عدد المقالات 191
ملأت الاحتجاجات الشعبية الغربية الساحات والميادين والجامعات وكل الميادين العامة في أوروبا وأمريكا وأستراليا نصرة لقضية فلسطين، ورفضاً للعدوان الإسرائيلي الغاشم على شعبه وأرضه، وكان هذا الانبعاث هو انعكاس لحالة الغضب الشعبي هناك ضد سياسة الحكومات الغربية التي ناصرت كثير منها إسرائيل ودعمتها، وليست هذه الكرة الثلجية التي نراها تكبر يوماً بعد يوم من التظاهرات الطلابية والشبابية في الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، وأوروبا خارج المخطط النظري الأخلاقي ولا خارج السياق الإنساني في الغرب، حيث يتم تلقين طلبة المدارس مبادئ دستورية صارمة في مقدمتها حرية الاختيار وحرية التعبير وحقوق الإنسان منذ المراحل الأولى من عمرهم الدراسي. والآن هذا الحراك الذي يُلهب العواصم الأوروبية ليس إلا تطبيقا للثقافة التي نشأ عليها هذا الجيل، ووفاء لتلك القيم التي تربوا عليها، وحراسة للمبادئ الإنسانية الشاملة التي تحق لكل إنسان بالفطرة، ولا يحق لأحد المساس بها، فلماذا الاستنفار، ومحاولات احتواء القلق والتعاطي التعسفي مع هذا الحراك الراقي، الذي ابتدأه طلبة الجامعات، واتسع مداره المدني حتى انخرطت فيه جموع شبابية غفيرة؟! «إن الذي خلق الحقيقة علقماً» رحم الله أمير الشعراء أحمد شوقي الذي شخَّص هذه الظاهرة الجميلة فقال: إن الذي خلق الحقيقة علقماً... لم يُخلِ من أهل الحقيقة جيلا نعم سبحانه وتعالى، خلق الحقيقة مُرة، والإنصاف عزيزا، ولكنه لم يترك جيلا بالكامل هملا دون حراس للحقيقة، وأصحاب تضحية دونها، ولذلك لا تموت الحقوق ولا تندثر عبر الزمن، والآن يقوم هذا الحراك المشرق المشرّف بالدفاع عن الحقيقة، ودحض الأباطيل والتلفيقات الإعلامية التي جرت مجرى المسلمات في الأعراف الدولية والسياسية، وهدم صنما من أكبر أصنام العصر الحديث، شاده المحتل في أرض فلسطين، وهو صنم معاداة السامية، التي طرحها الحراك الشبابي للنقاش، والاستجواب اليوم، ليس في أروقة السياسة، بل في ميادين الاحتجاج والتظاهر. مظاهرات العواصم الكبرى آنستنا في الأيام الأخيرة تظاهرات بدأت طلابية في الولايات المتحدة الأمريكية، وانتهت شبابية مدنية في بريطانيا وأوروبا، وضجت بها العواصم والمدن الكبرى والمقاطعات الكبرى، من لندن إلى باريس، وبرلين وتورنتو في كندا وإلى إسبانيا، مع اتساع رقعتها في أمريكا، وازدياد إصرارها وعنادها على دعم غزة والقضية الفلسطينية، وسحب الثقة من الكيان المحتل، وتحميله مسؤولية الكارثة الإنسانية المروعة التي تقع هناك على كافة الصعد. وزاد من هذه الاحتجاجات ردة الفعل القمعية من رجال الشرطة والأمن في بعض دول الغرب، واندلع طوفان من المنشورات والدعوات في مواقع التواصل الاجتماعي ترافق مع استخدام صور من الحراك والقمع ورسومات كاريكاتير تندب فكرة الحرية والديمقراطية، وتدعو لإحياء الروح الإنسانية والأخلاقية في عمق تلك الدول. وكان حراك الجامعات الأمريكية في بوسطن وأريزونا وإنديانا وكولومبيا وهارفارد ونيوجرسي وماريلاند وفلوريدا وواشنطن قد شد انتباه العالم لما يحدث في قلب أكبر دولة غربية، حيث ينتصر هؤلاء الطلاب الغاضبون وأساتذتهم لقيم الحرية والعدالة الإنسانية وحقوق الإنسان. أوساط الغاضبين من موقعنا في الشرق الأوسط، ومن أي زاوية نظر بعيدة عن أوساط هؤلاء الشباب الغاضبين، قد لا نستنكر ولا نغضب، لأننا جراء ما نرى في كل مكان حولنا تشكل لدينا حقيقة لا شعورية أن المظاهرات والاحتجاجات لا بد أن تقابَل بالعنف والقمع، وأنها لن تفوز بشيء من متطلباتها، وأنها ستعود أدراجها بعد خسائر في الأرواح أو على الأقل في السجون، ولكن هؤلاء الشباب الذين عاشوا النهضة المدنية التي بُنيت على قيم الحرية والمساواة وإعلاء شأن الإنسان يستنكرون اليوم لماذا يضطهدهم رجال الأمن لمجرد المناداة بأبسط حقوقهم والتعبير عن رأيهم، وهذا الصدع في الموقف بين هؤلاء الشباب، وبين جيل الحكم «النخب وبعض الأحزاب» له عدة مسببات. ربما يقع على ساسة تلك الدول أن يعلموا أن هؤلاء المتظاهرين منسجمون مع ذواتهم ومع ما تربوا عليه، نشأوا على أن الحرية حق لكل إنسان لا يساومه أحد عليها، وها هم يدافعون عن حقوق الإنسان المظلوم في غزة، نشأوا على قيم حرية التعبير وأنها حق لا ينازعهم أحد عليه، وها هم عبروا عن رأيهم بوحشية دولة الكيان وجريمتها وملفها الإنساني المشين، وبالمقابل عبروا عن رأيهم في أحقية صاحب الأرض الفلسطيني في أن يأمن بغزة وخارج غزة، وعبروا عن غضبهم تجاه الحرب الغاشمة واللوبيات التي تدعم الحرب من بلدانهم، ولكن نازعهم الساسة والحكام حرية التعبير المزعومة، لأن الساسة يغردون في سرب آخر ويعيشون في فضاء آخر غير هؤلاء الشباب، ويتغنون بالقيم الإنسانية مع وقف التنفيذ، وينددون بالجرائم مع دعم منفذيها. ليس كل يهودي صهيونياً هذا الجيل الشبابي لا شيء عنده محل قداسة، ولا فكرة فوق المحاكمة، وقد اعتاد الكيان على سيطرة فكرة معاداة السامية على المحافل الدولية وانتشار فكرة مظلومية اليهود طيلة تلك الحقب منذ الهولوكوست حتى اليوم، ولكن الواقع الراهن والمشهد الحاضر، ومن حيث انتهت المحاضرات يظهر مشاركة آلاف الشباب اليهود في المظاهرات، ليمتاز بذلك اليهودي عن الصهيوني، فليس كل يهودي صهيونيا، ولا كل صهيوني يهوديا أيضا، ومهما كانت غمامة الإعلام الإسرائيلي تحجب ضوء الحقيقة، فإنها واهية وغير كافية لتخدير هؤلاء الشباب الواعين الذين لم يقعوا في غفلة البروباغندا الصهيونية، وهم يرون الواقع خلاف الحقيقة، فالدعاية هي الضعف والتعرض للظلم، والواقع هو ظلم الآخرين، ولوبيات السيطرة لتكييف قرارات الدول لدعمها. إن صحافة المواطن اليوم، زلزلت كل ما تحاول بعض القنوات الصهيونية والغربية تسويقه من أفكار، وكانت الدعاية الصهيونية في مأمن من الإعلام الذي تسيطر عليه، وتنتج الأفلام الوثائقية السينمائية التي تبقي قضيتها في أعلى أولويات الاهتمام، ولكن منصات التواصل والثورة الرقمية الأخيرة ألغت دور الوساطة الغربية والإسرائيلية في تحريف الخبر وتغيير مساره، فالشبان يرون مشاهد الدماء والأشلاء تتواتر إليهم من غزة بلا انقطاع، ويرون أيضا الدعم العلني يذهب إلى الكيان من بلدانهم بلا انقطاع. فرنسا وإسبانيا قد رأينا أول غيث هذه الاحتجاجات، حيث خفت حدة اللهجات الداعمة للصهيونية في الدول الغربية، ففرنسا صوتت إلى جانب إسبانيا بتأييد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بوقف إطلاق النار في غزة، مع إعرابه عن التعاون مع قطر لإبرام هدنة أطول من سابقتها، ورئيس الوزراء في بريطانيا ريشي سوناك يقيل وزيرة الداخلية التي دعت لمزيد من العنف في كبت الاحتجاجات، والأهم من هذا كله هو تغير بوصلة الوعي الشعبي الجماهيري في الغرب، لتسفر غالبية استطلاعات الرأي عن متضامنين مع غزة وفلسطين أكثر من المتضامنين مع إسرائيل، وأحيانا أضعافهم، ونرجو أن يكون آخر الغيث صعود جيل جديد يقلب الطاولة على هذا الجور، تكون غزة الملهمة، وتكون همة هؤلاء الشباب الملهبة له.
في زمن بات تناول الألم والعذاب الذي يعيشه إخواننا في غزّة بشكل اعتيادي، كان صوت الصحفي الميداني أنس الشريف من قلب المأساة الفلسطينية، بمثابة صرخة ضمير: «لم أتمالك نفسي من هول المجازر، لكنني وجدت صوت...
لم تعد الوساطة في النزاعات الدولية حكرا على القوى الكبرى أو المنظمات الأممية، بل برزت دولة قطر في العقدين الأخيرين كلاعب محوري في هذا المضمار، تجمع بين الحياد السياسي، والقدرة الاقتصادية، وشبكة علاقات إقليمية ودولية...
بين اتساع رقعة الحرائق في الإقليم، واستمرار الاشتباك المباشر بين إيران وإسرائيل، وجدت دولة قطر نفسها – دون رغبة أو انخراط – أمام لحظة فارقة. ولم تكن الدوحة طرفا في المواجهة، لكنها استُهدفت. ولم تكن...
في 14 مايو 2025 حطّت طائرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الدوحة، في زيارة تاريخية تأتي تتويجا لجولة في المنطقة شملت أيضا قمة خليجية-أمريكية في الرياض قبل يوم واحد. وهذه الزيارة الرئاسية إلى قطر –...
في مرحلة تتسم بتشابك الأزمات وتعدد مسارات النزاعات في المنطقة العربية والشرق الأوسط، تبرز دولة قطر كفاعل دبلوماسي نشط يسعى لإعادة صياغة المشهد الإقليمي، انطلاقا من رؤية قائمة على الحوار والشراكة، لا على الصدام والاستقطاب....
«قطر أظهرت قولاً وعملاً على مر السنين تضامنها الكامل ودعمها المطلق للبنان»، ربما تكون هذه العبارة الأكثر توضيحاً للموقف القطري من لبنان على مر السنين. وتزداد أهميتها أنها على لسان رأس الدولة اللبنانية فخامة الرئيس...
بداية الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة والشعب الفلسطيني، كانت دولة قطر حاضرة في الخطوط الأمامية للجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى وقف إطلاق النار، وتخفيف المعاناة الإنسانية عن الشعب الفلسطيني. وهذا الدور لم يكن وليد...
لم تتأخر دولة قطر في تقديم الدعم للشعب السوري الشقيق منذ اندلاع الثورة السورية في مارس 2011، واضعة الجانب الإنساني والوقوف بجانب الشعب السوري في مقدمة أولوياتها. فقد جاءت الأزمة السورية كواحدة من أسوأ الكوارث...
دعوة فخرية تلقيتها من مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع للمشاركة في احتفالية الذكرى الثلاثين لتأسيسها، وهي لحظة فارقة تستحق التوقف والتأمل. إذ على مدار هذه السنوات، تحولت المؤسسة التي انطلقت برؤية طموحة من مبادرة...
ستبقى الزيارة الرسمية لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى سوريا أمس خالدة في الذاكرة وعلى صفحات التاريخ. فبوصول حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير...
شهدت العلاقات بين دولة قطر وسلطنة عُمان تطورا مستمرا على كافة المستويات، وفي مشهد يُبرز مدى العمق التاريخي لهذه العلاقة التي تمتد جذورها إلى عقود طويلة من التعاون والتفاهم المشترك. وتستند هذه العلاقات إلى دعائم...
لطالما عُرفت دولة قطر بدبلوماسيتها الناعمة التي تقوم على مبدأ دعم الشعوب ومساندة قضاياهم العادلة، من خلال الجمع بين المرونة السياسية والمواقف المبدئية. حيث نجحت قطر، خلال السنوات الماضية، في لعب أدوار محورية في تسوية...