عدد المقالات 194
انعقدت في الدوحة، يوم أمس الاثنين 15 سبتمبر 2025، القمة العربية الإسلامية في ظروف غير مسبوقة، حيث جاء القادة إلى عاصمتنا «دوحة السلام» التي تعرضت لاعتداء إسرائيلي غادر، استهدف بيتا آمنا تقيم فيه عائلات فلسطينية وقيادات تفاوضية. هذا الهجوم الذي أدانه المجتمع الدولي، ووصفه قادة القمة بأنه «عمل إرهابي جبان» لم يكن مجرد حادثة عسكرية عابرة، بل محاولة منظمة لإجهاض مسار الوساطة الذي قادته الدوحة على مدى أشهر. وقد أدرك الحاضرون أن دولة قطر لم تُستهدف وحدها، بل استُهدف معها مفهوم الوساطة ذاته، كما قال الرئيس اللبناني، وأن الاعتداء على عاصمة عربية آمنة يمثل رسالة عدائية موجهة للأمة بأسرها، وأن قطر هي قلب القلب. وهذه القمة تحولت إلى لحظة إجماع استثنائية، أعادت طرح معادلة التضامن العربي والإسلامي، حيث أكد العاهل الأردني أن «أمن قطر هو أمننا واستقرارها استقرارنا»، فيما شدد ولي العهد الكويتي على أن «أمن دولة قطر ركيزة أساسية من ركائز الأمن العربي»، وبينما نوه قادة كبار، من مصر وتركيا والسعودية والإمارات وسوريا وغيرهم، على خطورة التصعيد الإسرائيلي وضرورة مواجهته بموقف عملي، فقد خرجت القمة برسالة واضحة: أن زمن البيانات الشكلية قد انتهى، وأن استهداف الدوحة لا بد أن يقابل بإستراتيجية دفاعية وسياسية واقتصادية جديدة تحفظ سيادة الدول وتوقف الحرب على غزة. صاحب السمو.. كلمة صريحة وحازمة افتتح حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، القمة بكلمة صريحة وحازمة، قال فيها: «مواطنونا فوجئوا وصُدم العالم كله من العدوان والعمل الإرهابي الجبان»، مضيفا أن ما جرى لم يكن استهدافا عرضيا بل محاولة واضحة لـ»إفشال المفاوضات» بين حماس وإسرائيل، إذ وقع الهجوم بينما كانت قيادة الحركة تدرس مقترحا أمريكيا للتهدئة وصل عبر قطر ومصر. وأكد الأمير أن «العدوان الإسرائيلي سافر وغادر وجبان»، وأنه يكشف أن إسرائيل «تريد جعل غزة غير صالحة للعيش تمهيدا لتهجير سكانها». وفي تحذير استراتيجي، أوضح أن تل أبيب تحاول في كل مرة «وضع العرب تحت وقائع جديدة»، وهو ما يشكل تهديدا لمستقبل المنطقة. كما أعاد صاحب السمو تثبيت دور قطر كوسيط مسؤول، مشيرا إلى أن الدوحة أنجزت بالفعل تحرير رهائن إسرائيليين وأسرى فلسطينيين، في دليل على أن الوساطة يمكن أن تنتج حلولا إنسانية وعملية، بعكس النهج الإسرائيلي القائم على القوة المفرطة. مواقف القادة: من أنقرة وإسلام أباد ودمشق إلى القاهرة وعمان والخليج… رسالة وحدة تتجاوز الحدود برزت في القمة مواقف متقاربة تعكس إدراكا عميقا بأن الاعتداء على قطر يمثل اعتداء على الجميع، فقد شدد العاهل الأردني إلى رد عملي وحاسم، ومؤكدا أن التهديد الإسرائيلي لا يعرف حدودا. وبدوره وصف الرئيس المصري الهجوم بأنه «سابقة خطيرة وانتهاك جسيم للقانون الدولي»، محذرا من أن الغطرسة الإسرائيلية «تعزز رقعة الصراع وتضع العراقيل أمام السلام»، وجدد الدعوة للاعتراف الفوري بدولة فلسطين باعتباره الحل الوحيد القابل للاستمرار. أما الرئيس التركي فقد اعتبر أن «عدوان إسرائيل امتد اليوم إلى قطر الدولة الوسيطة الساعية إلى السلام»، مشددا على أن سياسات نتنياهو تستهدف «مواصلة المجازر بحق الشعب الفلسطيني وجر المنطقة للفوضى»، وداعيا إلى ممارسة ضغوط اقتصادية على إسرائيل ومحاكمتها دوليا. من جانبه، أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع أن بلاده «تقف مع دولة قطر ضد العدوان الإسرائيلي»، مؤكداً أن الكيان لم يكتفِ بعدوانه على غزة بل واصل استهداف سوريا منذ تسعة أشهر، وهو ما يجعل التضامن ضرورة وجودية. وفي الإطار الخليجي، أشار ولي العهد الكويتي إلى أن الهجوم دليل واضح على نوايا الاحتلال في «نسف جهود السلام». وفي المقابل، فإن الوفود شددت على إدانة العدوان ودعم سيادة قطر، في ما يعكس توجها خليجيا موحدا يحاول سد الثغرات التي سعت إسرائيل إلى توظيفها، وبدأت إجراءات تعاونية خليجية مشتركة لتأمين ردع أمني شامل لدولها. وبالتالي، فإن اجتماع هذه الأصوات، من المشرق والمغرب، من الدول العربية المركزية والقوى الإقليمية الصاعدة، وعموم العالم الإسلامي، عكس إدراكا متزايدا أن الاعتداء على وسيط مثل دولة قطر يمثل استهدافا للمجمل العربي والإسلامي، وأنه لابد من الانتقال من الإدانة إلى الفعل الاستراتيجي. البيان الختامي: من لغة الشجب إلى ترسيخ قيم التضامن الأمني والسياسي جاء البيان الختامي للقمة ليؤكد وحدة غير مسبوقة في الموقف، حيث أدان «بأشد العبارات اعتداء إسرائيل والانتهاك الصارخ لسيادة دولة قطر»، واعتبر ما جرى «تصعيدا خطيرا ومخالفة جسيمة للقانون الدولي». وأعلن مجلس التعاون الخليجي عقد اجتماع عاجل لمجلس الدفاع في الدوحة، لتقييم الوضع الدفاعي وتفعيل آليات الردع والدفاع المشترك. هذا القرار، الذي يتجاوز لغة الشجب، يعكس بداية تحول في البنية الأمنية العربية والإسلامية، إذ يربط أمن قطر بالأمن الخليجي والعربي العام. التحليل العميق لهذا البيان يكشف ثلاثة أبعاد رئيسية: أولا، أنه أعاد تعريف التضامن الأمني العربي والإسلامي على أنه مسألة سيادة جماعية، لا تخص دولة بعينها. وثانيا، أنه فتح الباب أمام انتقال الوساطة القطرية من موقع الدفاع عن شرعيتها إلى موقع الهجوم السياسي، إذ إن الاعتداء جعل المجتمع الدولي أكثر وعيا بدور قطر بوصفها الدولة التي تحملت عبء المفاوضات ودفعت ثمنا باهظا لذلك. وثالثا، أن القمة أرسلت إشارة استراتيجية إلى إسرائيل مفادها أن العرب والمسلمين قادرون على تحويل استهداف قطر إلى فرصة لتعزيز اللُّحمة، وصياغة موقف مشترك يتضمن أدوات عملية: من المقاطعة الاقتصادية إلى التحرك الدبلوماسي الجماعي في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة. لقد خرجت قمة الدوحة برسالة مضاعفة: أولا، أن دولة قطر لم تكن وحدها في مواجهة الاعتداء الغادر، بل وقفت خلفها أمة كاملة، أكدت أن «المساس بأمنها مساس بالأمن القومي العربي»، كما قال الرئيس الموريتاني. وثانيا، أن زمن المواقف الرمزية قد ولّى، وأن مواجهة الاحتلال تتطلب خطوات عملية تبدأ بتفعيل التضامن العربي والإسلامي في كل أبعاده السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية. وبينما حذّر حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى من أن إسرائيل تسعى إلى «وضع العرب تحت وقائع جديدة في كل مرة»، جاءت القمة لتقول بوضوح إن العرب والمسلمين قادرون، إذا توحّدوا، على صياغة وقائعهم بأنفسهم. وقد تحولت الدوحة اليوم من ساحة مستهدفة إلى منبر للكرامة الجماعية، ومن منصة للوساطة إلى مركز لإعادة تعريف معادلة الردع والكرامة في المنطقة. @FalehalhajeriQa
لم يكن مساء التاسع من سبتمبر 2025 يوما عاديا في تاريخ قطر والمنطقة. فالعاصمة الدوحة، التي اعتادت أن تكون جسرا للحوار وميدانا للوساطة، فوجئت بضربة إسرائيلية غادرة استهدفت أرضها في سابقة خطيرة هي الأولى من...
في مشهد ينذر بتحول نوعي في مسار العدوان الإسرائيلي الوحشي بالمنطقة، استهدفت صواريخ إسرائيلية مساء أمس الثلاثاء، «دوحة السلام»، لتُصيب مقرات سكنية يُقيم فيها عدد من أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس، ممن كانوا منخرطين في...
في زمن بات تناول الألم والعذاب الذي يعيشه إخواننا في غزّة بشكل اعتيادي، كان صوت الصحفي الميداني أنس الشريف من قلب المأساة الفلسطينية، بمثابة صرخة ضمير: «لم أتمالك نفسي من هول المجازر، لكنني وجدت صوت...
لم تعد الوساطة في النزاعات الدولية حكرا على القوى الكبرى أو المنظمات الأممية، بل برزت دولة قطر في العقدين الأخيرين كلاعب محوري في هذا المضمار، تجمع بين الحياد السياسي، والقدرة الاقتصادية، وشبكة علاقات إقليمية ودولية...
بين اتساع رقعة الحرائق في الإقليم، واستمرار الاشتباك المباشر بين إيران وإسرائيل، وجدت دولة قطر نفسها – دون رغبة أو انخراط – أمام لحظة فارقة. ولم تكن الدوحة طرفا في المواجهة، لكنها استُهدفت. ولم تكن...
في 14 مايو 2025 حطّت طائرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الدوحة، في زيارة تاريخية تأتي تتويجا لجولة في المنطقة شملت أيضا قمة خليجية-أمريكية في الرياض قبل يوم واحد. وهذه الزيارة الرئاسية إلى قطر –...
في مرحلة تتسم بتشابك الأزمات وتعدد مسارات النزاعات في المنطقة العربية والشرق الأوسط، تبرز دولة قطر كفاعل دبلوماسي نشط يسعى لإعادة صياغة المشهد الإقليمي، انطلاقا من رؤية قائمة على الحوار والشراكة، لا على الصدام والاستقطاب....
«قطر أظهرت قولاً وعملاً على مر السنين تضامنها الكامل ودعمها المطلق للبنان»، ربما تكون هذه العبارة الأكثر توضيحاً للموقف القطري من لبنان على مر السنين. وتزداد أهميتها أنها على لسان رأس الدولة اللبنانية فخامة الرئيس...
بداية الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة والشعب الفلسطيني، كانت دولة قطر حاضرة في الخطوط الأمامية للجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى وقف إطلاق النار، وتخفيف المعاناة الإنسانية عن الشعب الفلسطيني. وهذا الدور لم يكن وليد...
لم تتأخر دولة قطر في تقديم الدعم للشعب السوري الشقيق منذ اندلاع الثورة السورية في مارس 2011، واضعة الجانب الإنساني والوقوف بجانب الشعب السوري في مقدمة أولوياتها. فقد جاءت الأزمة السورية كواحدة من أسوأ الكوارث...
دعوة فخرية تلقيتها من مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع للمشاركة في احتفالية الذكرى الثلاثين لتأسيسها، وهي لحظة فارقة تستحق التوقف والتأمل. إذ على مدار هذه السنوات، تحولت المؤسسة التي انطلقت برؤية طموحة من مبادرة...
ستبقى الزيارة الرسمية لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى سوريا أمس خالدة في الذاكرة وعلى صفحات التاريخ. فبوصول حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير...