


عدد المقالات 52
يُحكى أن الخليفة هارون الرشيد -أقوى خلفاء الدولة العباسية آنذاك- أرسل إلى مالك بن أنس، سائلاً: هل تقبل أن تأتي إلى العراق لتعلم أولادي من علمك؟ فرد عليه مالك بن أنس: يا أمير المؤمنين أعزك الله، إن العلم خرج منكم، فإن أعززتموه يُعز، وإن أذللتموه يُذل. يا أمير المؤمنين.. العلم يُؤتى ولا يأتي! فلم يستطع الخليفة الغضب.. وقال: صدقت، فليخرج الأولاد إلى مالك. فاشترط مالك بن أنس ألا يتخطوا الرقاب وأن يجلسوا حيث انتهى بهم المجلس. الطريف أن هارون الرشيد أتى المدينة وأرسل إلى مالك أن يأتي إليه ليعلمه العلم، فأعاد مالك له نفس العبارة: العلم يُؤتى ولا يأتي. فقال هارون الرشيد: إذاً آتيك.. ولكن قل للناس أن ينصرفوا حتى أنتهي ثم يحضروا هم للدرس. فقال مالك: يا أمير المؤمنين، إن العلم إذا اختص به الخاصة دون العامة لم يستفد به لا الخاصة ولا العامة! فحضر هارون الرشيد للدرس، فأشار مالك لتلاميذه أن يجلس حيث انتهى المجلس، فقام حاشية الخليفة بإعطاء الخليفة كرسياً ليجلس عليه. بدأ مالك بن أنس الدرس قائلاً: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قال في حديث قدسي: من تواضع لي هكذا، وجعل ينزل بيده في الأرض رفعته هكذا، وجعل يرفع يده إلى السماء، ونظر إلى هارون الرشيد وتبسم. فقال هارون الرشيد لحاشيته: خذوا الكرسي وجلس ككل من يحضر الدرس. هذه هي آداب مجالس العلم، التواضع والتواد ومشاركة الآخرين في العلم لنيل الرفعة والسؤدد، تماماً كما يكون في مجالس المؤتمرات التي تغص بها الدوحة وتكون في ذروتها في نوفمبر من كل عام. مؤتمرات في كل الميادين السياسية العلمية الثقافية والإنسانية، الأمر الذي يجعل الدوحة في عرس معرفي، يتوافد إليه الناس من كل بقاع العالم للاستفادة بطرح الجديد وتبادل الخبرة مع نظرائهم باختلاف ألسنتهم. ويبقى ما يدور في قاعات المؤتمرات مجهولاً بالنسبة لعامة الناس إلا من تغطية إعلامية تنشر عبر الصحف المحلية أو تذاع في الوسائل الإعلامية، ولكن ليس من قرأ وسمع كمن رأى! فقد استوقفني هذا الكم الهائل من المؤتمرات وكم الرُحل الآتين من قريب وبعيد لحضورها، في حين أن لا ذكر لها عند عامة الناس في الدوحة أو حتى المثقفين، فأحببت أن أخوض غمار التجربة وآتي مع الآتين لأرى ماذا يطرح في هذه المؤتمرات، فوجدت في الجريدة الإعلان عن مؤتمرين أحدها المؤتمر العاشر للرابطة الدولية لدراسات اللهجات العربية يقام بثلاث لغات: عربية وإنجليزية وفرنسية! فيممت صوب الجامعة بعد الخروج من العمل، ولحقت بآخر جلسة كانت بعنوان مفاده: اللهجات العربية في آسيا الوسطى! ياااااه الله يرحم أيامك يا درس التاريخ.. لم أسمع بآسيا الوسطى منذ زمن! كان الحديث عن اللهجات العربية المنتشرة في مدينة بخارى ومدينة أخرى في جمهورية أوزبكستان اليوم، وعن الهجرات العربية القديمة إلى أوزبكستان وأثرها على طبيعة العلاقات بين أهالي هاتين المدينتين الذين يتكلمون بلهجات عربية تكوّنت ضمن لغتهم الأم، ولكنهم لا يفهمون تراكيب الجمل العربية، فهناك اختلاف بين اللهجات العربية في المدينتين رغم أنهم يرددون التعابير الدارجة لدينا: «أنا بروحي» أنا «مادري» وبنفس النطق الخليجي لها وغيرهما الكثير! كانت جلسة رائعة ماتعة.. تجلت ثقافة دولة ومدن خرج منها سادة علماء التاريخ لله درهم: البخاري والترمذي والنسائي والبيروني والزمخشري، كان الحديث عن بخارى التي نكاد نجهل مكانها في أي دولة تقع في عصرنا الحاضر، ونحن كل يوم نكرر حديث صححه البخاري! المؤتمر كان للحفاظ على اللهجات العربية ودراستها، والغريب أن كل الحضور كانوا من الأجانب غير الناطقين بالعربية إلا من 10 تقريباً من العرب، و3 من القطريين فقد يكونون من المتخصصين في اللغة، وقد ذهبت مستمعة لا ناقة لي ولا جمل. الشاهد.. إن عقد هذه المؤتمرات يحمل في بواطنه من الخير الكثير، وهي فرصة عظيمة للتعلم واكتساب المعرفة من مختلف مصادرها للمتخصصين وغير المتخصصين، حيث إن الحضور المباشر يبدد الكثير من الحواجز المعرفية والنفسية مع الآخرين ويكسب بعداً ثقافياً ممتداً إلى ثقافات ودول أخرى، كما أنه يعلم كيف هي مجالس العلم والعلماء، وكيف يكون حسن الاستماع والإنصات ومتى يكون الاستفسار والسؤال، هذا فضلاً عن أن مثل هذه المجالس فرصة طيبة للتعارف وتكوين العلاقات على مختلف حاجاتها.. شخصية.. علمية.. عملية.. بين الجلسات.. في وقت الاستراحة يبحث هؤلاء العلماء الرحل الآتون من بلدان بعيدة عن المواطن القطري للتعرف عليه وعلى ملامحه ولباسه وثقافته.. نراهم يتلفتون يبحثون عنه بشكل صريح جلي.. يسألون ويرددون هل أنت قطري؟ هل أنت من سكان هذه البلاد؟ وقد فاتنا أنهم في بلادنا ويجب أن نقدم لهم كرم الضيافة وحسن الوفادة على الأقل في مجالستهم والتسامر معهم كما هي عادة العرب في حفاوة ترحيبهم بالضيوف، فكيف إذا كانوا عابري سبيل علماء ومتعلمين.. فلعل ترق قلوبهم وتدق طبولها حباً في العرب ومن ثم الإسلام! إن حضور الإنسان العادي لجلسات المؤتمرات تكسب المواطن القطري بعداً بما يجري على ساحة قطر، وتتيح له تكوين رأي ذي بصيرة قد يؤثر على الرأي العام إن كان مطلعاً عن كثب.. ولكن للأسف تخلو هذه المجالس من القطريين.. رغم أن كل الأبواب مفتوحة ولا رسوم فروضة.. فهل أعززنا العلم بالحضور يا أهل قطر وجعلناه شريفاً مجاباً؟
دأبت الأستاذة تينا سليغ في محاضراتها بجامعة ستانفورد الأميركية على تخصيص أسبوع لتعليم الطلبة معنى العصامية تطبيقياً، منها هذه المهمة التي تسألهم فيها: كم ستربح من المال لو أعطوك 5 دولارات وساعتين من نهار؟ حيث...
أيام قليلة وينادينا اليوم الرياضي لِنتلحلح! نعم نتلحلح* ونتزحزح عن أماكننا ونمارس الرياضة في كل مكان: البيت، النادي، الحدائق العامة. سوف تُقرع طبول الاحتفال باليوم الرياضي، وكأنما هذه الطبول تقرع بتدفق دماء الصحة والعافية في...
هل تذكرون عائلة سبوق؟ لقد كانت عائلة رياضية تتكون من سبوق وزكريتي وتمبكي وفريحة وترينة، استوحاهم الفنان القطري أحمد المعاضيد من البيئة القطرية لتكون شعاراً لبطولة كأس آسيا التي أقيمت في الدوحة عام 2011م. لقد...
في أحد أركان مقهى أحد المجمعات التجارية هناك رجل مسن يقعد ساكناً على كرسيه لا ينطق ببنت شفه حتى مع سائقه الذي يصحبه، يزور هذا الركن يومياً يحتسي قهوته، ويتفرج على المارة، علّ تلك الفرجة...
في مقابلة تلفزيونية سُئِل عالم الفضاء العربي فاروق الباز عن رسالة يوجهها للمرأة العربية فنصحها بأن لا تلتفت للمشككين والمحبطين والمنتقدين لقدراتها مهما كانوا، وبأن تتقن عملها سواء كان في إعداد الطعام أو أعمالها الأخرى،...
لطالما جذبتني أكشاك الورد المتناثرة في كل الطرقات أثناء السياحة في الخارج، وكم تمنيت أن يكون لدينا أكشاك للزهور في الطرقات العامة والفرعية لجمالها، وليسهل اقتناؤها ونحن ذاهبون أو آيبون، حيث إن مجرد الوقوف عندها...
يقال إن أحسن لحظة للتخطيط للحياة كانت منذ 20 سنة، والآن! ونحن على أعتاب العام الجديد 2015 هل تتخيل نفسك بعد 20 عاماً من الآن؟!.. أي في عام 2035م! قد يكون للوهلة الأولى هذا السؤال...
عشنا في الأسبوع الماضي أجواء احتفالية رائعة، بلغت فيها الروح الوطنية ذروتها، التف فيها الشعب حول القائد، فأصبحوا لحمة واحدة، لا نسطيع التفريق بينهما من هو الشعب ومن هو القائد! فالحمد لله على ما وهبنا....
بدأت احتفالات البلاد بالذكرى 136 لمؤسس الدولة الشيخ جاسم بن محمد -رحمه الله وطيب ثراه- الذي تولى مقاليد الحكم في البلاد، وقادها نحو الوحدة، وذاد عنها وعن استقلالها التام، وأثبت وجودها على الخريطة السياسية للعالم....
أثارت صورة وزير التجارة والصناعة السعودي التي انتشرت الأسبوع الماضي أثناء جلوسه في أحد صالونات الحلاقة وهو يعبث بجواله غير آبه بمن حوله إعجاب مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، وانهالت التعليقات الشاكرة المباركة للوزير هذا الصنيع،...
بطبعي لست غيورة ولكن تعتريني غيرة لا تضاهى وفضول لا يقارن من مشاهدة كل شخص يقرأ في مكان عام، حديقة، كورنيش، أو سيارة وحتى في بعض المحلات! وأراها غيرة إيجابية تحفزني للقراءة والاقتداء بهؤلاء، حيث...
يطرح الانتظار في حياة الناس قسراً، كيف لا وهو المستقبل بعيداً كان أم قريباً، وتتبدل أوضاعه بين متأهب ومتمهل أو متربص ومترقب. يأتي الانتظار للطفل الجائع على شكل بكاء وعويل وألم لا يحتمل التأجيل، بينما...