alsharq

د. زينب المحمود

عدد المقالات 328

التواضع الأصيل

29 يناير 2024 , 02:05ص

إنّ هذا الصنف المتواضع الأصيل من البشر يتعامل مع بنود النقاش بالمنطق والحق، لا الحسب ولا النسب ولا العرق العربي الأَصيل، يجادل النظراء بالّتي هي أَحسن، ويتوق إلى من عنده حجة الأَخلاق البالغة، وبرهان العمل الصالح الساطع، فما يُنقص منه الأَصل وما يزيد. وقد ترقى بعض الأَقوال العربية وأَشعار الحكمة إِلى سننٍ قانونية أَو دساتير يُعمل بها، ومن أَحسنها، قول القائل: إِن الفتى من يقول ها أَنا ذا ليس الفتى من يقول كان أَبي وعلى نحوه قول القائل: لا تقل أَصلي وفصلي أَبدًا إِنما أَصل الفتى ما قد حصل وكم هو مخزٍ ومؤسف ما نراه اليوم من القبلية السائدة في التعامل البشري، والعنصرية في الانحياز بحسب طبقات المجتمع، فما حيلة أَحدنا في اختيار أَصله، وانتقاء أَصلاب آبائه وأَرحامهم، إِنما حيلتنا في اختيار الخلق القويم أَو الزنيم، وأَن نولي أَنفسنا فجورها أَو تقواها. ولئن كان للإِنسان لباسان؛ لجسده يواري سوءاته من ريش وحرير، ولروحه من لباس التقوى أَو الفجور، فجميل أن يحيك أحدنا لنفسه حلة من الوقار حتى تهابه المجالس، من دون اطلاع سابق على انتمائه العائلي والقبلي، وحتى من قبل أَن ينبسَ ببنت شفة، ففور مقابلة جلسائه يشعرهم بهالة من التوقير، ويَضرب حوله برزخًا من الهيبة، لا يجاوزونه بالتبسط معه، بل يحفظونه بالالتزام والاتزان، حتى إِذا أَدلى بدلوه في الحوار، عزز فكرة الحضور عن مهابته، ومكّن لروعته في قلوبهم. هل أَدلكم على مغزل الوقار، وخيوط الإِكبار؟ إِنها ملازمة الحقيقة، وملاصقة الواقع، ومجانبة الانتفاش والانتفاخ، لأَن التظاهر ومراءاة الناس هي أَورام مشينة فوق حجم الإِنسان الطبيعي، ومساحيق تقبيح لا تجميل، وأَزياء تنكّرية مفضوحة، تظهر تحتها ذات الإِنسان القلقة. لذا، لا تزركش المقدمات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، لا تضخّم الهوامش على حساب المتون، ولا تضلل السامعين بالأَلفاظ الطروبة، وقشور الكلمات الخاوية من المعاني؛ لأَن من يطرقون هذا النهج من الخطب الرنانة والكلام المزوّقِ، غالبًا ما يريدون من ورائه التشويش على الحقائق، واستهواء السذّج والجهلة ممن يهتمون بهذه الإِشعاعات، وما أَنكى، وما أَدهى مِن تطابق هذه المنهجية مع عمل شياطين الإِنس والجن الذين شنّع عليهم ربنا - جلَّ وعلا - حينما قال: ﴿يُوحي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ القَوْلِ غُرورًا﴾. وأخيرًا، اقصد في قولك الفصل، الخالي من الهزل، وتجنب الحشو الذي يبعد الحديث عن جادة القصد، وخير من هذا كله عدم الخوض مع الخائضين في أعراض الناس وطرائقهم القدد، ومستوياتهم ودرجاتهم. @zainabalmahmoud @zalmahmoud@outlook.com

غالبٌ على أَمْرِهِ

في هذه الأيام، يتوسل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها باسم الله الغالب؛ ليرد عنهم كيد الكائدين، وغيظ المعتدين، وكل حقد ظاهر ودفين. فالأمة منذ حين تمر بمخاض القيام والانتفاض، ولهذا القيام تكاليفه الوافية من الخوف...

أَبصر به وأَسمع

كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...

مفتاح النصر

لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...

كمال الستر

كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...

رغم المكر.. قطر ستبقى حرة

كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...

كمال غناه

إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...

الحقُّ أحقُّ أن يُتّبع

لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...

إِلهٌ حميد

مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...

لربنا حامدون

هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...

لا تقنطوا...

معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...

خليفة

لا شكَّ في أنّ مَن يقرأ كلمة «خليفة» أو يسمعها، يتذكر قول الله تعالى: ﴿وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَاـئِكَةِ إِنِّی جَاعِل فِی الأرض خَلِیفَة ﴾ [البقرة: 30]، وكذلك يتذكر منصب الخلافة في الإسلام. لكن هل حاول...

ومضةٌ لغويةٌ: الحقّ

كان إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي - رحمه الله - أكثر الناس تداولًا وتناولًا لاسم الله الحق، وكان إذا أراد استحضار آية كريمة وإدراجها في سياق تفسيره العرفاني النوراني المعروف بالخواطر، قال: «يقول الحق...