alsharq

د. زينب المحمود

عدد المقالات 327

كُنْ سنداً لنفسك

09 سبتمبر 2024 , 11:29م

عندما تصل مع أحدهم إلى درجة الصمت، لأنك تعرف نتيجة الحوار معه، فهذا يعني أنَّ الطريق مسدود، وأنك تألمت منه كثيرًا، ولم تعد تتأمل منه شيئًا مفيدًا، فأنت في هذه الحالة قد أرحت نفسك وأنفاسك، وتركت التعب الذي يعقبه الدخول في صراع شائك. وهذا منهج حياتيّ مهمّ يجب أن يتّبعه كل عاقل، عرف قدر نفسه، وأدرك حقيقة الآخرين، بسبب مخالطتهم ومعايشتهم ومحاورتهم ومجادلتهم. ومتى اجتمعت هذه الخلّة بالإيمان الصادق، عُدّ المرء ممن يتصف بصفات عباد الرحمن التي ذكرها الله في سورة الفرقان، وتحديدًا قوله تعالى: [وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا]، فسلامًا هنا تعني أنك قلت قولًا سديدًا، ولم تجد أُذنًا صاغية، ثم بعد ذلك، فإنك تطلب السلام من أذى الناس ومجادلتهم، فالأولى بك تركهم واعتزالهم. واعلم أنك إن نجحت في اتخاذ هذا القرار، فإنك ستجنِّب نفسك كثيرًا من الهمّ والكدر، وستستثمر وقتك في أمر مفيد. لذلك، دع عنك التفكير بتلك الآفات والسموم، وانطلق بصدر منشرح، ونفس مطمئنة وابتسامة صافية، فأنت تعيش بفضل الله وحده، لا بفضل الآخرين. كن لنفسك سندا فالجميع - إلا من رحم ربي – حكاية ستنتهي يومًا. وهذه سنة الكون، فنحن في طريق عابرٍ لا نعلم شيئًا عن تضاريسه، فقد يكون عامرًا بالخير والراحة، وقد يكون غابرًا بالشر والضيق. فاترك ما يجلب لك الشقاء، وسوء الحال، وكن نبيل الطبع، عزيز النفس. ولا تولج نفسك في محطة تعكِّر صفو لحظاتك. واحتفظ بأيامك من أجل قلبك الذي ينبض ويشعرك بحلاوة الأيام رغم مرارتها. ولا تشغل نفسك بمرارة الأشخاص الذين يفسدون حلاوة عمرك. فإن لم تجد طيبًا يزِدك طاقة، فلا تكمل فراغك بالعابرين البائسين؛ فأنت في غنى عنهم. وكما قالت العرب قديما: «درب ما يعز ممشاك اقْصِر خطاك عنه». من أجل ذلك، علينا بشكر الله وحمده على كل ما نعيشه، وعلى كل علاقة تربطنا ببني البشر؛ لأنها كلها خير، سواء أكانت بالسلب أو الإيجاب، فبالسلب نتعظ وبالإيجاب نسعد، فنصبر ونؤجر، ونُسرّ فنشكر. وإنّ في هذه العلاقات اختبارا فعّالا يبيّن لنا هشاشة علاقاتنا وسطحيتها، أو يظهر مدى قوتها وعمقها. لذا، لنكن على ثقة بأنّ كلًا منا يضع نفسه في الزاوية التي يستحقها، والتي تحدّدها تصرفاته. فلا تقبل بتصرفات لا تستحقها، ولا تهلك نفسك من أجل نتيجة تستتر خلف حجب الغيب، لأن في ذلك مهلكة، فالقطط، وإنْ كانت تعشق السمك، إلا أنها لا ترمي نفسها في البحر من أجل ذلك، فلا ترم بنفسك للمهلكة، وأعلم أنّ أغلب أوجاعك تبدأ عندما تتنازل أكثر من اللازم، ما يؤدي إلى تجاوز الآخرين الحدّ معك، وهذا يورثك حزنًا وهمًا وأرقًا. فراجع علاقاتك وسياساتك مع من حولك، واضبطها بميزان العقل الراجح، والقلب السليم، ومنهج الاستقامة الذي أمرنا الله به. وحينها، حتمًا سيطمئن قلبك، وتأنس روحك، وترضى عن الله، فيرضيك ويعطيك ويسعدك. @zainabalmahmoud @zalmahmoud@outlook.com

أَبصر به وأَسمع

كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...

مفتاح النصر

لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...

كمال الستر

كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...

رغم المكر.. قطر ستبقى حرة

كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...

كمال غناه

إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...

الحقُّ أحقُّ أن يُتّبع

لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...

إِلهٌ حميد

مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...

لربنا حامدون

هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...

لا تقنطوا...

معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...

خليفة

لا شكَّ في أنّ مَن يقرأ كلمة «خليفة» أو يسمعها، يتذكر قول الله تعالى: ﴿وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَاـئِكَةِ إِنِّی جَاعِل فِی الأرض خَلِیفَة ﴾ [البقرة: 30]، وكذلك يتذكر منصب الخلافة في الإسلام. لكن هل حاول...

ومضةٌ لغويةٌ: الحقّ

كان إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي - رحمه الله - أكثر الناس تداولًا وتناولًا لاسم الله الحق، وكان إذا أراد استحضار آية كريمة وإدراجها في سياق تفسيره العرفاني النوراني المعروف بالخواطر، قال: «يقول الحق...

قابضٌ باسط

إنّ أسماء الله تعالى ماثلة في أفعاله، وظاهرة في مشيئته، ولكن لا يمكن أن يدرك ذلك إلا مؤمن بالله، وجودًا، وتحكُّمًا، وتسييرًا لكون لا يعلم كنهه إلا خالقه جلّ في علاه، ومن بديع أفعاله الماثلة...