ خارج معناها الإلهي معانٍ مختلفة، يحدّدها السياق وما يرتبط به...
في هذه الأيام، يتوسل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها باسم الله الغالب؛ ليرد عنهم كيد الكائدين، وغيظ المعتدين، وكل حقد ظاهر ودفين. فالأمة منذ حين تمر بمخاض القيام والانتفاض، ولهذا القيام تكاليفه الوافية من الخوف...
كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...
لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...
كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...
كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...
إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...
لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...
مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...
هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...
معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...
لا شكَّ في أنّ مَن يقرأ كلمة «خليفة» أو يسمعها، يتذكر قول الله تعالى: ﴿وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَاـئِكَةِ إِنِّی جَاعِل فِی الأرض خَلِیفَة ﴾ [البقرة: 30]، وكذلك يتذكر منصب الخلافة في الإسلام. لكن هل حاول...