عدد المقالات 28
عندما نتحدث عن الأثر الذي تتركه الأشياء، فإننا نميل دومًا إلى ربط الشيء بأصله. على سبيل المثال، عند ذكر سيارة تويوتا، نفكر فورًا باليابان. وعندما نتحدث عن آبل، نستدعي صورة ستيف جوبز. أما الأهرامات، فهي مرتبطة بالفراعنة ومصر. هذا السلوك البشري الفطري في الربط يهدف إلى خلق علاقات سببية تسهّل الفهم وتُشكّل منطقًا يربط بين الأشياء وأصولها. هذه الطبيعة في الربط لا تقتصر على الأشياء المادية فقط، بل تمتد أيضًا إلى الأنظمة الاقتصادية والسياسية. نحن نحاول دائمًا فهم التاريخ والحاضر من خلال ربط النظم بأهلها وسياقاتها. ومن هذا المنطلق، أتناول اليوم موضوع مقالنا: «اقتصاد المعرفة والعقال». عندما ننظر إلى تطوّر الأنظمة الاقتصادية، نجد أن اقتصاد المعرفة ليس وليد منطقتنا ولا ثقافتنا. بل هو نتاج اقتصادات متقدمة نشأت في بيئات مختلفة. في منطقتنا، كانت الاقتصادات تاريخيًا قائمة على الزراعة والتجارة، بسبب تأخر تأثير الثورات الصناعية والاقتصادية عالميًا على المنطقة. ربط الاقتصاد بثقافة الأفراد مهم جدًا لأنه يعكس هويتهم المجتمعية. وعلى الرغم من التحوّلات الاقتصادية الكبرى عالميًا، لم تتغير ثقافة الاقتصاد في منطقتنا بنفس السرعة. التحوّل من التجارة التقليدية إلى الاعتماد على الموارد الطبيعية أوجد رفاهية مادية، لكنه لم يُحدث تغيّرًا جذريًا في العقلية الاقتصادية، التي ما زالت تميل إلى التجارة والاستيراد كنموذج اقتصادي رئيسي. في خضم الحديث عن التحوّلات الاقتصادية الكبرى، نجد أنفسنا نصطدم بتصوّرات ذهنية راسخة. العقال، رغم بساطته كلباس، يعكس ثقافة وتاريخًا وتصورات مرتبطة بالمنطقة. ومن بين هذه التصوّرات النمطية فكرة أن «اقتصاد المعرفة» ليس جزءًا أصيلًا من منطقتنا أو ثقافتنا، بل هو نتاج بيئات وثقافات مختلفة. تجربة مررت بها توضح هذه الصورة النمطية. تواصل معي شخص من دولة أجنبية يبحث عن شراكة لتنفيذ مشروع محلي. بعد نقاش تفاصيل المشروع، عرض علينا هو وفريقه أن يقوموا بكل العمل المطلوب، بينما يقتصر دورنا كشركة محلية على «الختم» ووضع الاسم على المستندات الرسمية! رغم غرابة الطلب، تبين لاحقًا أنه يعكس تصوّرًا شائعًا لدى البعض بأن الشركات المحلية في المنطقة تعتمد بالكامل على الخبرات الأجنبية، بينما تكتفي بدور الوسيط. عندما أوضحنا أن هذا الأسلوب لا يمثل قيمنا كشركة تسعى لبناء معرفة فنية محلية، بدا الشخص متفاجئًا، مما يعكس التصوّرات الراسخة لدى البعض عن سوق العمل في منطقتنا. في مناسبة أخرى، دعيت للمشاركة في جلسة نقاشية مع بعض المسؤولين لمناقشة تحديات ريادة الأعمال في المنطقة. طرحت خلال النقاش أهمية تطوير قطاع استشارات محلية لفهم خصوصية الثقافة والبيئة المحلية. لكن أحد المسؤولين فاجأني بقوله: «لا نلبس المعرفة عقال»، في إشارة إلى عدم الاستعداد والجاهزية في المنطقة للعب دور قيادي في هذا المجال. ورغم تفهمي للحديث عن النضج المرحلي لبناء هذا القطاع، إلا أن الرد كان يعكس إحباطًا واستسلامًا لفكرة أن هذا التحول غير ممكن. هذا التصوّر الدارج يتطلب العمل على تغييره تدريجيًا. اقتصاد المعرفة ليس مستوردًا بالكامل، بل يمكننا صياغته وتطويعه ليصبح جزءًا من ثقافتنا المحلية. وهذا لا يتحقق إلا من خلال بناء قدرات محلية تُلائم بيئتنا وهويتنا. العقال ليس عائقًا أمام المعرفة، بل يمكن أن يصبح رمزًا لقصة نجاح جديدة تُعيد صياغة العلاقة بين الاقتصاد والثقافة، وتُبرز دور منطقتنا في صياغة مستقبل اقتصاد المعرفة.
منذ فترة وجيزة، شاركتُ في إحدى الفعاليات التي نظّمتها جهة معنية بمنظومة ريادة الأعمال. وكأي مناسبة مماثلة، كان هناك تفاعل وحوارات وفرص للتواصل. بعد انتهاء الفعالية، تواصلتُ مع القائمين عليها لشكرهم على جهودهم المبذولة في...
كثيراً ما يُطرح سؤال «ما جدوى ريادة الأعمال؟» في السياق المحلي، والسؤال عادةً يوجّه للقائمين على منظومة ريادة الأعمال ولرواد الأعمال أنفسهم. ولعله سؤال وجيه في ظل ما نعيشه من نعم رب العالمين خصيصاً مع...
سئلت ذات مرة كيف نجعل من أبنائنا مبتكرين بالمستقبل؟ وكان السؤال موجها لي بحكم أمرين، الأول طريقة تعاملي مع أبنائي بالمنزل من ناحية المشاريع المنزلية والرحلات الميدانية، والأمر الثاني عملي من خلال البرامج المتخصصة في...
منذ شهر نوفمبر سنة 2014 أصبحت ريادة الأعمال هي شغلي الشاغل حيث وجدت ما يروي عطشي بعد عقد من تجربتي كرائد أعمال وددت أن أشارك مع المهتمين سبعة عوامل مفصلية في رحلة شركة ابتكار من...
استكمالاً لسلسلة الابتكار المؤسسي، وبعد النظر للموضوع من الزوايا التي تطرقنا لها على مدار الأسابيع الماضية، يبقى السؤال الذي قد يتبادر لأذهان القراء: كيف يمكن البدء في الابتكار المؤسسي؟ وكيف يمكن احترافه؟ هذا سؤال منطقي...
استكمالاً لسلسلة الابتكار المؤسسي التي تناولنا فيها في الأجزاء الثلاثة السابقة كلاً من حراك المؤسسات المحلية، تاريخ الابتكار المؤسسي، ونماذج المؤسسات. في مقال اليوم سأتناول موضوعاً مهماً، وهو محركات أو دوافع الابتكار. هذه الدوافع هي...
امتداداً لسلسلة مقالات الابتكار المؤسسي، سأستعرض في هذا المقال موضوعاً مهماً ألا وهو أنواع المؤسسات وأثرها على طبيعة الابتكار المؤسسي المتوقع منها. ففي أحد النقاشات السابقة مع فريق في بيئة عمل حكومية، كانت تطلعاتهم تتجه...
في الأسبوع الماضي، بدأت سلسلة مقالات تتناول ”الابتكار المؤسسي“، حيث تطرقت في المقال الأول إلى رحلة مؤسساتنا نحو غرس ثقافة الابتكار. وفي هذا الأسبوع، سأتناول «تاريخ الابتكار المؤسسي» لأهمية التحولات التاريخية وتأثيرها البالغ على ما...
في هذا المقال أود أن أشارك مع القارئ المهتم بموضوع الابتكار المؤسسي زاويتي الخاصة والتي تشمل حوارات، وقراءات حول نفس الموضوع. هادفاً من هذه المشاركة تسليط الضوء على أمرين: الاول اتساع دائرة الاهتمام محلياً بالموضوع،...
مؤخراً قمت بتلقي مجموعة دعوات لمشاركة تجربتنا في جذور العربية. الامر الذي شجعني في تخصيص سلسلة تتناول تجربة تطوير البرنامج. جذور العربية برنامج تعليمي معني بتوفير تجربة تعليمية مشخصنة لتطوير المهارات اللغوية كالقراءة والكتابة والاستماع...
أقمنا مؤخراً في ابتكار جلسة نقاشية بعنوان «انجاز الابتكار من خلال مشروع 2022»، والتي تأتي كجزء من سلسلة جلسات نقاشية مُخطط لها لسنة 2022 تتناول القضايا المتعلقة بالابتكار. حيث قمنا في هذه الجلسة بتسليط الضوء...
سأتناول في مقالي هذا دور القيادات في الابتكار الحكومي وهو الجزء الثالث والأخير من سلسلة «الابتكار الحكومي من منظور القطاع الخاص». حيث تناولت في الاجزاء السابقة موضوعين ألا وهما الاطار العام لإدارة الابتكار، وآليات إدارة...