


عدد المقالات 331
كثيرًا ما نسمع بمصطلح النضج، فنقول نضج فلان، ونضجت الفكرة، ونضج الكتاب، فما المقصود بالنضج في الفكر الإنساني؟ وما أَماراته؟ إن النضج سمة تظهر في قول الشخص وسلوكه، ولكنها في السلوك أبلغ، تفيد بتحول هذا الشخص إلى موافقة العلم والمنطق والحق والعدل. وبمعنى أدق؛ يقرب فعله من مطابقة الكمال، في الأقوال والأفعال. وإن من أبرز علامات النضج، تفكير الإنسان في إصلاح نفسه، بادئًا من أعماقه وجذور تفكيره، تاركًا إلقاء اللوم على ظروفه، مبتعدًا عن تبرير عجزه بشخوص أو بزمان أو بمكان، وإن انطلاق الإنسان في خطوته هذه تعني أنّ يمتلك زمام نفسه، وليس للآخرين أو الظروف وما يرتبط بها عليه سبيل. إن تركك الخوف مما مضى هي خطوة مهمّة للتقدم نحو الأمام، فكثيرًا ما يتعرّض الإنسان لمواقف صعبة تتعلق بحياته؛ الأسرية أو العلمية أو الاجتماعية، تترك أثرًا في نفسه يجعله مرتبكًا في السيطرة على نفسه واتخاذ القرارات الحكيمة، لذا يجب عليك ترك التفكير في كل ما يشتتك ويبعثر تفكيرك، ومن ثَمَّ، فإن المواقف مختلفة من زمن إلى زمن، ومن واقع إلى واقع، فعلمك بهذه الحقيقة دليل نضجك وأنك في الاتجاه الصحيح، والمعادلة في هذا الجانب واضحة؛ إذ إنّ تحقيق العقل نسبةً معقولةً من المعرفة والمهارة والخبرة، يقود إلى تحقيق العاطفة قدرًا من الاستقرار النفسي الذي ينعكس على تعاملك مع (من أو ما) حولك، وهذا هو تحقيق النضج الاجتماعي لديك. إن الدمج بين نضجك العقلي والعاطفي خطوة مهمّة في تحقيق الوعي الذي يؤهلك لامتلاك نفسك والتفاعل مع مجتمعك ومسايرة الناس وتقلبات الحياة على نحو يجنبك أي انفعال قد يجرّ عليك عواقب سلبية صحيًا ونفسيًا واجتماعيًا، وربما أبعد من ذلك. وإنك في هذه الحالة ستكون قادرًا على التحكم التامّ بانفعالاتك المزاجية، وأن تكون لبقًا في كلامك وتعاملك، فلا تحطم قلبًا، ولا تلقي سهامًا مسمومة تصيب الناس في مقتل، فيرتد كلّ ذلك سلبًا عليك. إن النضج والوعي خصلتان تقوداننا إلى استخدام عقولنا استخدامًا سليمًا، وقمة النضج أن تتجاهل كل ما يزعجك قدر المستطاع، وأن تتجنب الغضب فهو مبعثر كل نضج ووعي، ولذلك حذر منه نبينا حينما أوصانا بقوله: «لا تَغْضَبْ»، وليس هذا فحسب، بل إن قيمتك الحقيقية تكمن في الاتزان والترفع عن سفاسف الأمور. فمن علامات النضج؛ ترك الجاهل وجداله، امتثالًا لقول الله: «والذين إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا»، ومن ثَمّ الانسحاب من جدال ما لا نُضج فيهم، ولا رأي لهم، ولا حجة. وأخيرًا، إنَّ النضج المطلوب هو ذلك النضج الذي يجعلنا ندرك قيمة الأشياء من حولنا، وهو الذي يوجهنا نحو العطاء على نحو أكبر، ومشاركة الآخرين بكل مفيد، والعلو بأنفسنا لتصبح سعيدة بسعادة الآخرين، ومبتهجة بابتهاجهم، وهذه الأمارات ليست أمارات النضج فحسب، بل هي أمارات الإيمان، لقوله عليه السلام: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه». فبالنضج وحده نحقق الوعي والإيمان ونسعد في دنيانا، ونلقى خيرًا في آخرتنا. @zainabalmahmoud @zalmahmoud@outlook.com
ربما يتساءل كثير من الناس عن جمال الله تعالى، ونوره، فيرسمون في مخيلاتهم المتواضعة نماذج متواضعة عن حقيقة جماله سبحانه وتعالى، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال في ذلك الجمال: «حجابُه النور،...
ما أعدل الله في توزيعه نعمه! وما أعظم جبره خواطر عباده! ومن معالم ذلك وأمثلته؛ أنه جلّ وعلا نوّرنا بأمثلة من عالم الإنس، يرون بطريقة فريدة غير معهودة، وهم العميان الذين ولدوا بعيون مسلوبة الأنوار،...
قد يتساءل البعض عن العلاقة التي تجمع مفردة الربّ بما يضاف إليها، وهل يبقى معناها وفق ما هو في سياقها الديني واللغوي؟ حقيقة، لكلمة الربّ خارج معناها الإلهي معانٍ مختلفة، يحدّدها السياق وما يرتبط به...
في هذه الأيام، يتوسل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها باسم الله الغالب؛ ليرد عنهم كيد الكائدين، وغيظ المعتدين، وكل حقد ظاهر ودفين. فالأمة منذ حين تمر بمخاض القيام والانتفاض، ولهذا القيام تكاليفه الوافية من الخوف...
كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...
لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...
كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...
كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...
إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...
لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...
مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...
هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...