alsharq

د. زينب المحمود

عدد المقالات 329

أنت غريب

17 يوليو 2016 , 04:16ص

تتردد هذه العبارة على ألسنتنا عندما يرى الواحد منّا الآخر مختلفاً، وقد تطلق عند الإعجاب، أو الاستغراب، أو الاستنكار، أو الاستهزاء. على أيّ حالٍ؛ كثيرٌ منّا يلقي باللوم على غيره عند خطئه رغم أنّ الخطأ ديدنه ومنهج حياته. فمثلاً نراه في ضجيج الغفلة، والعزوف عن الدّين، دائمَ اللّعن واليأس تجاه الحياة، وأنّ الخير فيها معدوم، قد يكون لديه من تجارب الحياة وعثراتها ما يجبره على القول بانعدام الصلاح، وانتشار الفساد، وغياب عهد السلف الصالح، وقد يصل به الأمر أن يعاتب الدولة ويضيق ذرعاً بقوانينها، ويرى خطأ غيره وزلّته كارثةً وداهيةً، مع أنّ الخطأ ينبع منه وهو جزء متأصِّل في أقواله وأفعاله، زد على ذلك شكّه في كلّ شيءٍ ومبالغته فيه لدرجةٍ تجعله يخسر الكثير والوفير. سبحان الله؛ مثل هذا الآدميّ لا يدري بل يجهل أنّ صلاح الأمر متبلورٌ في صلاح الذات والنفس، فقد يوهم نفسه بتغافل الواقع والهروب منه ببعض الممارسات التي تضره ولا تنفعه متذرّعًا بمواجهة واقعه المؤسف. وأقبـح شيءٍ أن يرى المرءُ نفسـه رفيعاً وعند العالمـين وضيــع يا غريبُ، يا مخلوقًا ساق الله فيك الخير وجعلك خليفته في أرضه وصاحب عمارتها، ابدأ بنفسك ودع عنك هراء أفكارك ومعتقداتك التي لن توصلك إلى شط الأمان، بل ستظلُّ غارقًا تائها حتى تنتهي حياتك وغيرك سابق لك قد نال الفلاح في الدّارين. وخير شاهد على ذلك حديث أبي عمرٍو الثقفيّ -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله، قلْ لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحدًا غيرَك، قال: (قل آمنت بالله، ثمّ استقم). فإذا ذاق الإنسان حلاوة الإيمان ولذّته، وتمكنت جذوره في قلبه، استطاع أن يثبُت على الحقِّ، حتى يلقى ربّه وهو راضٍ عنه، ثم إن ذلك الإيمان يثمر له العمل الصالح، فلا إيمان بلا عمل، كما أنّه لا ثمر بلا شجر. كن غريباً ولكن كما قال الرسول -عليه السلام-: «كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل». فغربة المؤمن تقتضي منه التمسّك بالدين، وإن فَسُدَ الناس، فصاحب الاستقامة له هدفٌ يصبو إليه، والذنب لا يوقف مسيرَه ما دامت هناك علاقةٌ وطيدةٌ بينه وبين خالقه. أنا وأنت ونحن (جميعاً) ما دمنا نعيش ونتنفّس، فلنحيا حياةً طيبةً، فما زالت هناك فرصٌ أفضلُ، وما زالت هناك حكاياتٌ جميلةٌ تنتظرنا.

ربُّ القوافي

قد يتساءل البعض عن العلاقة التي تجمع مفردة الربّ بما يضاف إليها، وهل يبقى معناها وفق ما هو في سياقها الديني واللغوي؟ حقيقة، لكلمة الربّ خارج معناها الإلهي معانٍ مختلفة، يحدّدها السياق وما يرتبط به...

غالبٌ على أَمْرِهِ

في هذه الأيام، يتوسل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها باسم الله الغالب؛ ليرد عنهم كيد الكائدين، وغيظ المعتدين، وكل حقد ظاهر ودفين. فالأمة منذ حين تمر بمخاض القيام والانتفاض، ولهذا القيام تكاليفه الوافية من الخوف...

أَبصر به وأَسمع

كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...

مفتاح النصر

لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...

كمال الستر

كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...

رغم المكر.. قطر ستبقى حرة

كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...

كمال غناه

إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...

الحقُّ أحقُّ أن يُتّبع

لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...

إِلهٌ حميد

مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...

لربنا حامدون

هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...

لا تقنطوا...

معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...

خليفة

لا شكَّ في أنّ مَن يقرأ كلمة «خليفة» أو يسمعها، يتذكر قول الله تعالى: ﴿وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَاـئِكَةِ إِنِّی جَاعِل فِی الأرض خَلِیفَة ﴾ [البقرة: 30]، وكذلك يتذكر منصب الخلافة في الإسلام. لكن هل حاول...