


عدد المقالات 200
سعدت بزيارة صرح من صروح وطننا الحبيب، وهو مؤسسة قطر، والتي وجدتها بحق منارة فكرية حضارية وإنسانية، تشع في سماء الدوحة، والتي أعطت من بداية تأسيسها حتى الآن في مجالات المعرفة والثقافة والابتكار والإبداع التكنولوجي والفني والعلمي الكثير والكثير، وصولاً إلى مجالات الرعاية الصحية وتنمية المجتمع وغيرها الكثير من المجالات، التي اجتمعت تحت مظلة واحدة، ولتستحق هذه المؤسسة العتيدة اسمها المضاف إلى اسم «قطر»، ولتعطي رؤية لكل من عرف قيمتها، بأنها المؤسسة العلمية المتقدمة على المستوى الوطني، وحتى الشرق أوسطي، والعالمي، وبالفعل؛ لو مررنا بإحصاء سريع على خدماتها الاستيعابية الواسعة التي تشمل كل مجالات الحياة، ندرك أنها مؤسسة قطر، وأنها دوحة كبيرة، وشجرة طيبة أصلها ثابت، وتنمو فروعها في السماء. وبعيدة عن تصورات البعض في اعتبارها أنها مدينة تعليمية لغير القطريين أو لمن يحصلون على درجات عليا، وإنما من يتجول في أروقتها، ويتنقل بين مرافقها يرى الحضور الطلابي والإداري القطري «الغفير» فيها. وكل التقدير للزملاء في إدارة الإعلام بالمؤسسة لأنهم فتحوا لي قريحتي لكتابة هذا المقال حول ما رأيت وقرأت وسمعت عن هذه المؤسسة العريقة. هذه المؤسسة منذ نشأتها بعد منتصف تسعينيات القرن الماضي على يد صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وصاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر التي تولت رئاسة مجلسها الإداري (حفظهما الله)، فإنها وضعت نصب أهدافها المستقبلية، وموضع عنايتها الإنسان، كقيمة أساسية للتنمية الوطنية الشاملة. وعملت المؤسسة بطواقمها وكوادرها أن نقطة الانطلاق هي المواطن القطري، الذي إن صلح صلحت البلاد، وارتفعت مؤشرات التنمية، وإن ظل في دائرة انتظار الإبداعات الإنسانية لتأتيه وهو لا يحرك ساكنا، فهو طريق الركود والانهيار، فكانت مؤسسة قطر الحل النموذجي لتضاف إلى قائمة الصروح المعرفية والأكاديمية في الدولة. وللرقي بالمواطن القطري، والنهوض بثقافته إلى عتبة المواكبة، ووضعه على السكة الصحيحة، وإلحاقه بركب التطور العالمي، كان الاهتمام الأكبر للمؤسسة في مجال التعليم، سواء في فترة التأسيس قبل الجامعة، أو التعليم العالي، وأعطت أهمية قصوى للبحوث العلمية والدراسات التطويرية التي تعتبر مفتاح الريادة، والفارق بين الدول المستهلكة للعلوم والتقنيات، والدول المنتجة لها هو النشاط في مجال البحث العلمي الذي يفضي إلى الابتكار والتحديث، ولذلك كان الاهتمام بالبحث من أهم دعائم المؤسسة. تركيز المؤسسة على التعليم له فضيلة أخرى في غاية الأهمية، وهي احتواء هجرة الأدمغة ونزوح العقول المحلية فضلا عن استقطاب العقول العربية والكفاءات العالمية ما أمكن، وذلك بتقديم وسائل الجذب المادية والمعنوية وتهيئة ظروف العمل الكريمة، وهذا ما يلاحظه المراقب لقوائم الخبراء ممن تستقطبهم المؤسسة في مجالات التعليم والصحة والثقافة والفنون، بل وحتى في مجال الفضاء، وغيرها من المجالات التي يطول ذكرها، وتزيد من فخرنا بهذه المؤسسة التي تتشعب أفرعها الطيبة في كل مجال ومكان. المدينة التعليمية والجسور العلمية الحضارية عندما كان التعليم هو زمام المبادرة للنهضة بالمواطن القطري، وإدراجه ضمن الرؤية القطرية لعام 2030، كانت المدينة التعليمية الصرح الأعظم من إصدارات المؤسسة، ونتاجها على المستوى الوطني، وإذ أقول صرح المدينة التعليمية، فأضع أولوية الذكر ما تشمله هذه المؤسسة العامرة من المرافق والدوائر والكليات التعليمية، إضافة إلى منشآت اجتماعية أخرى بعضها يعنى بالترفيه والاستجمام. حيث تشتمل المدينة التعليمية على مدارس وجامعات عديدة محلية وعالمية، قوام هذه المدينة وعمادها جامعة حمد بن خليفة الوطنية، التي تخرج كوادر وطنية في قطاعات مختلفة يتزايد احتياج سوق العمل لها، فضلا عن استقطاب الخريجين من جامعات أخرى للدراسات العليا على يد مجموعة من أفضل الأساتذة بهذه المجالات، بالإضافة إلى كوكبة من الجامعات العالمية التي تعتبر انعكاسا للشراكة الإنسانية والحضارية العلمية التي تبرمها قطر مع بقية الدول وجامعاتها العريقة؛ فهناك ستة من الجامعات الشريكة، توفر طيفا علميا رصينا للمجتمع القطري، وتسد ثغرات تخصصية في مجالات عدة، وتعتبر ضربا من ضروب الاستيراد الذكي المنظم الذي يعود ريعه على التعليم الوطني وجودته، وقيمته. وعلى سبيل المثال، تقدم جامعة كارنجي ميلون منذ بداية شراكتها وانضمامها للمدينة عام 2004م، برنامج البكالوريوس في إدارة الأعمال والحوسبة، وقد تخرجت منها عدة دفعات طلابية، بينما تعنى جامعة جورجتاون بفروع السياسة والاقتصاد الدوليين، والتاريخ الدولي والثقافة السياسية، وتعتبر عينة من الجامعة الأم في واشنطن على أرض الدوحة وفي حرم المدينة التعليمية، حيث تقدم الخطة التعليمية والمناهج ذاتها. هذا إضافة إلى مرافق أخرى مثل نورثوسترن وتكساس ايه أند إم وغيرها. في مؤسسة قطر: تنوع ثقافي وتمازج حضاري هناك المنافع المباشرة التي تقدمها المدينة التعليمية، بصروحها المختلفة، وهي الفائدة المتحصلة من المناهج والبرامج المختلفة التي تقدمها الجامعات الشريكة، وجامعة حمد بن خليفة، والمدارس الوطنية، ولكن هناك فائدة جليلة غير مباشرة، تعتبر محصلة تفاعل طبيعية للأجواء التعليمية التي تقدمها هذه المؤسسات، وهي فائدة التنوع الثقافي الذي يفرزه اجتماع الطلبة من مختلف الجنسيات، ومن مختلف ثقافات ولغات الناس وألوانهم، وهناك تتلاقح الأفكار، ويثري بعضها بعضا، وتتسع الدائرة الثقافية للطلاب القطريين، يكسبون خزانا بانوراميا عن ثقافات الشعوب الأخرى، مما يزيد في وعيهم وزيادة قابلية الاندماج الحضاري عندهم، وسبحان ربنا القائل في كتابه العزيز: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا». فالتنوع الثقافي الذي تقدمه المدينة التعليمية مؤشر على صحة المجتمع، وكلما كان المجتمع أكثر انبساطا وانشراحا كان أكثر قابلية للنماء، وكلما كان أكثر انطواء وانزواء كان أكثر عدائية وقابلية للانفراط والاضمحلال، وقد تكفلت المدينة التعليمية في قطر بتطريز ثقافة الطلبة وتنويع مواردهم ومشاربهم الفكرية عبر تقنية الجامعات الشريكة، إضافة إلى فتح المجال للطلبة الوافدين، حيث تشهد جامعة حمد بن خليفة وحدها مئات الطلبة المنحدرين مما يزيد عن ستين جنسية، ناهيك عن بقية الدوائر التعليمية. في مؤسسة قطر: التراث والهوية من إحدى مقتضيات الرؤية الوطنية القطرية لعام 2030م، هو مواكبة خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة والانضمام لبرنامج مدارس 2030م، وتحقيق معايير الصف العالمية، خلال هذه المشاريع الكبيرة التي تسودها العولمة وتتصدر فيها الخطة الخارجية وتغلب على الطابع المحلي فقد تحصل صدمات ثقافية في بعض المواضع التي تفترق فيها ثقافتنا العربية والإسلامية عن بقية الثقافات، ولذلك كان لا بد من عواصم للهوية مما يعتريها من القواصم، وهذا سر الاهتمام الذي يصبه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى حفظه الله على حفظ التراث، ومن بعض أمثلته ما شهدناه في افتتاح مونديال عام 2022، من إبراز الهوية والاعتزاز بها، وغير بعيد عن سياق حديثنا عن مؤسسة قطر، فإن سمو الشيخة موزا بنت ناصر أخذت على عاتقها حراسة الهوية والتراث المحلية وزيادة تشبث الجيل الحالي بالقيم الثقافية تزامنا مع إدراج الجيل الحالي في مسيرة التطور العالمية دون تخلف عنها. في ندوة نقاش بمناسبة اليوم العالمي للتعليم في المدينة التعليمية في الدوحة في 24 يناير الجاري، ركزت سموها على تحديات الهوية لدى الجيل الجديد، وزادت فحددت هاجس اللغة العربية كأهم ركيزة ثقافية ومكون من مكونات الهوية الوطنية للمواطن القطري، وأشارت إلى المسؤولية الجماعية تجاه اللغة العربية، التي تعتبر حاوية ثقافتنا وحاضنة ذاكرتنا ومستودع وعينا الجمعي، وعلى ما فيها من غزارة وثراء وما تتمتع به من أرشيف تاريخي ومن مرجعية مقدسة، إلا أنها قليلة التداول في مجتمعنا وبقية المجتمعات العربية الشقيقة، حيث تسود اللهجات. ومبادرات حفظ اللغة أكثر من أن تحصى، منها مبادرة «قطر تقرأ» التي قامت بها مؤسسة قطر. هذا بعض ما تقوم به المؤسسة على صعيد دعم اللغة العربية، ولم تضرب الذكر عن بقية المكملات التراثية مثل إنشاء مركز الشقب للفروسية، وغيره من المراكز التي لا نستشهد ببعضها ولا نستطرد فنخرج عن القصد. ربع قرن شاهدة على مسيرة المؤسسة في مشوار الإبداع والتطوير، والإعداد لجيل النهضة، ومواكبة خطط التنمية الوطنية في قطر، وشريكة في رحلة التمكين لدولتنا، وبات يشار لهذه المؤسسة عالميا بالبنان، ونأمل أن يستمر هذا الصرح العظيم بتقديم المزيد من التقدم والنجاحات والإبهار على المستوى الفكري والاجتماعي والحضاري، كما أننا نعلم علم اليقين أن العمل جارٍ على ضخ المزيد من المبادرات والمراكز والجامعات التي من شأنها أن تكون إضافة لمؤسسة قطر؛ وذلك لن يكون إلا بعد دراسة وتمحيص من فكرة إنشاء أي مشروع حتى يعود بالنفع محليا وإقليميا بل وحتى دوليا. @falehalhajeri
افتتح حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، صباح يوم أمس الثلاثاء 21 أكتوبر 2025، دور الانعقاد العادي الرابع والخمسين لمجلس الشورى، في لحظة سياسية تؤكد استمرار الدولة على نهجها...
حين تشتعل الحروب وتنتكس معاني الإنسانية، لا يُقاس القادة بما يقولون، بل بما يفعلون. وفي زمن كثرت فيه الخطابات وقلت فيه المبادرات الإقليمية والدولية لإحلال السلام، برزت دولة قطر كوسيط نزيه لها دورها الفاعل، يقودها...
في مشهد وطني يعكس نضج التجربة القطرية ووضوح رؤيتها، دشنت دولة قطر، تحت رعاية معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، الإستراتيجية الوطنية لتعزيز النزاهة والشفافية والوقاية من...
في صباح السابع من أكتوبر، تتجدّد الذكرى الثانية لــ «طوفان الأقصى»، يوم تقف فيه غزة على فوهة بركان على نحو استثنائي، وتقف الأجساد بين أنقاض المنازل وتجمعات بمئات الآلاف الذين تلاحقهم آلات الموت للاحتلال الإسرائيلي....
حدثان مهمان يحملان الكثير من الدلالات وسيكون لهما العديد من الانعكاسات على أمن المنطقة، الأول توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الأربعاء، أمرا تنفيذيا تعهد فيه بضمان أمن دولة قطر، بما في ذلك استخدام القوة...
في لحظة تاريخية تتجه فيها أنظار العالم نحو نيويورك، ألقى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى (حفظه الله)، خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثمانين. ولم يكن...
انعقدت في الدوحة، يوم أمس الاثنين 15 سبتمبر 2025، القمة العربية الإسلامية في ظروف غير مسبوقة، حيث جاء القادة إلى عاصمتنا «دوحة السلام» التي تعرضت لاعتداء إسرائيلي غادر، استهدف بيتا آمنا تقيم فيه عائلات فلسطينية...
لم يكن مساء التاسع من سبتمبر 2025 يوما عاديا في تاريخ قطر والمنطقة. فالعاصمة الدوحة، التي اعتادت أن تكون جسرا للحوار وميدانا للوساطة، فوجئت بضربة إسرائيلية غادرة استهدفت أرضها في سابقة خطيرة هي الأولى من...
في مشهد ينذر بتحول نوعي في مسار العدوان الإسرائيلي الوحشي بالمنطقة، استهدفت صواريخ إسرائيلية مساء أمس الثلاثاء، «دوحة السلام»، لتُصيب مقرات سكنية يُقيم فيها عدد من أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس، ممن كانوا منخرطين في...
في زمن بات تناول الألم والعذاب الذي يعيشه إخواننا في غزّة بشكل اعتيادي، كان صوت الصحفي الميداني أنس الشريف من قلب المأساة الفلسطينية، بمثابة صرخة ضمير: «لم أتمالك نفسي من هول المجازر، لكنني وجدت صوت...
لم تعد الوساطة في النزاعات الدولية حكرا على القوى الكبرى أو المنظمات الأممية، بل برزت دولة قطر في العقدين الأخيرين كلاعب محوري في هذا المضمار، تجمع بين الحياد السياسي، والقدرة الاقتصادية، وشبكة علاقات إقليمية ودولية...
بين اتساع رقعة الحرائق في الإقليم، واستمرار الاشتباك المباشر بين إيران وإسرائيل، وجدت دولة قطر نفسها – دون رغبة أو انخراط – أمام لحظة فارقة. ولم تكن الدوحة طرفا في المواجهة، لكنها استُهدفت. ولم تكن...