


عدد المقالات 331
هل يمكن أن يلتقي الضدان (المنع والعطاء)؟ وما صفات الفكر الذي يستطيع أن يعيَ التقاءهما؟ الإجابة: نعم يلتقيان. لكن كيف ذلك؟ إن التقاء المنع والعطاء في معناهما كامنٌ في فهم الحكمة الإلهية من خلقنا، ومن خلقه تعالى كلَّ ما يتواءم مع طبيعتنا وفطرتنا، ومن ثمّ، في ثقتنا بتقادير الله، وبأنّ كلّ تدبيره وتقديره خير لنا. إذًا، نقطة التقاء معنيي المنع والعطاء كامنة في الرضا بكل عطاء أو منع. في سياق تقليب معنيي المنع والعطاء في أفئدتنا، علينا أن نجعل شعارنا قول ابن عطاء في ذلك: «إذا فتح الله لك باب الفهم في المنع، أصبح المنع عين العطاء». وهذا القول يعني أنّنا إن فهمنا الحكمة الإلهية في المنع، فسيصبح هذا المنع هو العطاء؛ لظننا أن الله عزّ وجل لا يريد لنا إلا خيرًا، وأنّ في هذا المنع نفعًا لا نعلمُ حقيقته إلا إن شاء الله لنا ذلك. ويستحضرني هنا قول رَسول الله ﷺ في تسليم المؤمن لأمر الله ورضاه به، وأن هذا التسليم كلّه خيرٌ له: «عَجَبًا لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ». فما أجمل الشكر عند العطاء! وما أجمل الصبر عند المنع! إن صور المنع عديدة، نتعرّض لها كثيرًا في حياتنا، فكثير منّا، على سبيل المثال، ابتلي بمرض، وطال أمده، وتمنت نفسه العجولة شفاءً عاجلًا من هذا المرض، لكنّ الله في تقديره جعل لهذا المرض وقته، ليهذبك وليكسب جسمك مناعة، ونفسك تواضعًا ورضا، فتجد أن الله تعالى في اللحظة التي كشف عنك بها الغمّة، قوّم نفسك بالرضا وجمّلها بالصبر، فخرجتَ من مرضك أقوى وأصلب، وأقدر على المضيّ في حياتك بكل رضا، وتسليم، وثقة بتدبير الله، ويقينٍ بأن الله هو الواهب والمانع وكلّ ذلك عنده بقدر، ولحكمة. ولمنع الرزق حكمة من الله المعطي الذي لم يمنعك إلا لسبب يعلمه، فربما ليقربك منه، ولتسأله وترجوه، فيجبك في دنياك، أو يؤجل عطاءه إلى يوم العرض ليغفر لك. فكلُّ الأمر عطايا وهبات، وما علينا سوى الصبر والتفكُّر، والثقة بأن الله لطيف بعباده، ينظِّم أمورهم، ويقدّر أقواتهم وأقدارهم من حيث لا يعلمون أو يحتسبون، وفي كلّ الأحوال هي خير لهم، وإن بدا لهم غير ذلك. وصدق الله القائل: ﴿عَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾. وإنّ هذه الآية تمثّل في جوهرها عين الحقيقة. فلو تأملنا جلَّ أمورنا، لوجدنا أن الله قد أحاطنا برعايته، واحتوانا بعنايته وفق علمه هو، لا وفق رغباتنا، وعلمنا المحدود. وليس لك في هذه الحياة، بكل تجلياتها، سوى همسة في أعماق قلبك تقصد بها الرحمن الذي استوى على عرشه، والذي يسمع همسك، ويعلم ما يختلج صدرك، فارفع شكايتك إليه، واقصده في كلّ أمورك ثمّ اترك له التقدير، وارض بذلك. وأخيرًا، يا من غمرته المحن بسوادها، وتراكمت فوق كاهله الهموم، وتوالت عليه زفرات الحرمان، وعصفت بروحه أعاصير الابتلاء، تذكّر أن لك ربًا سميعًا بصيرًا، يربط على قلبك وعلى قلوبٍ أَضناها الانتظار، وأَرهقها الاصطبار، ويفتح أبوابه أمام أرواح مكلومة، أتته ضارعة وقد ضاقت بها السبل، وانقطعت عنها حبال الأمل، فيجيبها، ويلبي سؤلها ورجاءها، فيرضيها؛ إنْ بعطاء أو بمنع، فوحده القريب المجيب. وأذكرك بقوله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾. ورحم الله القائل: وَيَكْتُب اللهُ خيرًا أَنْتَ تَجْهلُهُ وَظاهِرُ الأَمْرِ حِرْمانٌ مِنَ النِّعَمِ وَلَوْ عَلِمْتَ مُرادَ اللهِ مِنْ عِوَضٍ لَقُلْتَ حَمْدًا إِلهى واسِعَ الكَرمِ فَسَلِّم الأَمْرَ لِلرحمنِ وَارْضَ بِهِ هُو البَصيرُ بِحالِ العَبْدِ مِنْ أَلَمِ. @zainabalmahmoud @zalmahmoud@outlook.com
ربما يتساءل كثير من الناس عن جمال الله تعالى، ونوره، فيرسمون في مخيلاتهم المتواضعة نماذج متواضعة عن حقيقة جماله سبحانه وتعالى، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال في ذلك الجمال: «حجابُه النور،...
ما أعدل الله في توزيعه نعمه! وما أعظم جبره خواطر عباده! ومن معالم ذلك وأمثلته؛ أنه جلّ وعلا نوّرنا بأمثلة من عالم الإنس، يرون بطريقة فريدة غير معهودة، وهم العميان الذين ولدوا بعيون مسلوبة الأنوار،...
قد يتساءل البعض عن العلاقة التي تجمع مفردة الربّ بما يضاف إليها، وهل يبقى معناها وفق ما هو في سياقها الديني واللغوي؟ حقيقة، لكلمة الربّ خارج معناها الإلهي معانٍ مختلفة، يحدّدها السياق وما يرتبط به...
في هذه الأيام، يتوسل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها باسم الله الغالب؛ ليرد عنهم كيد الكائدين، وغيظ المعتدين، وكل حقد ظاهر ودفين. فالأمة منذ حين تمر بمخاض القيام والانتفاض، ولهذا القيام تكاليفه الوافية من الخوف...
كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...
لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...
كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...
كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...
إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...
لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...
مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...
هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...