


عدد المقالات 329
السياسة من جلائل أَعمال الحكمة، ومن أَحسن صورها الوظيفية، وهل الحكمة إِلا حسن التحيّلِ والتّدبير، ولدونة التفكير التي تذلّل قياد صعاب الأُمور، والمرونة التي تنجي صاحبها من مكابدة عسر الأَفهام، ومجالدة سفه الأَحلام، ومحاولة العقول الصَّماء ما لا تطيق من الرأي؟ يستند هذا العنوان الشامل الفسيح إِلى جذرٍ تخصصي واحد، ونواة صلبة من المعنى، مأخوذة من معايش العرب الأَقدمين، وهو سائس الخيل الذي يتولّى تعبيد ظهورها لتكون ذلولًا للركوب، ولا تتأتى هذه المهمة الحاذقة لكل فارس. ومن المسلّمات أَنّ كلّ سائسٍ فارسٌ، وليس العكس صحيحًا، فقليل من الناس من يستطيع تفريغ شحنات العصيان، ونزع فتيل التوحش في الخيل لتأهيلها، وتدجين رغباتها بما يتوافق مع رغبات صاحبها، ليس من اليسر إِقناع الجواد بعد شوط من الحرية المطلقة عاشها مهرًا بتنكّب العنان واللجام وتحمل السرج والارتهان للإِرادة البشرية. فإِن صحّ هذا في الخيل، فهو أَصح في سياسة الناس، ولهذا اتّسع الاصطلاح حتى تكاد تُنسى أُصوله، وتعددت فروعه حتى اندثر جذره، فالقسم الأَعسر منه هو سياسة الناس على تنوع مشاربهم، وتلون أطيافهم واختلاف ألسنتهم وألوانهم، ولا يمكن خطابهم إلا بالحكمة والحجة البالغة، بقدر ما يشتمل سائس الناس على الحمق، يخسر من قلوب الناس، وبقدر ما يتحلى بالحكمة، يعطف إِليه أَرسان قلوبهم، ويتمكن من أَعنة حبهم. وأَدق ما وصلت إِليه تقنيات السياسة والتعامل مع الخلق هي شعرة معاوية التي يتجاذبها مع الرَّعية فلا تنقطع. إِذا استعصت عليك الخيل فامسح لها بالسوق والأَعناق مسحا فإِنك لن تطـوّعَ ظهـر مهــرٍ شموسٍ عنوةً أُسديكَ نصحا فإِنْ وادعتهُ لطفًـا وحــــــبًّا حبَاكَ عنانَه سِلمًا وصُلحا إذا اتسعت مساحة الوعي لدينا، وارتفعت القدرة الاستيعابية عندنا، نستطيع أَن نسوّغ العلاقات البشرية الشائكة، وأَن نتقبل الناس على ما اشتملوا عليه من محاسن ومساوئ، وبالتالي لن نبخل بالنصيحة القيّمة والموعظة الحسنة على أَي إِنسان مهما توحَّل بالمفسدة والإِثم والفسوق، ونجعل مبدأنا في ذلك العين الكليلة الغاضّة عن العيوب، لا عين السخط التي تتتبّع العورات، وتتسقّط الزلات، وهذه السياسة التي تجعلنا نمتلك زمام الأمور. @zainabalmahmoud
قد يتساءل البعض عن العلاقة التي تجمع مفردة الربّ بما يضاف إليها، وهل يبقى معناها وفق ما هو في سياقها الديني واللغوي؟ حقيقة، لكلمة الربّ خارج معناها الإلهي معانٍ مختلفة، يحدّدها السياق وما يرتبط به...
في هذه الأيام، يتوسل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها باسم الله الغالب؛ ليرد عنهم كيد الكائدين، وغيظ المعتدين، وكل حقد ظاهر ودفين. فالأمة منذ حين تمر بمخاض القيام والانتفاض، ولهذا القيام تكاليفه الوافية من الخوف...
كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...
لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...
كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...
كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...
إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...
لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...
مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...
هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...
معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...
لا شكَّ في أنّ مَن يقرأ كلمة «خليفة» أو يسمعها، يتذكر قول الله تعالى: ﴿وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَاـئِكَةِ إِنِّی جَاعِل فِی الأرض خَلِیفَة ﴾ [البقرة: 30]، وكذلك يتذكر منصب الخلافة في الإسلام. لكن هل حاول...