عدد المقالات 322
كثيرًا ما نسمع بمصطلح النضج، فنقول نضج فلان، ونضجت الفكرة، ونضج الكتاب، فما المقصود بالنضج في الفكر الإنساني؟ وما أَماراته؟ إن النضج سمة تظهر في قول الشخص وسلوكه، ولكنها في السلوك أبلغ، تفيد بتحول هذا الشخص إلى موافقة العلم والمنطق والحق والعدل. وبمعنى أدق؛ يقرب فعله من مطابقة الكمال، في الأقوال والأفعال. وإن من أبرز علامات النضج، تفكير الإنسان في إصلاح نفسه، بادئًا من أعماقه وجذور تفكيره، تاركًا إلقاء اللوم على ظروفه، مبتعدًا عن تبرير عجزه بشخوص أو بزمان أو بمكان، وإن انطلاق الإنسان في خطوته هذه تعني أنّ يمتلك زمام نفسه، وليس للآخرين أو الظروف وما يرتبط بها عليه سبيل. إن تركك الخوف مما مضى هي خطوة مهمّة للتقدم نحو الأمام، فكثيرًا ما يتعرّض الإنسان لمواقف صعبة تتعلق بحياته؛ الأسرية أو العلمية أو الاجتماعية، تترك أثرًا في نفسه يجعله مرتبكًا في السيطرة على نفسه واتخاذ القرارات الحكيمة، لذا يجب عليك ترك التفكير في كل ما يشتتك ويبعثر تفكيرك، ومن ثَمَّ، فإن المواقف مختلفة من زمن إلى زمن، ومن واقع إلى واقع، فعلمك بهذه الحقيقة دليل نضجك وأنك في الاتجاه الصحيح، والمعادلة في هذا الجانب واضحة؛ إذ إنّ تحقيق العقل نسبةً معقولةً من المعرفة والمهارة والخبرة، يقود إلى تحقيق العاطفة قدرًا من الاستقرار النفسي الذي ينعكس على تعاملك مع (من أو ما) حولك، وهذا هو تحقيق النضج الاجتماعي لديك. إن الدمج بين نضجك العقلي والعاطفي خطوة مهمّة في تحقيق الوعي الذي يؤهلك لامتلاك نفسك والتفاعل مع مجتمعك ومسايرة الناس وتقلبات الحياة على نحو يجنبك أي انفعال قد يجرّ عليك عواقب سلبية صحيًا ونفسيًا واجتماعيًا، وربما أبعد من ذلك. وإنك في هذه الحالة ستكون قادرًا على التحكم التامّ بانفعالاتك المزاجية، وأن تكون لبقًا في كلامك وتعاملك، فلا تحطم قلبًا، ولا تلقي سهامًا مسمومة تصيب الناس في مقتل، فيرتد كلّ ذلك سلبًا عليك. إن النضج والوعي خصلتان تقوداننا إلى استخدام عقولنا استخدامًا سليمًا، وقمة النضج أن تتجاهل كل ما يزعجك قدر المستطاع، وأن تتجنب الغضب فهو مبعثر كل نضج ووعي، ولذلك حذر منه نبينا حينما أوصانا بقوله: «لا تَغْضَبْ»، وليس هذا فحسب، بل إن قيمتك الحقيقية تكمن في الاتزان والترفع عن سفاسف الأمور. فمن علامات النضج؛ ترك الجاهل وجداله، امتثالًا لقول الله: «والذين إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا»، ومن ثَمّ الانسحاب من جدال ما لا نُضج فيهم، ولا رأي لهم، ولا حجة. وأخيرًا، إنَّ النضج المطلوب هو ذلك النضج الذي يجعلنا ندرك قيمة الأشياء من حولنا، وهو الذي يوجهنا نحو العطاء على نحو أكبر، ومشاركة الآخرين بكل مفيد، والعلو بأنفسنا لتصبح سعيدة بسعادة الآخرين، ومبتهجة بابتهاجهم، وهذه الأمارات ليست أمارات النضج فحسب، بل هي أمارات الإيمان، لقوله عليه السلام: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه». فبالنضج وحده نحقق الوعي والإيمان ونسعد في دنيانا، ونلقى خيرًا في آخرتنا. @zainabalmahmoud @zalmahmoud@outlook.com
لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...
مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...
هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...
معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...
لا شكَّ في أنّ مَن يقرأ كلمة «خليفة» أو يسمعها، يتذكر قول الله تعالى: ﴿وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَاـئِكَةِ إِنِّی جَاعِل فِی الأرض خَلِیفَة ﴾ [البقرة: 30]، وكذلك يتذكر منصب الخلافة في الإسلام. لكن هل حاول...
كان إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي - رحمه الله - أكثر الناس تداولًا وتناولًا لاسم الله الحق، وكان إذا أراد استحضار آية كريمة وإدراجها في سياق تفسيره العرفاني النوراني المعروف بالخواطر، قال: «يقول الحق...
إنّ أسماء الله تعالى ماثلة في أفعاله، وظاهرة في مشيئته، ولكن لا يمكن أن يدرك ذلك إلا مؤمن بالله، وجودًا، وتحكُّمًا، وتسييرًا لكون لا يعلم كنهه إلا خالقه جلّ في علاه، ومن بديع أفعاله الماثلة...
إنَّ خيرَ بداية نتفقّه فيها بالنصر، أن نتذكّر أن الناصر اسم من أسماء الله، وهو اسم كريم متاخم وملازم لاسم الغالب، والنصرة من الله هي تعدية الغَلبة لفريق، فيقهر فريقًا آخر ويغلبه، وهي العون والمدد،...
إنّ اللغة العربية لغة غنية بمعانيها ومبانيها، وإنّ سبر أغوار معانيها لا يناله إلا متبصر واعٍ، حصيف فصيح، وهذا ما جعل القرآن الكريم الذي نزل بلسان عربيّ مبين، بليغًا غزيرًا في دلالاته، معجزًا في بيانه....
كثيرٌ من الخلق يعتقد أن الرزق يأتي بسبب ذكاء المرء ودهائه، فهل هذا الاعتقاد صحيح؟ وهل الغنى حكر على الأذكياء من الناس؟ في الحقيقة، لا دخل لذكاء ولا غباء في قبض الأرزاق وبسطها، فهي من...
تُشْتَقُ كَلِمَةُ الحِكْمَةِ مِنْ الجَذْرِ «حَكَمَ» الذي يَقْتَضِي مَعْنى الْمَنْعَ، وَبِهِ قَالَ عُلَمَاءُ اللُّغَةِ وَسَاقُوا عَلَيْهِ الأَدِلَّةَ وَالْبَرَاهِينَ مِنْ دَوَاوِينِ الأَوَّلِينَ، أَصْحَابِ اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ الْمُبِينِ، ثُمَّ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى الأَوَّلِيِّ تَتَفَرَّعُ بَقِيَّةُ الْمَعَانِي، فَتَتَغَيَّرُ وَتَتَحَوَّرُ،...
معلوم أنّ لله عزّ وجل صفات وأسماء له فيها الفردانية المطلقة، إذ لا يمكن أن تنسب إلى مخلوق من مخلوقاته في معناها الاصطلاحي، ومنها لفظا الخالق والخلّاق بالتعريف. لكن هناك بعض أسمائه ما يشتق منها...