


عدد المقالات 329
هل تفكرتم يومًا في معنى اسم الله «المهيمن»؟ وهل دار في خَلَدِكم أن الهيمنة الإلهية هي التي تضبط قوانين الكون والحياة؟ نعم، إن اسم الله «المهيمن» يقتضي العلم بما في السماوات والأرض، والإحاطة بكل ما فيهما، فالهيمنة تعني الإحاطة، أو مرادفاتها التي لا تبلغ مداها، ولا تحاذي مستواها من حيث دلالتها ومعناها. يقول الله تعالى في سورة البروج: (بَلِ الّذِيْنَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيْبٍ وَاللهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيْطٌ)، ففي هذه الآيات وصف الحق إحاطته بالخلق، فمن اختار التكذيب فهو صائر إلى اليقين عما قريب، ومن راغ عن العبودية لله خلال فسحة عمره، فما هي إلا أن يتردى في حافرة قبره، وإنما العباد في مساحة ضئيلة من الاختيار قبل أن يصيروا إلى الاضطرار. وهو القائل سبحانه وتعالى:(نُمَتِّعُهُمْ قَلِيْلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ المَصِيرِ)، وإنما ترك الله لهم «الحبل على الغارب»، فليذهبوا ما شاؤوا من المذاهب، فمن اهتدى فقد افتدى، ومن استكبر وآثر الجحود فهو إلى الله مردود. فالله تعالى وصف إحاطته بالخلق أجمعين، وهذا جانب من جوانب الهيمنة، وهي للمؤمنين تسكين وطمأنة، وهي للمجرمين وعيد وتهديد، وقد يفلت المجرم الطاغية من القصاص في الدار الفانية، فيكون مرده إلى الدار الباقية. ولذلك لم يشأ ربنا جل وعلا القهر والقسر في الدنيا، ولو شاء لجعل الناس أمة واحدة، على قلب رجل واحد من التُّقى والطاعة والإنابة، ولكنه ابتلاء ليظهر كلُّ عبدٍ على حقيقته من الإعراض أو الاستجابة، وهنا نفضي إلى مرادف آخر من مرادفات الهيمنة نفاه الله عن نبيّه وصفيّه محمد - صلى الله عليه وسلم - فقال في أواخر سورة الغاشية: (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ). اذاً، لا مساومة على حرية الرأي، ولا نزع لملكة الاختيار، بل أراد ربنا لنا الإيمان طواعية، لا كراهية، ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم – عن أن يُعمل فيه السيطرة، فيفقده مضمونه وجوهره، ولذلك كانت مشروعية القتال لا لحمل الناس حملًا على الإيمان، وإذا خضعت القوالب فمن يدري بالقلوب غير علام الغيوب، ولذلك أراد الإيمان قرارًا وخيارًا نابعًا من داخل العبيد، لا صكًّا مفروضًا عليهم بالحديد والبأس الشديد. وللهيمنة مقومات وأركان، أهمها العلم المطلق، الذي لا تفوته شاردة ولا واردة، ولا تخفى عليه خافية ولا تخرج كبيرة ولا صغيرة عن نطاقه إلا وعاها وأحصاها، فمن أركان الهيمنة الحفظ أو الحفاظ، وأن تكون السلعة في يد قائم عليها قادر على صونها ومنعها كقدرته على صنعها. ومن أركان الهيمنة، أيضًا، الاستيلاء والغلبة، وأن يكون الأمر في حوزة التحكم وفي قبضة التملك، ولا طاقة للأنداد أن ينازعوه ولا أن ينتزعوه. وأخيرًا، فالتفكر في اسم الله المهيمن ضرورة إيمانية، تورثنا قوة وثقة بالله عزّ وجل، وتجعلنا نقبل عليه وحده طائعين مختارين، وإياه أمورنا مسلِّمين، ورحم الله الشاعر أبا العلاء المعري إذ يقول: إِذا كُنـــــــــــتَ بِاللَهِ المُهَيمِــــــــــــــــنِ واثِقًــــــــــــــــــــا فَسَلِّم إِلَيهِ الأَمرَ في اللَفظِ وَاللَحــــظِ يُدَبِّــــــــــــــــــــركَ خَــــــــــــــــــلّاقٌ يُديـــــــــــــــرُ مَقـــــــــــــادِرًا تُخَطّيكَ اِحسانَ الغَمَائِمِ أَو تُحظي @zainabalmahmoud @zalmahmoud@outlook.com
قد يتساءل البعض عن العلاقة التي تجمع مفردة الربّ بما يضاف إليها، وهل يبقى معناها وفق ما هو في سياقها الديني واللغوي؟ حقيقة، لكلمة الربّ خارج معناها الإلهي معانٍ مختلفة، يحدّدها السياق وما يرتبط به...
في هذه الأيام، يتوسل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها باسم الله الغالب؛ ليرد عنهم كيد الكائدين، وغيظ المعتدين، وكل حقد ظاهر ودفين. فالأمة منذ حين تمر بمخاض القيام والانتفاض، ولهذا القيام تكاليفه الوافية من الخوف...
كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...
لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...
كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...
كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...
إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...
لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...
مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...
هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...
معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...
لا شكَّ في أنّ مَن يقرأ كلمة «خليفة» أو يسمعها، يتذكر قول الله تعالى: ﴿وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَاـئِكَةِ إِنِّی جَاعِل فِی الأرض خَلِیفَة ﴾ [البقرة: 30]، وكذلك يتذكر منصب الخلافة في الإسلام. لكن هل حاول...