عدد المقالات 200
بين اتساع رقعة الحرائق في الإقليم، واستمرار الاشتباك المباشر بين إيران وإسرائيل، وجدت دولة قطر نفسها – دون رغبة أو انخراط – أمام لحظة فارقة. ولم تكن الدوحة طرفا في المواجهة، لكنها استُهدفت. ولم تكن في معسكر، لكنها لم تُعفَ من أثر التصعيد. وأتى الهجوم الصاروخي الإيراني على قاعدة العديد الجوية، ورغم التصدي له باقتدار من جانب الدفاعات القطرية، فإن الهجوم أعاد رسم المشهد الإقليمي، وفتح أبواب الأسئلة حول الأمن الخليجي، ومعادلات الردع، ودور الوساطة القطرية وتأثيراتها في مراحل الحروب والنزاعات بين الأطراف. وبالتالي، فإن قراءة هذا الحدث الخطير لا تكتمل دون فهم العمق الاستراتيجي للرد القطري، الذي لم يكن فقط عسكريا في مضمونه، بل سياسيا في رمزيته، ودبلوماسيا في أهدافه. الهجوم.. واختبار السيادة والجاهزية عند الساعة 7:30 من مساء أمس الاثنين، سجلت منظومة الدفاع والمراقبة الجوية القطرية انطلاق سبعة صواريخ باليستية من الأراضي الإيرانية باتجاه قاعدة العديد الجوية. وهذه قاعدة تُعدّ قلب التنسيق الأمني الدولي في الخليج، ومركزا حيويا للعمليات المشتركة مع حلفاء دولة قطر. وكانت الصواريخ تحمل رسائل عدة، لكنها فشلت جميعها في العبور. وقد أعلن اللواء الركن شايق مسفر الهاجري، نائب رئيس الأركان للعمليات المشتركة، بأن الدفاعات القطرية تعاملت مع الهجوم بمهنية عالية، وأسقطت الصواريخ في المجال الجوي قبل أن تلامس أرض الوطن. ولم تُسجل أي إصابات، ولم تُسجل أضرار، لكن الرسالة الإيرانية كانت واضحة: التصعيد مفتوح، والمجال الجغرافي للردود قد يزداد أكثر في حال استمر العدوان الأمريكي الإسرائيلي.. على حد تعبيرهم. هذا الاعتداء يعتبر محاولة من الأطراف المتصارعة لإدخال منطقة الخليج العربي في دائرة الحرب القائمة، واختراق خط التوازن الذي تسعى الدوحة للمحافظة عليه. إلا أن الرد القطري جاء محسوبا بدقة. بلا استعراض، ولا تهويل، بل بيانات دقيقة وشفافة، تُطمئن الداخل، وتضبط الخارج، وتمنع تحويل الحادث إلى مبرر للتدويل أو الاصطفاف. فدولة قطر لم تسقط في فخ الاستفزاز، بل ثبّتت قواعد الاشتباك العقلاني، ورسّخت صورتها كدولة ذات سيادة، تملك قرارها العسكري، وتحتفظ بحكمتها السياسية. إدارة هادئة ومتوازنة: كيف أثبتت دولة قطر صلابة مؤسساتها أمام أول اختبار صاروخي؟ منذ اللحظة الأولى لإعلان استهداف قاعدة العديد بالصواريخ الإيرانية، أظهرت مؤسسات الدولة القطرية درجة عالية من التماسك والاستجابة السريعة. فقد أعلنت وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي عن تأجيل الاختبارات المقررة اليوم الثلاثاء لجميع صفوف النقل وطلبة الشهادة الثانوية، على أن يُستأنف جدول الامتحانات في اليوم التالي «غدا الأربعاء»، بحسب الجدول المعلن مسبقا. وهو قرار اتخذ فورا كإجراء احترازي يعبّر عن أولوية سلامة الطلبة والمجتمع. وفي الوقت ذاته، أوقفت الخطوط الجوية القطرية رحلاتها الجوية مؤقتا بسبب إغلاق المجال الجوي، وأكدت عملها بشكل وثيق مع الجهات الحكومية المختصة لتقديم الدعم اللازم للمسافرين المتأثرين، مشيرة إلى أنها ستستأنف رحلاتها فور إعادة فتح الأجواء، وهذا ما تم بالفعل في أولى ساعات اليوم الثلاثاء. أما على الصعيد الإعلامي والمؤسسي، فقد أكد الدكتور ماجد بن محمد الأنصاري، مستشار رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمتحدث الرسمي لوزارة الخارجية، أن التنويهات الصادرة من بعض السفارات بشأن الحذر الأمني لا تعكس تهديدات محددة، بل تندرج ضمن السياسات العامة لإرشادات السفر، مشددا على أن الوضع الأمني في الدولة مستتب، وأن الجهات المختصة تتابع الموقف عن كثب وهي على أهبة الاستعداد لأي طارئ. كما نبه الدكتور الأنصاري إلى أهمية استقاء المعلومات من مصادرها الرسمية، محذرا من تداول الشائعات أو المعلومات غير الدقيقة. وقد تزامن ذلك مع بيان رسمي صادر عن المتحدث باسم وزارة الداخلية، شدد فيه على ضرورة التحلي بالمسؤولية المجتمعية والامتناع عن نشر معلومات غير صادرة عن الجهات الرسمية. ومن الناحية الميدانية، أوضح المتحدث باسم الداخلية العقيد الدكتور جبر حمود النعيمي أن شظايا الصواريخ سقطت في بعض المناطق السكنية وتسببت في حرائق بسيطة تم التعامل معها دون تسجيل إصابات. كما أعلن المتحدث باسم الخارجية أن المواطنين والمقيمين يمكنهم العودة لممارسة حياتهم بشكل طبيعي. وإن هذا الأداء المتكامل من قبل المؤسسات القطرية يعكس تماسك القدرات المؤسسية للدولة، وحسن إدارتها للأزمات دون إثارة الذعر أو تعطيل البنية المجتمعية، مع الحفاظ على الشفافية والانضباط في تقديم المعلومة. وقد تكرّست هذه الاستجابة كإحدى العلامات البارزة على الجاهزية القطرية في إدارة الأحداث الطارئة ضمن منظومة تنسيق محكمة بين الأجهزة المعنية. قَطر.. الوسيط النزيه في معالجة الأزمات في ظل التصعيد المتبادل بين إسرائيل وإيران، تبرز قطر ليس بوصفها طرفا في المعركة، بل كوسيط نزيه، يحوز ثقة الأطراف، ويملك الأدوات والخبرة والدوافع الحقيقية للسلام. وقد عبّر الدكتور ماجد الأنصاري عن هذا الدور بعبارة دقيقة حين قال: «دولة قطر ليست طرفا في هذا التصعيد، بل تحمل طاولة المفاوضات معها أينما ذهبت.» وإن هذا الدور ليس وليد اللحظة، وإنما هو امتداد لتاريخ دبلوماسي طويل، استطاعت فيه دولة قطر أن تبني جسورا بين خصوم، وتُعيد صياغة المشهد في لحظات حرجة، كما حدث في الملف الأفغاني، والأزمة اللبنانية، وحوارات دارفور. واليوم، تعود الدوحة إلى قلب المعادلة، لا لتؤجج الصراع، بل لتضع أمام الأطراف خارطة ممرات آمنة للحل الدبلوماسي. وفي كل مرة تجد مساعي دولة قطر قبولا ودعما واسعا على المستوى العربي والدولي، حيث شكر الرئيس الأمريكي دونالد ترمب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، على جهوده في نزع فتيل الأزمة. كما أعربت العديد من الدول الشقيقة والصديقة عن تضامنها الكامل مع قطر، وعلى رأسها دول مجلس التعاون الخليجي، والتي دانت الهجوم الإيراني، واعتبرته انتهاكا صارخا لسيادة دولة صديقة وشقيقة. وبأنها تقف مع أمن دولة قطر وسيادتها وسلامة أراضيها. الوساطة القطرية اليوم مشروع استراتيجي يُرسخ رؤية القيادة الرشيدة والحكومة العتيدة لدور الخليج في المستقبل: الخليج كمظلة سلام، وقاطرة للتنمية، وبأن دولة قطر لا تُدار من الخارج، ولا تَسمح بتوظيفها كساحة حرب بالوكالة. بل إنها دولة تملك سيادتها، وتحمل في يدها مفاتيح التهدئة وتخفيف التصعيد، وفي عقلها خريطة الطريق نحو تفاهم إقليمي وعالمي عادل ومستدام. وإن الهجوم الصاروخي على قاعدة العديد، وما تلاه من استجابات عسكرية وأمنية وسياسية، يشكل لحظة اختبار كبيرة لدولة قطر. وهو في المقابل، كان مناسبة لتأكيد مجموعة من الحقائق؛ السيادة القطرية ليست قابلة للابتزاز، وأن الأمن الوطني محصّن بمؤسسات قوية، وقوات مسلحة يقظة، وأن الدوحة، وإن أصابها رذاذ من هذه الحرب الجنونية، فإنها لم تبتلّ بمائه. ودولة قطر اليوم تُثبت للعالم أنها ليست طرفا في الحروب، بل صانعة قواعد السلام؛ حيث تأتي الدوحة بصوت العقل والمفاوضات.. ولقد أدارت دولة قطر هذا الحادث بهدوء، وثقة، وحنكة. ووضعت أمنها في المقام الأول، ولم تتخلّ عن دورها كقوة توازن إقليمي. وهي بذلك تقدم درسا جديدا في الجغرافيا السياسية: كيف تكون الدولة صغيرة بحجمها، عظيمة بمكانتها ودورها وأثرها. @FalehalhajeriQa
افتتح حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، صباح يوم أمس الثلاثاء 21 أكتوبر 2025، دور الانعقاد العادي الرابع والخمسين لمجلس الشورى، في لحظة سياسية تؤكد استمرار الدولة على نهجها...
حين تشتعل الحروب وتنتكس معاني الإنسانية، لا يُقاس القادة بما يقولون، بل بما يفعلون. وفي زمن كثرت فيه الخطابات وقلت فيه المبادرات الإقليمية والدولية لإحلال السلام، برزت دولة قطر كوسيط نزيه لها دورها الفاعل، يقودها...
في مشهد وطني يعكس نضج التجربة القطرية ووضوح رؤيتها، دشنت دولة قطر، تحت رعاية معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، الإستراتيجية الوطنية لتعزيز النزاهة والشفافية والوقاية من...
في صباح السابع من أكتوبر، تتجدّد الذكرى الثانية لــ «طوفان الأقصى»، يوم تقف فيه غزة على فوهة بركان على نحو استثنائي، وتقف الأجساد بين أنقاض المنازل وتجمعات بمئات الآلاف الذين تلاحقهم آلات الموت للاحتلال الإسرائيلي....
حدثان مهمان يحملان الكثير من الدلالات وسيكون لهما العديد من الانعكاسات على أمن المنطقة، الأول توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الأربعاء، أمرا تنفيذيا تعهد فيه بضمان أمن دولة قطر، بما في ذلك استخدام القوة...
في لحظة تاريخية تتجه فيها أنظار العالم نحو نيويورك، ألقى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى (حفظه الله)، خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثمانين. ولم يكن...
انعقدت في الدوحة، يوم أمس الاثنين 15 سبتمبر 2025، القمة العربية الإسلامية في ظروف غير مسبوقة، حيث جاء القادة إلى عاصمتنا «دوحة السلام» التي تعرضت لاعتداء إسرائيلي غادر، استهدف بيتا آمنا تقيم فيه عائلات فلسطينية...
لم يكن مساء التاسع من سبتمبر 2025 يوما عاديا في تاريخ قطر والمنطقة. فالعاصمة الدوحة، التي اعتادت أن تكون جسرا للحوار وميدانا للوساطة، فوجئت بضربة إسرائيلية غادرة استهدفت أرضها في سابقة خطيرة هي الأولى من...
في مشهد ينذر بتحول نوعي في مسار العدوان الإسرائيلي الوحشي بالمنطقة، استهدفت صواريخ إسرائيلية مساء أمس الثلاثاء، «دوحة السلام»، لتُصيب مقرات سكنية يُقيم فيها عدد من أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس، ممن كانوا منخرطين في...
في زمن بات تناول الألم والعذاب الذي يعيشه إخواننا في غزّة بشكل اعتيادي، كان صوت الصحفي الميداني أنس الشريف من قلب المأساة الفلسطينية، بمثابة صرخة ضمير: «لم أتمالك نفسي من هول المجازر، لكنني وجدت صوت...
لم تعد الوساطة في النزاعات الدولية حكرا على القوى الكبرى أو المنظمات الأممية، بل برزت دولة قطر في العقدين الأخيرين كلاعب محوري في هذا المضمار، تجمع بين الحياد السياسي، والقدرة الاقتصادية، وشبكة علاقات إقليمية ودولية...
في 14 مايو 2025 حطّت طائرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الدوحة، في زيارة تاريخية تأتي تتويجا لجولة في المنطقة شملت أيضا قمة خليجية-أمريكية في الرياض قبل يوم واحد. وهذه الزيارة الرئاسية إلى قطر –...