alsharq

د. زينب المحمود

عدد المقالات 330

(إلا كرامتي ...!)

11 سبتمبر 2023 , 01:05ص

موضوع مهمٌ ومعانٍ أهمُّ، سأطرحها لكم، ولكم القرار والرأي في نهاية مقالي، فموضوع الكرامة بات سجلًّا يجلب الصراعات في واقعنا الراهن، فكم من العلاقات تلاشت؟ وكم من الناس تفرقت؟ وكثير منهم عاش حزنًا وقهرًا بسبب ما يكرره من جُمل: (إلا كرامتي)، (كبريائي) (عزة نفسي) وهذه جملٌ تقال اليوم في غير موضعها. فلم يعد البشر يفقهون علم الكرامة وعزة النفس، بل للأسف يتعاملون مع ذواتهم بسوء منطق، وبعقلانية غير موجَّهة. فعلى سبيل المثال: هل بين الزوجين كرامة؟ وهل بين الأبناء ووالديهم كبرياء؟ وهل في لغة الحياة القائمة على الود والمسؤولية عزة نفس؟ والله لقد تفرَّق الناس، وتدمَّرت العلاقات وخربت البيوت، وخسرت خسائر فادحة في المواقف الإنسانية، بسبب أفكار عقيمة تؤدي إلى طريق شائك ومسدود. فما رأيكم بجملة يرددها كثير من الناس: ما دمتَ تريد العيشَ بكرامتكَ، فلتكن جبارًا عصيًّا، وعزة النفس نقطة ينتهي معها أَلف صديق، وتخسر فيها كل علاقة. من أين جئنا بهذا الفكر وهذه القناعات المعلَّبةِ التي باتت تسلبنا الاستقرار والاستمرار والتي أفقدت إنسان اليوم مبناه ومعناه؟ لحظة، من فضلك؛ فكِّر قليلًا في علاقة زوجين قامت بدستور إِلهي محكم، قوامها المودة والرحمة والستر والحصانة، وتغمرها العشرة والتسامح، فكل واحد منهما سكنٌ للآخر وسند ومدد، فلو احتدم بينهما صراعٌ، وربما خصام في أمر ما - وهذا طبيعي - هل من المنطق أن يقول أحدهما: «إلا كرامتي ... «؟ أيُّ كرامة تنشدانها وأنتما قريبان، بينكما عقد مقدَّس؟ فكرامتكما محفوظة بحفظ الله، ومحفوفة بالحلال الطيب. العثرات واردة، والمشاكل تحصل، ولا بدَّ للحياة من مدٍّ وجزر، وشدٍّ وجذب، ولكنَّ سموَّ النفسِ وعزَّتَها وكرامتها يكمن في الوصول إلى حلٍّ يرضي الطرفين ويجبر خاطرهما. فلو وضعنا «الكرامة» في غير موضعها، وحكّمناها في أمورنا، لما بقي على وجه الأرض حياة يحياها الناس بطيب الأنفس وعمق الشعور، بل مثل هذه القناعة تجاه عزة النفس وسموِّ الذات، قناعة في غير محلها، وهي شبح يطاردك يا صاحب الكرامة! وكابوس يقلقك، ويدخلك في دائرة الكبرياء والغطرسة التي قد تُميت قلبك وأنت حيٌّ ينبض قلبك، باحثًا عن مأوًى يسوده الغمُّ والقهرُ والثأرُ لنفسك. يا لها من تجارة خاسرة! وقيم ساخرة! ومشاعر كاسرة! تمسّ كيانك، فيستحوذ عليك الشيطان محققًا خطواته. فهذا من صنيعه، وليس في ذلك حكمةٌ وحنكةٌ، كما تظن، وليس في ذلك قوةٌ وشخصيةٌ، كما تزعم، ولا سيما أنّك تخوض معركة أشعلتها بيدك، وتشرب من كأس لن يرويك سوى علقمٍ تتجرعه، ولن يجلب لك غيرَ العواقب الوخيمة. لم أجد من ينشد الكرامة الزائفة قد ربح معركة يومًا، ولا كسب موقفًا، أو نال شرفًا، بل رأيته – في كلِّ مرة - يغرق في وحل أفكاره، ويجيش صدره همًّا وحزنًا. وأخيرًا أقول لك: «الكرامة الحقيقة» لا تكون في مثل هذه المواطن، بل في دفاع عن دين يهان، ووطن مسلوب، وفي ذود عن شرفٍ رفيع، وعرض مصون ... ففي مثل هذه المواقف شمِّر عن ساعديك، وأيقظ عزة نفسك، وكبرياءك، وناضل وكافح من أجل استردادها والحفاظ عليها. لا تسمع المرجفين، ولا تمشِ مع الركب في قيل وقال، فالناس قد أوهمتهم القناعات الرخيصة، فلا تكن إمَّعةً، وكن ممّن يسعى ليربح أعظم جائزة، هي جائزة الحياة الكريمة العامرة بجمال النفوس، وطب القلوب، واحتفظ بذاتك وبمن حولك، ولا تضع القيم في غير موضعها. حينها ستهنأ، وستقرّ عينك، وسيصلح بالك. فكرامتك محفوظة، وعرشُ كبريائك نيل رضا الله، والاقتداء بسنة الحبيب، الذي ترك لنا علمًا ونورًا، وسيرة نقتفي أثرها في بيوتنا ومجالسنا وعلاقاتنا ومجتمعنا، فكن مقتديًا به كريمًا، تنل كرامة ورضا ونعيما. @zainabalmahmoud

بصر وبصيرة

ما أعدل الله في توزيعه نعمه! وما أعظم جبره خواطر عباده! ومن معالم ذلك وأمثلته؛ أنه جلّ وعلا نوّرنا بأمثلة من عالم الإنس، يرون بطريقة فريدة غير معهودة، وهم العميان الذين ولدوا بعيون مسلوبة الأنوار،...

ربُّ القوافي

قد يتساءل البعض عن العلاقة التي تجمع مفردة الربّ بما يضاف إليها، وهل يبقى معناها وفق ما هو في سياقها الديني واللغوي؟ حقيقة، لكلمة الربّ خارج معناها الإلهي معانٍ مختلفة، يحدّدها السياق وما يرتبط به...

غالبٌ على أَمْرِهِ

في هذه الأيام، يتوسل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها باسم الله الغالب؛ ليرد عنهم كيد الكائدين، وغيظ المعتدين، وكل حقد ظاهر ودفين. فالأمة منذ حين تمر بمخاض القيام والانتفاض، ولهذا القيام تكاليفه الوافية من الخوف...

أَبصر به وأَسمع

كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...

مفتاح النصر

لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...

كمال الستر

كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...

رغم المكر.. قطر ستبقى حرة

كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...

كمال غناه

إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...

الحقُّ أحقُّ أن يُتّبع

لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...

إِلهٌ حميد

مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...

لربنا حامدون

هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...

لا تقنطوا...

معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...