عدد المقالات 322
في الإسلام كنوز ونفائس عظيمة، دعانا الله إليها في كتابه من دون أن يفرط بشيء منها ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْ﴾، وأوصى بها نبيّه الكريم الذي نقلها إلينا بكل إخلاص وأمانة وحبّ. وبلوغ هذه الكنوز، يكون باتباع طريق الحق ومناكبه، والابتعاد عن طريق الباطل وسبله. ومن هذه الكنوز والنفائس الربانيّة، تقديس كلمة الحق، التي تعدّ ميزانًا توزن به رجولة المسلم وصدقه، فقد كان عليه السلام يقدِّس الكلمة التي يقول، ويحترم الكلمة التي يسمع، فيزنها بميزان العدل، ثم يُوجب تنفيذها، بوصفها وعدًا، حتى لا تذهب هباءً مع اللغو الضائع. كما أنّ صدق الوعد وسدادَه خلةٌ نافعةٌ محمودةٌ، لا تافهة مهملة، ذكرها الله في مناقب النبوة، حين قال: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا﴾. وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾. وقد كان رسول الله عليه السلام يحدث حديثًا لو عدّه العادّون لأحصوه في سيرته الشريفة، ولرأوه رأي العين والعقل، لذا كم من الحوارات المختلفة التي تدور في فلك حياتنا تحتاج إلى (فلترة)؟ وكم منها ما يجب أن يضبط ويوزن؛ حتى لا يفتح للشيطان مداخلَ تثير العداوة والبغضاء؟ فحرْصُ الشيطانِ على إغوائنا وإضلالنا شديدٌ، ليس له حدٌّ، فإن عجز عن جعلنا عبيدَ أصنامٍ وأوثانٍ وطواغيت، فإنه سيحرص على التفريق بيننا وبين ربنا وأوامره، والمباعدة بيننا وبين حقوقنا ومسؤولياتنا وواجباتنا، وسيسعى إلى إشعال فتيل العداوة في نفوس العباد، بوسوسةٍ ولغوٍ، فإن تمّ له ذلك، وجدَ متعته وحقَّق مأربه القائم على هدم علاقة الناس بربهم وببعضم، والنيل من فضائلهم، والحط من قدرهم في عيون بعضهم. ثمّ إنَّ سلامةَ القلبِ معينٌ لا ينضب للنشاط الموصول، والحماسة المدّخرة، وتحمل الصعاب، ومواجهة التحديات، بل هي سائقٌ حثيثٌ يدفع المسلم إلى الشوق واللهفة لفعل الخيرات، وترك المنكرات. والمؤمن الحق لا يكترث بأمر لا يستند إلى دين الله، رغم ملاقاته في معترك الحياة عنتًا ونصبًا، بَيْدَ أنّه لن يخشى لومة لائمٍ، بل سيمضي إلى غايته بعزم وثقة. ولا يخفى علينا أنّ الإسلام - في منهج تربيته للأفراد والجماعات - قائمٌ على القسط والوسطية، لذا يكره أن تعالج الغرائزُ بالكبتِ العنيفِ، وأنْ تتملَّقَ بالإسرافِ البالغِ. فشرعَ بديلًا من ذلك منهجًا وسطًا لا إفراط فيه ولا تفريط، يضبط الغرائز النزِقة، ويقوّم اعوجاجها. وإن الخلق القويم الذي لا تزيفه رغبة ولا رهبة، كنزٌ ثمين، وهو سياج يقينا من الوقوع في شَرْك الشيطان ومكائده. كذلك، فإن حرص الإنسان على التزام الحق، والعمل به، سيكون بردًا وسلامًا على قلبه وروحه وفكره. وما أعظم نفيسة «الفضيلة التي لا تتجزأ» والتي نكون بموجبها كرامًا أعزة في كل مكان وزمان نحياه، لا متقلبين نميل مع الهوى حيث يميل، ولا كرامًا مع قوم ولئامًا مع آخرين. فالفضيلة المطلوبة هي ما تتصف بالثبات والمداومة من دون تفرقة أو شطط. وأخيرًا، إنّ الزيغ عن تلك الكنوز والنفائس، لا بديل منه سوى الحقد الذي هو نبتُ سوءٍ إن نما في القلب وتجذر فيه، وتفرعت أشواكه، شلَّ زهراتِ المحبةِ الغضّة، وأذْوى ما توحي به من حنان وأمن. وعنذئذٍ لا يكون للعبادات طعمٌ، وستوصد أمامكم كلُّ أبواب الخير والعطاء، وستوغر صدوركم بِهَمٍّ وإثمٍ، وذنبٍ وسوءٍ، ونحن جميعًا والله في غنى عن ذلك كلّه. فخذوا بالكنوز والنفائس واغمروا بها كيانكم وفكركم، وحينها سيصلِحُ الله بالكم، وفي الآخرة، يدخلكم الجنّة عرفها لكم. @zainabalmahmoud @zalmahmoud@outlook.com
لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...
مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...
هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...
معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...
لا شكَّ في أنّ مَن يقرأ كلمة «خليفة» أو يسمعها، يتذكر قول الله تعالى: ﴿وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَاـئِكَةِ إِنِّی جَاعِل فِی الأرض خَلِیفَة ﴾ [البقرة: 30]، وكذلك يتذكر منصب الخلافة في الإسلام. لكن هل حاول...
كان إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي - رحمه الله - أكثر الناس تداولًا وتناولًا لاسم الله الحق، وكان إذا أراد استحضار آية كريمة وإدراجها في سياق تفسيره العرفاني النوراني المعروف بالخواطر، قال: «يقول الحق...
إنّ أسماء الله تعالى ماثلة في أفعاله، وظاهرة في مشيئته، ولكن لا يمكن أن يدرك ذلك إلا مؤمن بالله، وجودًا، وتحكُّمًا، وتسييرًا لكون لا يعلم كنهه إلا خالقه جلّ في علاه، ومن بديع أفعاله الماثلة...
إنَّ خيرَ بداية نتفقّه فيها بالنصر، أن نتذكّر أن الناصر اسم من أسماء الله، وهو اسم كريم متاخم وملازم لاسم الغالب، والنصرة من الله هي تعدية الغَلبة لفريق، فيقهر فريقًا آخر ويغلبه، وهي العون والمدد،...
إنّ اللغة العربية لغة غنية بمعانيها ومبانيها، وإنّ سبر أغوار معانيها لا يناله إلا متبصر واعٍ، حصيف فصيح، وهذا ما جعل القرآن الكريم الذي نزل بلسان عربيّ مبين، بليغًا غزيرًا في دلالاته، معجزًا في بيانه....
كثيرٌ من الخلق يعتقد أن الرزق يأتي بسبب ذكاء المرء ودهائه، فهل هذا الاعتقاد صحيح؟ وهل الغنى حكر على الأذكياء من الناس؟ في الحقيقة، لا دخل لذكاء ولا غباء في قبض الأرزاق وبسطها، فهي من...
تُشْتَقُ كَلِمَةُ الحِكْمَةِ مِنْ الجَذْرِ «حَكَمَ» الذي يَقْتَضِي مَعْنى الْمَنْعَ، وَبِهِ قَالَ عُلَمَاءُ اللُّغَةِ وَسَاقُوا عَلَيْهِ الأَدِلَّةَ وَالْبَرَاهِينَ مِنْ دَوَاوِينِ الأَوَّلِينَ، أَصْحَابِ اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ الْمُبِينِ، ثُمَّ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى الأَوَّلِيِّ تَتَفَرَّعُ بَقِيَّةُ الْمَعَانِي، فَتَتَغَيَّرُ وَتَتَحَوَّرُ،...
معلوم أنّ لله عزّ وجل صفات وأسماء له فيها الفردانية المطلقة، إذ لا يمكن أن تنسب إلى مخلوق من مخلوقاته في معناها الاصطلاحي، ومنها لفظا الخالق والخلّاق بالتعريف. لكن هناك بعض أسمائه ما يشتق منها...