عدد المقالات 323
نعم الله على عباده لا تحصى، وميادينها فسيحة لا تدرك، ففي هذه البيئة وهذه الدنيا التي نعيش فيها نعمٌ وافرة، فهلّا تفكرنا يومًا فيها؟ وهل تفكرنا يومًا في بثّ الله الدواب من موات؟ وهل نظرنا إلى الأنعام التي هي من النعم العظام التي جعلها الله لنا ركوبًا وزينة تسحر الأحداق، فقال سبحانه وتعالى فيها: «والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة»؟ وهل تفكرنا في الزروع والثمار والمواسم التي أغدق الله بها علينا، والتي قال تعالى فيها: «انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه»؟ وهل نظرنا إلى أنفسنا وولدنا ومالنا وما تفضّل به المولى علينا من وافر عطائه؟ ما أحوجنا إلى إعمال عقولنا وقلوبنا وأسماعنا وأبصارنا وضمائرنا في التفكر في ملكوت الله وما خصّنا به من النعم! وهنيئًا لمن أدرك تلك النعم وتفكّر فيها شكرًا وعبادة وتقربًا من واهبها. فقد كان بعض الأولياء والأصفياء يمشي في الكروم والبساتين لا من أجل قطاف الغلال، بل لتصفح جمالها وينعها. فالنظر إلى الأشجار والنعم وتأملها عبادة لله واهب النعم ومبدعها وخالقها. وللشاعر أبي تمام آبيات جميلة في التفكر في نعم الله وما أودعه في تلك النعم من جمال، فينقل لنا بهجة الربيع والربوع، وما ينفح عنها وما يضوع، وما لبست الأرض من حلاها، سبحان من كساها، قائلًا: يا صاحبي تقصيا نظريكمـا تريا وجوه الأرض كيف تَصـوّرُ تريا نهارا مشمسـا قـد شابـه زهر الربـا فكأنمـا هـو مقمر دُنيا معــاشٌ للورى حتى إذا جُلي الربيع فإنما هي منظـــرُ أضحت تصوغ بطونُها لظهورها نَورا تكاد له القلوب تنوّرُ مصفـرة محمــرة فكأنهـا عصبٌ تيمّنُ في الوغى وتمضّرُ من فاقع غض النبات كأنه در يشقق قبل ثم يزعفـر أو ساطع في حمرة فكأن ما يدنو إليه من الهواء معصفــــرُ صنعُ الذي لولا بدائع صنعه ما عاد أصفرَ بعد إذ هو أخضرُ أَجَل، تبارك المبدع الصانع، تبارك المغيث الزارع، تبارك من يعطي الأرض زينتها وزخرفها، ثم تصفرُّ ثم تكون حطامًا، لوحة بديعة صيغت بكلمات بليغة نابعة، عن نفس جميلة تقدّر أنعم الله سبحانه، لقد عمل أبو تمام بقوله تعالى «انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه»، وأطاع الله في التفكر والتأمل في الملكوت، فلم يسعه السكوت، بل تفجَّر من سحر البيان الحلال، ليصفَ لنا الدنيا التي تكون معاشًا حتى يأتي الربيع فتكون منتزهًا للسائحين، وكيف يخرج من بطن الأرض النسغ وماء الحياة، فيتحول إلى الزهر والنوار الذي ينور القلوب والأبصار، وكيف اكتست الأرض بأحمر الزهر وأصفره، فكانت كساحة المعركة التي يشتجر فيها جنود المضرية مع اليمانية، ولكل فريق لون مختلف من السوابغ والأقنعة والأمتعة. فكم هو جميل أن نتفكّر في أنعم الله، ويفيض القلب خشوعًا وإجلالًا له سبحانه وتعالى المنعم المتفضّل، فبالتفكّر نتقرب من الله، وبالقرب منه ندرك فضله وكرمه، وإن أدركنا، شكرناه على نعمائه، وإن شكرناه، زادنا من النعيم، وكَتبنا من الشاكرين، وهنيئًا للشاكرين بمنزلتهم العظيمة عند الله سبحانه وتعالى. @zainabalmahmoud @zalmahmoud@outlook.com
إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...
لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...
مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...
هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...
معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...
لا شكَّ في أنّ مَن يقرأ كلمة «خليفة» أو يسمعها، يتذكر قول الله تعالى: ﴿وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَاـئِكَةِ إِنِّی جَاعِل فِی الأرض خَلِیفَة ﴾ [البقرة: 30]، وكذلك يتذكر منصب الخلافة في الإسلام. لكن هل حاول...
كان إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي - رحمه الله - أكثر الناس تداولًا وتناولًا لاسم الله الحق، وكان إذا أراد استحضار آية كريمة وإدراجها في سياق تفسيره العرفاني النوراني المعروف بالخواطر، قال: «يقول الحق...
إنّ أسماء الله تعالى ماثلة في أفعاله، وظاهرة في مشيئته، ولكن لا يمكن أن يدرك ذلك إلا مؤمن بالله، وجودًا، وتحكُّمًا، وتسييرًا لكون لا يعلم كنهه إلا خالقه جلّ في علاه، ومن بديع أفعاله الماثلة...
إنَّ خيرَ بداية نتفقّه فيها بالنصر، أن نتذكّر أن الناصر اسم من أسماء الله، وهو اسم كريم متاخم وملازم لاسم الغالب، والنصرة من الله هي تعدية الغَلبة لفريق، فيقهر فريقًا آخر ويغلبه، وهي العون والمدد،...
إنّ اللغة العربية لغة غنية بمعانيها ومبانيها، وإنّ سبر أغوار معانيها لا يناله إلا متبصر واعٍ، حصيف فصيح، وهذا ما جعل القرآن الكريم الذي نزل بلسان عربيّ مبين، بليغًا غزيرًا في دلالاته، معجزًا في بيانه....
كثيرٌ من الخلق يعتقد أن الرزق يأتي بسبب ذكاء المرء ودهائه، فهل هذا الاعتقاد صحيح؟ وهل الغنى حكر على الأذكياء من الناس؟ في الحقيقة، لا دخل لذكاء ولا غباء في قبض الأرزاق وبسطها، فهي من...
تُشْتَقُ كَلِمَةُ الحِكْمَةِ مِنْ الجَذْرِ «حَكَمَ» الذي يَقْتَضِي مَعْنى الْمَنْعَ، وَبِهِ قَالَ عُلَمَاءُ اللُّغَةِ وَسَاقُوا عَلَيْهِ الأَدِلَّةَ وَالْبَرَاهِينَ مِنْ دَوَاوِينِ الأَوَّلِينَ، أَصْحَابِ اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ الْمُبِينِ، ثُمَّ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى الأَوَّلِيِّ تَتَفَرَّعُ بَقِيَّةُ الْمَعَانِي، فَتَتَغَيَّرُ وَتَتَحَوَّرُ،...