محطة المساحات الابتكارية

تناولت في المقال السابق محطة البرامج الابتكارية والتي كان لها الفضل في فتح المجال لنا بالعمل في تطوير وإدارة المساحات الابتكارية. لكن قبل ذلك، مهم أن نجيب على مجموعة أسئلة، ما هي المساحات الابتكارية؟ ولماذا نحتاجها؟ وما الغالية منها؟ إجابة ما هي المساحات الابتكارية: المساحات الابتكارية مضمونا تؤدي نفس الغرض لكن تختلف المسميات حولها بناءً على القطاع الذي يوظفها. مثلاً في قطاع التعليم مسماها معامل أو مساحة الصناع. في قطاع البحوث مسماها معامل البحث والتطوير. في قطاع الصناعة تسمى معامل نمذجة أولية. في الوزارات والمؤسسات مساحات العصف الذهني أو مساحات الإبداع. في حاضنات ومسرعات الأعمال تسمى معامل التصنيع الرقمي. إجابة لماذا نحتاج المساحات الابتكارية: بغض النظر عن المسميات المختلفة إلا أن الغرض واحد وهو مساحة حرة وآمنة لاختبار الأفكار والأطروحات الجديدة ضمن منهجيات معينة تساعد أفراد الكيان على التحقق من جدوى المخرجات المبنية على فرضيات معينة. المخرجات قد تكون على شكل نماذج أو برامج او إجراءات أو تصاميم الخ. أما عن الغاية: ففي قطاع التعليم تستخدم لبناء المهارات وطرق التفكير الممنهج. في قطاع البحث والتطوير تستخدم لبحث مساحات جديدة لم تُبحث من قبل. في قطاع الصناعة تستخدم للتحقق من جدوى المنتجات الجديدة. في قطاع المؤسسات والوزارات تستخدم لتحسين تجربة المستخدم/ المراجع»العميل» الموظفين أو لتحسين الإجراءات العامة للتشغيل. في قطاع المسرعات تستخدم للتحقق من جدوى فكرة شركة معينة. بالعودة إلى فكرة مقال اليوم محطة المساحات الابتكارية، ففي سنة 2016 بدأنا بالانتباه في وجود صعوبة في إيصال فكرة أهمية الاستخدامات الأمثل لتقنيات الثورة الصناعية الرابعة. وتحليلنا أن جذر هذه الصعوبة يتمحور حول نقطتين: 1- حداثة الموضوع على البيئة المحلية (تقنيات حديثة واستخدامات جديدة) 2- حقيقة أن مقدم الخدمة شركة محلية ناشئة (ثقة وإمكانية تحقيق الأهداف). فقررنا بضرورة فعل أمر يستوجب معالجة هذه التحديات بشكل مختلف. وكانت هذه لحظة ولادة فكرة باص صانع. أول معمل تصنيع رقمي متنقل بالشرق الاوسط معتمد من قبل مؤسس فاب فاونديشن (مؤسسة غير ربحية من جامعة إم آي تي مختصة في وضع معايير معامل التصنيع الرقمي). كنا حريصين أن تمنح تجربة باص صانع الأفراد فكرة ملموسة على أهمية الأدوات والآليات (الخطوات) المساندة لها في عالم التصنيع. حيث تم تصميم مساحة الباص بطريقة مراحل مختلفة تمر بها الفكرة (العصف الذهني - التصميم - الطباعة ثلاثية الأبعاد - الدوائر الكهربائية). خلف هذا الناتج الا وهو باص صانع التالي: فهم احتياجات العميل، فهم احتياجات الشريحة المستهدفة، تصميم المساحة، توفير الأدوات المناسبة، تطوير وانشاء المساحة، توفير الكادر البشري المُمكّن لإدارة المساحة، بالإضافة الى الإجراءات المناسبة لتشغيل المساحة بشكل فعّال. تجربة باص صانع كمساحة ابتكارية متنقلة منحتنا في ابتكار الخبرة والمعرفة الفنية التي كشفت لنا عن فرص سوقية جديدة وهي اعداد وادارة المساحات الابتكارية في السوق المحلي. حيث انتقلنا من باص صانع الى ادارة مساحات ابتكارية في قطاعات مختلفة كالتعليم، وقطاع دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، الى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، لذوي الاحتياجات الخاصة، إلى تقديم استشارات لقطاع الصناعة في تطوير مساحات النمذجة الخاصة فيهم. تجربة إعداد وإدارة المساحات الابتكارية التي حظينا فيها مكنتنا من إدارة الابتكار وهذا ما سأتناوله في مقالي القادم بإذن الله.