


عدد المقالات 329
مع إشراقة يوم جديد، أَدخل مقرّ العمل فإذا به يقرأ الصحيفة اليومية وبيده كوب الشاي، ينظر بنظرة فيها من المعاني ما يجعلك تقول: (الله يستر ويعدي اليوم بسلام). إنّه زميل عملٍ ترى الدنيا من خلاله كأنّها لوحةٌ صمّاء لا فيها رونق ولا حياة. أَلتقط أنفاسي وأذهب لأبدأ مغامرة اليوم معه، فأقول: الجوُّ جميلٌ اليوم، فيردُّ: كاد أن يخنقنا بالأمس، فأذكر له نجاحاً باهراً، فيذكّرني بالفشل الذريع، وأصف له جمال الحياة وبهاءها فيجيب بكل يأس: لم يعد للحياة طعمٌ. أَتأمّل فيه فأتعجَّب من طبعه، فهو صعب المراس، لا يرتاح له بال إذا لم يقلب الوضع سلباً وضجراً، فكلُّ شيءٍ لديه بالضدِّ أَفضل، كم هذا مؤسفٌ!! إذا ذكرت له شخصاً بالخير، قابلك بذكر شرّه، وإذا شجّعتَه على أمرٍ طيِّبٍ، توقّعَ فشله. إذا أَخبرتَه عن موقفٍ أَليمٍ، ألقى اللوم عليك وزادك ألماً. كلّما حاورته، شعرت بخسرانك للحوار. التشاؤم ديدنه واليأس شعاره والإحباط عنوانه، والتوقُّعات السلبية أوّل شيءٍ يتبادر لذهنه. مثل هؤلاء تعوّدوا أن يكونوا بهذه السلبيّة وبهذه المنهجيّة المقيتة، واعتقدوا أنّ هذا هو التصوُّر الصحيح للحياة، وأنّ خبرته الذاتية جعلته بهذا الأسلوب الذي يظنّه جيداً ونافعاً سيوصله للرأي الصواب، جاهلاً حقيقةً مفادها أنّ مئات الخلايا في جسمه تموت بسبب سلبيته عدا عن ضعف جهاز المناعة لديه، مع اقتحام الشيب والهرم له مبكِّراً، حيث يصبح أقلّ قدرةً على خوض غمار الحياة واستيعاب مجرياتها ومتطلباتها، وما يعتريها من تقلباتٍ قد يحتاج الشخص معها أن يكون صاحب ذاتٍ قويّةٍ وثابتةٍ ومتفائلةٍ، يستطيع من خلالها مواجهة العراقيل التي تحول بينه وبين تحقيق المرام وبلوغ الغاية. هاك مني رسالةً، من القلب إلى القلب: (وسّع خاطرك)، فالدنيا طيّبةً، خُلقَتْ ليكون أهلُها طيّبين ليدخلوا الجنة خالدين، (طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِيْنَ)، فالجنّة طيبة تستقبل الطيبين. وكم هو جميلٌ أن يذكرك النّاس ويذكروا مواقفك وهم يتنفسون الصُّعداء، يستبشرون بذكرك ويدعون لك بالخير في حياتك وبعد مماتك، وكم هو رائعٌ أن تكون ذلك الإنسان الذي بمجرّد ذكره تنبلج الأَسارير وتزداد الروح سكينةً، والنفسُ حيويّةً، ويرتفع منسوب الدعم النفسيّ لمواجهة العقبات مهما كان نوعها. وأذكُر هنا قول الشاعر أبو الفتح: كُنْ ريِّق البشر إنّ الحرَّ همَّته صحيفة وعليها البشر عنوان فبتوسيع خاطرك، تكون كما الغيث للأرض الجدباء، كما القناديل في الليلة الظلماء، كما البدر في كبد السماء، وأخيراُ أقول لك: وسّع خاطرك.
قد يتساءل البعض عن العلاقة التي تجمع مفردة الربّ بما يضاف إليها، وهل يبقى معناها وفق ما هو في سياقها الديني واللغوي؟ حقيقة، لكلمة الربّ خارج معناها الإلهي معانٍ مختلفة، يحدّدها السياق وما يرتبط به...
في هذه الأيام، يتوسل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها باسم الله الغالب؛ ليرد عنهم كيد الكائدين، وغيظ المعتدين، وكل حقد ظاهر ودفين. فالأمة منذ حين تمر بمخاض القيام والانتفاض، ولهذا القيام تكاليفه الوافية من الخوف...
كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...
لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...
كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...
كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...
إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...
لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...
مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...
هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...
معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...
لا شكَّ في أنّ مَن يقرأ كلمة «خليفة» أو يسمعها، يتذكر قول الله تعالى: ﴿وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَاـئِكَةِ إِنِّی جَاعِل فِی الأرض خَلِیفَة ﴾ [البقرة: 30]، وكذلك يتذكر منصب الخلافة في الإسلام. لكن هل حاول...