عدد المقالات 323
لله درّ من يفطن إلى أن سعادته تكمن في نفسه قبل فوات العمر وانقضاء الحياة الدنيا. ولله درّ إنسان يمضي قدماً من دون أن يلتفت إلى الوراء؛ حتى لا يعبس لتعليق أحدهم سلباً أو نقداً ليس في محله، أو غير ذلك. فمؤكد أن ذلك سيشدّ من أزره، ومن رباطة جأشه، ومؤكد أن طعم الحياة ولونها سيكونان أفضل، ما يجعله قادراً على مواجهة الصعاب، وتجاوز المشكلات، ومكابدة الأيام وحملها، وجديراً بالتعامل مع أصناف البشر ومشاربهم. وما أجمل أن ندرك مبكراً أن السعادة الحقيقية نابعة من أعماق أنفسنا لا من خارجها. من أجل ذلك، يجب أن نكون سنداً لأنفسنا ولذواتنا وليس للآخرين؛ فعندما نكون بخير وأمورنا طيبة، وقادرين على تجاوز العقبات وتحويل اللحظات المملة إلى لحظات ممتعة؛ فنحن هنا قد ملكنا أنفسنا وأصبحنا ملوكاً في هذه الحياة، ومن ثَم نكون لبنة جميلة إيجابية في بناء المجتمع. فكم من أزمة نحياها اليوم وسط زحمة الانشغالات، وكم بؤرة تعاسة وشقاء تتكون في نفوسنا لسبب مفاده عدم وجود شيء نفرح من أجله، ولا شيء يستدعي منا الاهتمام في هذه الدنيا الزائلة! إن ذلك ليس سوى هراء وباطل عشناه واعتقدناه، بل وصدَّقناه، فلا داعٍ لأفكار توقعنا في وحل الفشل، وفي دجى الكآبة، وغيبوبة الضيق والحنق. كفانا هلوسة حول البحث عن أناس بصفات وفق مقاسنا وأذواقنا وأهدافنا ومصالحنا. كفانا بحثاً عن أصدقاء رائعين، ننتظر، وننتظر، ونظن أنهم سيمنحوننا السعادة التي نرجوها، وما علمنا أي سعادة نريد، وكيف نريد؟ إن مفتاح السعادة الحقيقية هو أنت، ثم أنت، ثم أنت لا غيرك، ولا أحد سواك، ولن يستطيع بشر أن يسعدك مثل نفسك. صدقاً، جرِّب هذا الكلام، وسترى أنه عين الصواب، ما عليك سوى أن تمنح نفسك الفرصة. كم من اللحظات اليومية التي تمرّ بنا ونحن نسمع أحدهم يردد قائلاً: ملل... زهق... ضجر... أف... يوم ثقيل... لا يوجد شيء أفعله... كل شيء كئيب... إلخ. لو أخذنا صاحب هذه العبارات إلى قلب الطبيعة ولبّ الجمال فوق الجبال، ولو جبنا القارات وعبرنا المحيطات، فستظل هذه العبارات موجودة لا تفارق من ربط سعادته بالوجود وبالموجود. تذكر: «السعادة هي أنت. والسعادة فيك أنت».
إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...
لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...
مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...
هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...
معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...
لا شكَّ في أنّ مَن يقرأ كلمة «خليفة» أو يسمعها، يتذكر قول الله تعالى: ﴿وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَاـئِكَةِ إِنِّی جَاعِل فِی الأرض خَلِیفَة ﴾ [البقرة: 30]، وكذلك يتذكر منصب الخلافة في الإسلام. لكن هل حاول...
كان إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي - رحمه الله - أكثر الناس تداولًا وتناولًا لاسم الله الحق، وكان إذا أراد استحضار آية كريمة وإدراجها في سياق تفسيره العرفاني النوراني المعروف بالخواطر، قال: «يقول الحق...
إنّ أسماء الله تعالى ماثلة في أفعاله، وظاهرة في مشيئته، ولكن لا يمكن أن يدرك ذلك إلا مؤمن بالله، وجودًا، وتحكُّمًا، وتسييرًا لكون لا يعلم كنهه إلا خالقه جلّ في علاه، ومن بديع أفعاله الماثلة...
إنَّ خيرَ بداية نتفقّه فيها بالنصر، أن نتذكّر أن الناصر اسم من أسماء الله، وهو اسم كريم متاخم وملازم لاسم الغالب، والنصرة من الله هي تعدية الغَلبة لفريق، فيقهر فريقًا آخر ويغلبه، وهي العون والمدد،...
إنّ اللغة العربية لغة غنية بمعانيها ومبانيها، وإنّ سبر أغوار معانيها لا يناله إلا متبصر واعٍ، حصيف فصيح، وهذا ما جعل القرآن الكريم الذي نزل بلسان عربيّ مبين، بليغًا غزيرًا في دلالاته، معجزًا في بيانه....
كثيرٌ من الخلق يعتقد أن الرزق يأتي بسبب ذكاء المرء ودهائه، فهل هذا الاعتقاد صحيح؟ وهل الغنى حكر على الأذكياء من الناس؟ في الحقيقة، لا دخل لذكاء ولا غباء في قبض الأرزاق وبسطها، فهي من...
تُشْتَقُ كَلِمَةُ الحِكْمَةِ مِنْ الجَذْرِ «حَكَمَ» الذي يَقْتَضِي مَعْنى الْمَنْعَ، وَبِهِ قَالَ عُلَمَاءُ اللُّغَةِ وَسَاقُوا عَلَيْهِ الأَدِلَّةَ وَالْبَرَاهِينَ مِنْ دَوَاوِينِ الأَوَّلِينَ، أَصْحَابِ اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ الْمُبِينِ، ثُمَّ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى الأَوَّلِيِّ تَتَفَرَّعُ بَقِيَّةُ الْمَعَانِي، فَتَتَغَيَّرُ وَتَتَحَوَّرُ،...