alsharq

د. زينب المحمود

عدد المقالات 328

الحقُّ أحقُّ أن يُتّبع

31 أغسطس 2025 , 11:31م

لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{ [النور: 25]. }ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلَاهُمُ الحَقُّ أَلَا لَهُ الحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الحَاسِبِينَ{ [الأنعام: 62]. }فَذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الحَقِّ إِلّا الضَّلالُ فأَنّى تُصرفون{ [يونس: 32]. صدق الحق؛ ليس بعد الحق إلا الضلال المبين، وليس بين الحق والباطل إلا الباطل، وكِلا الآيتين يلوح للمتفكّر المتدبِّر أنَّ فيهما تقريعًا لمن جعلوا لهم مولًى أو ربًّا غير الحق، وأنهم كانوا يركنون إلى موالي وأَرباب آبقين زاهقين. كما أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم – كان يثني على ربّه عزَّ وجلَّ، قائلًا: «أَنْتَ الحَقُّ، وَوَعْدُكَ الحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌ، وَمُحَمَّدٌ [صلى الله عليه وسلم] حَقٌّ، وَالسّاعَةُ حَقٌّ». (رواه البخاري ومسلم). وقال الزجاجي في (اشتقاق أسماء الله) عن اسم الله (الحقّ): «الله عز وجل حقٌّ، وكل معبود دونه باطل، والحق: نقيض الباطل. ويقال: حق الشيء يحق حقًّا: تأويله: وجب يجب وجوبًا». بناءً عليه، علينا الإقرار باللسان والجَنان، وبالأقوال والأفعال، بحقّ الله في الربوبية والألوهية، وكثيرًا ما ورد السؤال الاستنكاري الذي يصدع ويقرع بالنكير على أصحاب الشرك، وذلك بعد أن يستطرد الحق في ذكر الآلاء، وإسباغ النعم، ودفع النقم، وهذا السؤال هو: }أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ{؟ ثم يختم تلك الآيات بالتقديس والتنزيه عن الشرك والضلالات والأنداد التي كان يزعمها له أهل الكفر والفساد، وقد ذكر ربنا جلّ وعلا أنَّ أوَّل نصائح الحكيم لُقمان؛ توحيد الحق، وإخلاصه بالعبادة والتبتّل، وعدم التحوّل، وصرف الوجه إلى سواه جلّ في عُلاه، فقال تعالى في ذلك: }وَإِذْ قَالَ لُقْمانَ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيْمٌ{ [لقمان: 13]، نعم، إنَّ مِن أعظم الشرك أن يمشي العبد مسربلًا بالعافية، مغمورًا بالنعم والآلاء الطافية، ثُمَّ يبذل الولاء والبراء والحمد والثناء لغير المنعم المتفضّل، فأي وقار للحق أبقى؟! وأيّ خير من الباطل يرجو وينتظر؟! إنّ من استحقاقات إيماننا بالحق جلَّ وعلا؛ أن نؤمن بالحق إذا تكشف لنا ولا نخشى فيه لومة لائم، وألا نتحول عنه إذا تكالب الباطل وتآلب، وتآمر لاجتثاث شأفته وتآزر، ومما نعلمه من أدبيات الحق والباطل؛ أنّ للباطل جولة وللحق جولات. لذلك، فالحقّ أحقّ أن يتّبع، لأنه باقٍ، والباطل مدفوع وزائل، ويصدق ذلك قوله تعالى: }وَقُلْ جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا{ [الإسراء: 81]. @zainabalmahmoud @zalmahmoud@outlook.com

غالبٌ على أَمْرِهِ

في هذه الأيام، يتوسل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها باسم الله الغالب؛ ليرد عنهم كيد الكائدين، وغيظ المعتدين، وكل حقد ظاهر ودفين. فالأمة منذ حين تمر بمخاض القيام والانتفاض، ولهذا القيام تكاليفه الوافية من الخوف...

أَبصر به وأَسمع

كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...

مفتاح النصر

لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...

كمال الستر

كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...

رغم المكر.. قطر ستبقى حرة

كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...

كمال غناه

إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...

إِلهٌ حميد

مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...

لربنا حامدون

هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...

لا تقنطوا...

معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...

خليفة

لا شكَّ في أنّ مَن يقرأ كلمة «خليفة» أو يسمعها، يتذكر قول الله تعالى: ﴿وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَاـئِكَةِ إِنِّی جَاعِل فِی الأرض خَلِیفَة ﴾ [البقرة: 30]، وكذلك يتذكر منصب الخلافة في الإسلام. لكن هل حاول...

ومضةٌ لغويةٌ: الحقّ

كان إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي - رحمه الله - أكثر الناس تداولًا وتناولًا لاسم الله الحق، وكان إذا أراد استحضار آية كريمة وإدراجها في سياق تفسيره العرفاني النوراني المعروف بالخواطر، قال: «يقول الحق...

قابضٌ باسط

إنّ أسماء الله تعالى ماثلة في أفعاله، وظاهرة في مشيئته، ولكن لا يمكن أن يدرك ذلك إلا مؤمن بالله، وجودًا، وتحكُّمًا، وتسييرًا لكون لا يعلم كنهه إلا خالقه جلّ في علاه، ومن بديع أفعاله الماثلة...