عدد المقالات 200
في زمن بات تناول الألم والعذاب الذي يعيشه إخواننا في غزّة بشكل اعتيادي، كان صوت الصحفي الميداني أنس الشريف من قلب المأساة الفلسطينية، بمثابة صرخة ضمير: «لم أتمالك نفسي من هول المجازر، لكنني وجدت صوت أبناء شعبي المجوّعين يصرخ بجانبي: استمر يا أنس، لا تقف، أنت صوتنا.» وهذه الكلمات تُعد وصفا لحالة إنسانية مأساوية، وإنها تمثل شهادة حية على إحدى أكبر الكوارث الإنسانية، والتي يشهدها قطاع غزة لأول مرة في تاريخه. ما يحدث في غزة هو خنق منهجي للبشر، بتجويعهم، ومنع الدواء عن أطفالهم، وتحويلهم إلى طوابير انتظار على شحنات الإغاثة. وفي قلب هذا المشهد المظلم، تتقدّم دولة قطر بحضورها السياسي والإنساني والدبلوماسي، مؤكدة أن الضمير يجب ألا يُقصى من ميادين السياسة، ولا يجوز أن يبقى صامتا أمام مجازر تتحوّل إلى مشهد يومي معتاد. وإن مشهد غزة اليوم بحاجة لمساعدات عاجلة، وبنفس الوقت صحوة للضمير العالمي، وإعادة الاعتبار إلى مفاهيم الإنسانية التي انهارت بين ركام المستشفيات والبيوت والأحياء المدمرة، ومعابر وطوابير الإذلال والقهر الطويلة التي لا تنتهي. الدور القطري الإنساني والدبلوماسي: توازن الأخلاق والسياسة وقفت دولة قطر مع معاناة الشعب الفلسطيني منذ زمن طويل، وساهمت في إعمار غزة، ومنذ اليوم الأول لحرب 7 أكتوبر 2023م، تعاملت الدوحة مع مأساة غزة كجريمة يمارسها العدو الإسرائيلي، وهي مستمرة، وفداحتها تستدعي استجابة منهجية وشاملة، تجمع بين الدبلوماسية الفعّالة والدعم الإنساني المباشر. وقد قال حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في إحدى كلماته واصفاً الحال في غزة: «إن الضمير الإنساني العالمي يجب ألا يُصاب بالشلل أمام ما يحدث في فلسطين، فإدانة الظلم واجبة، وعدم الوقوف مع الضحية جريمة مضاعفة.» وإن هذا المبدأ تحوّل إلى سياسة تنفيذية ورؤية إستراتيجية ثاقبة وواضحة، ظهرت في دور دولة قطر في الوساطات، وفي دعمها المالي والإغاثي، وفي حفاظها على موقف ثابت من القضية الفلسطينية في حل عادل وشامل، بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، والعيش بكرامة على الأرض الفلسطينية. دولة قطر لم تكتفِ بإدانة الجرائم، بل سخّرت أدواتها الفعّالة، من صندوق قطر للتنمية، إلى الجهود المشتركة مع مصر والولايات المتحدة الأمريكية، لإدخال المساعدات، والتفاوض لإطلاق سراح المحتجزين، وإبقاء المسار الإنساني مفتوحا رغم العراقيل السياسية والعسكرية المتواصلة. ولم يكن هذا الموقف محصورا في الطوارئ فقط، بل امتد لعقود من دعم البنية التحتية والمستشفيات والمدارس في غزة، في استثمار طويل الأمد في بقاء الفلسطينيين على أرضهم، ومقاومة سياسة «الطرد بالحصار» التي تنتهجها آلة الاحتلال. مؤتمر نيويورك... صوت الضمير في قاعة الأمم في لحظة حرجة تمر بها القضية الفلسطينية وأهالي غزة الكرام، شاركت دولة قطر في المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية في نيويورك، حيث ألقى معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، كلمة حملت موقفا مبدئيا وثابتا، يعيد التذكير بجوهر المأساة. حيث قال معاليه: «في واحدة من أكثر لحظات هذه المأساة قسوة وإيلاما، رأينا مشاهد تمثل عارا على الإنسانية جمعاء - مدنيون جوعى، أنهكهم الحصار، يقتلون وهم يقفون في طوابير ينتظرون رغيف خبز أو كيس طحين.» ولم يكن حديثه عبارة عن توصيف إنشائي، وإنما كان هجوما صريحا على الدول الفاعلة التي تدعم الكيان، وردا على ازدواجية المعايير الدولية، وعلى تطبيع استخدام «التجويع» كسلاح في الحروب، محذرا من أن «تحول هذا الأمر إلى ممارسة اعتيادية، سيفتح أبواب الجحيم في صراعات العالم القادمة.» وأكد معاليه أن الوساطة القطرية مستمرة رغم العراقيل، وأن دولة قطر لا تبحث عن مجد سياسي، بل عن وقف نزيف الأرواح، وهي ماضية في إدخال المساعدات، وإعادة بناء الأمل في غزة، رغم كل محاولات تقويض المسار الإنساني. غزة على الطاولة الأممية... فهل يستيقظ الضمير العالمي؟ إن ما تعيشه غزة اليوم من مشاهد حصار وتجويع وحرمان، لم يعد يحتاج فقط إلى إدانات أو بيانات، بل إلى تحالف عالمي صادق، يفرض على الاحتلال كسر الحصار، وفتح المعابر، ووقف سياسة العقاب الجماعي التي تمارس بحق أكثر من مليوني إنسان. ولقد بات الجوع في غزة كارثة إنسانية، ووصمة عار على جبين المنظومة الدولية، التي عجزت عن وقف جريمة موصوفة بكامل أركانها. وكما قال الصحفي أنس الشريف: «والله، هذا هو كل همي… أن أنقل صوت الناس المحاصرين، المجوّعين في غزة»، فإن مسؤوليتنا جميعا، حكومات وشعوبا وإعلاما، أن نُحوّل هذا الصوت إلى فعل. وإن دولة قطر، بما تمثّله من ضمير إنساني وسياسة أخلاقية، تقود هذا المسار في زمن تتناقص فيه الأصوات الشجاعة. ولكنها، رغم عزمها وإصرارها، لا تستطيع بمفردها مواجهة آلة القتل والحصار والتجويع. فالمطلوب اليوم ليس فقط إرسال الطحين والدواء، بل حشد إرادة سياسية عالمية قادرة على كسر المنظومة التي تحوّل الإنسان الفلسطيني إلى هدف مشروع، والمشفى إلى غرفة إعدام جماعي. وكما أن المطلوب كسر هذا الصمت الدولي المنهجي، وتجريم سياسة التجويع كأداة حرب، وإنهاء حالة الاستثناء الأخلاقي التي تسمح لإسرائيل بما لا يُسمح لغيرها. والمطلوب أيضًا إعادة الاعتبار لمركزية القضية الفلسطينية في الضمير العالمي، كقضية تحرر وعدالة، لا نزاع حدود ولا أرقام في ملفات الأمم المتحدة. وإنه ما لم تُكسر هذه المنظومة، وتُحاسب القيادات السياسية والعسكرية التي أمرت بالحصار والمجازر، ستبقى غزة شاهدا دامغا على زمن انهزمت فيه الإنسانية أمام المصالح، وانتصر فيه العنف المنظم على القانون الدولي. ولذا، فإن إحياء الضمير الإنساني، وإعادة الاعتبار لفلسطين كقضية إنسانية وقيمية حضارية لا تقبل القسمة ولا التسويف، لم يعد ترفا نخبويا، بل هو واجب أخلاقي لا يسقط بالتقادم. فالشعب الفلسطيني ليس مجرد رقم في التقارير، بل أمة حيّة عصية على الانكسار، ولا يمكن لأي قوة أن تتحكم في مصيرها دون ثمن، والسلام العادل والشامل، هو الحل الوحيد الذي يحفظ الكرامة ويحقّ الحق. @FalehalhajeriQa
افتتح حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، صباح يوم أمس الثلاثاء 21 أكتوبر 2025، دور الانعقاد العادي الرابع والخمسين لمجلس الشورى، في لحظة سياسية تؤكد استمرار الدولة على نهجها...
حين تشتعل الحروب وتنتكس معاني الإنسانية، لا يُقاس القادة بما يقولون، بل بما يفعلون. وفي زمن كثرت فيه الخطابات وقلت فيه المبادرات الإقليمية والدولية لإحلال السلام، برزت دولة قطر كوسيط نزيه لها دورها الفاعل، يقودها...
في مشهد وطني يعكس نضج التجربة القطرية ووضوح رؤيتها، دشنت دولة قطر، تحت رعاية معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، الإستراتيجية الوطنية لتعزيز النزاهة والشفافية والوقاية من...
في صباح السابع من أكتوبر، تتجدّد الذكرى الثانية لــ «طوفان الأقصى»، يوم تقف فيه غزة على فوهة بركان على نحو استثنائي، وتقف الأجساد بين أنقاض المنازل وتجمعات بمئات الآلاف الذين تلاحقهم آلات الموت للاحتلال الإسرائيلي....
حدثان مهمان يحملان الكثير من الدلالات وسيكون لهما العديد من الانعكاسات على أمن المنطقة، الأول توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الأربعاء، أمرا تنفيذيا تعهد فيه بضمان أمن دولة قطر، بما في ذلك استخدام القوة...
في لحظة تاريخية تتجه فيها أنظار العالم نحو نيويورك، ألقى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى (حفظه الله)، خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثمانين. ولم يكن...
انعقدت في الدوحة، يوم أمس الاثنين 15 سبتمبر 2025، القمة العربية الإسلامية في ظروف غير مسبوقة، حيث جاء القادة إلى عاصمتنا «دوحة السلام» التي تعرضت لاعتداء إسرائيلي غادر، استهدف بيتا آمنا تقيم فيه عائلات فلسطينية...
لم يكن مساء التاسع من سبتمبر 2025 يوما عاديا في تاريخ قطر والمنطقة. فالعاصمة الدوحة، التي اعتادت أن تكون جسرا للحوار وميدانا للوساطة، فوجئت بضربة إسرائيلية غادرة استهدفت أرضها في سابقة خطيرة هي الأولى من...
في مشهد ينذر بتحول نوعي في مسار العدوان الإسرائيلي الوحشي بالمنطقة، استهدفت صواريخ إسرائيلية مساء أمس الثلاثاء، «دوحة السلام»، لتُصيب مقرات سكنية يُقيم فيها عدد من أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس، ممن كانوا منخرطين في...
لم تعد الوساطة في النزاعات الدولية حكرا على القوى الكبرى أو المنظمات الأممية، بل برزت دولة قطر في العقدين الأخيرين كلاعب محوري في هذا المضمار، تجمع بين الحياد السياسي، والقدرة الاقتصادية، وشبكة علاقات إقليمية ودولية...
بين اتساع رقعة الحرائق في الإقليم، واستمرار الاشتباك المباشر بين إيران وإسرائيل، وجدت دولة قطر نفسها – دون رغبة أو انخراط – أمام لحظة فارقة. ولم تكن الدوحة طرفا في المواجهة، لكنها استُهدفت. ولم تكن...
في 14 مايو 2025 حطّت طائرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الدوحة، في زيارة تاريخية تأتي تتويجا لجولة في المنطقة شملت أيضا قمة خليجية-أمريكية في الرياض قبل يوم واحد. وهذه الزيارة الرئاسية إلى قطر –...