عدد المقالات 323
ها هي السنة الهجرية شارفت على الانتهاء والرحيل، وصلنا لنهاية المطاف بعدما شطّ المزار وبَعُد، ومرّت بنا لحظات وانتابتنا خلجات، منها الحلو ومنها المر، تعلمنا ونجحنا وفشلنا وتعددت مواقفنا، حان الأوان أن نضع نصب أعيننا ما يحقق لنا الأفضل، ويوصلنا لرضا الله ورسوله، ما يجعلنا نصلح من ذواتنا لما فيه خير الدارين. آن الأوان أن تداوي شكك باليقين، والتواء ضميرك بالحق، وموج الأفكار بالهدى، واضطراب المسيرة بالرشد، آن الأوان أن تقشع عنك غياهب الظلام بوجه الفجر الصادق، ومرارة الأسى بحلاوة الرضا، وحنادس الفتن بنور يلقف ما يأفكون. ولو قلت لي طأ في اللظى قلت مرحبا فجمر اللظى من أجل عينك عسجدا الطريق لتطوير الذات وتحقيق خلافة الإنسان في الأرض ليست بالسهلة اليسيرة ولا المستحيلة، فقط تحتاج منّا همةً وعزيمةً وإقدامًا، وحربًا ضروسًا على الفتن والأهواء وعن كل ما يغضب الله ويعكِّر صفو التربيّة التي أغدقها عليك والداك، وبذلا الغالي والنفيس من أجل أن تكون ناجحاً وصالحاً ومثالاً يحتذى به. احرص ألّا تكون سببًا في هلاك نفسك وانزلاقها في وحل الجهل والتقصير، فقد تأخذك الدنيا على حين غرّة وتخرجك عن جادّة الصواب. ولو تأملنا في حال من سبقونا لوجدنا شعارهم (الرضا ولو على جمر الغضا). فرأينا منهم الأديب الفصيح الذي دأب على الخير وصبر على التحصيل، وآخر صار إمام الأقطار، ومنهم من طاف البوادي وشافَهَ العلماء لفرط ذكائه وبراعته فنال قصب السبق في تفسير الحديث حتى صار شيخ المفسّرين، فتداولته مجالس الملوك وتباشرت به الأقطار ونهلت من فيض علمه الأجيال، فهذا ابن حبّان المحدِّث الأعجوبة العبقريّ اللوذعيّ طاف البلدان بعلمه وأدبه. وذاك الرازيّ الفخرُ صاحب التفسير جمع فأوعى وصنّف وألّف، ودرس ووعظ وخطب وكتب، وصار عين زمانه وقريع دهره في بهجة مع الأُبّهة والفخامة الدنيويّة. ما أروع سلفنا! وما أجمل أن نقلِّب صفحات التاريخ ونقتبس وننتقي ما يناسبنا لنخوض به غمار الحياة ونجتاز عثراتها وننجح في محطاتها! قد نسمع كثيرا من الناس -في زماننا- يقولون: (الحياة صعبة اليوم)، لكن علينا أن نعلم أنّ صعوبة الحياة ليست مقتصرة على زماننا هذا فالسابقون عاشوا حياة قاسية شادوا منها مجدا، ورفعوا حضارة، فلندع عنّا هراء الأقاويل وأراجيف الانحناء. قال أستاذ يابانيّ لتلاميذه: «الانحناء مثل الصفصفاف وعدم المقاومة مثل البلوط». حان الأوان –أعزائي- لعام جديد وسعيد: على المرء أن يسعى ويبذل جهده وليس عليه أن يساعده الدهر.
إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...
لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...
مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...
هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...
معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...
لا شكَّ في أنّ مَن يقرأ كلمة «خليفة» أو يسمعها، يتذكر قول الله تعالى: ﴿وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَاـئِكَةِ إِنِّی جَاعِل فِی الأرض خَلِیفَة ﴾ [البقرة: 30]، وكذلك يتذكر منصب الخلافة في الإسلام. لكن هل حاول...
كان إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي - رحمه الله - أكثر الناس تداولًا وتناولًا لاسم الله الحق، وكان إذا أراد استحضار آية كريمة وإدراجها في سياق تفسيره العرفاني النوراني المعروف بالخواطر، قال: «يقول الحق...
إنّ أسماء الله تعالى ماثلة في أفعاله، وظاهرة في مشيئته، ولكن لا يمكن أن يدرك ذلك إلا مؤمن بالله، وجودًا، وتحكُّمًا، وتسييرًا لكون لا يعلم كنهه إلا خالقه جلّ في علاه، ومن بديع أفعاله الماثلة...
إنَّ خيرَ بداية نتفقّه فيها بالنصر، أن نتذكّر أن الناصر اسم من أسماء الله، وهو اسم كريم متاخم وملازم لاسم الغالب، والنصرة من الله هي تعدية الغَلبة لفريق، فيقهر فريقًا آخر ويغلبه، وهي العون والمدد،...
إنّ اللغة العربية لغة غنية بمعانيها ومبانيها، وإنّ سبر أغوار معانيها لا يناله إلا متبصر واعٍ، حصيف فصيح، وهذا ما جعل القرآن الكريم الذي نزل بلسان عربيّ مبين، بليغًا غزيرًا في دلالاته، معجزًا في بيانه....
كثيرٌ من الخلق يعتقد أن الرزق يأتي بسبب ذكاء المرء ودهائه، فهل هذا الاعتقاد صحيح؟ وهل الغنى حكر على الأذكياء من الناس؟ في الحقيقة، لا دخل لذكاء ولا غباء في قبض الأرزاق وبسطها، فهي من...
تُشْتَقُ كَلِمَةُ الحِكْمَةِ مِنْ الجَذْرِ «حَكَمَ» الذي يَقْتَضِي مَعْنى الْمَنْعَ، وَبِهِ قَالَ عُلَمَاءُ اللُّغَةِ وَسَاقُوا عَلَيْهِ الأَدِلَّةَ وَالْبَرَاهِينَ مِنْ دَوَاوِينِ الأَوَّلِينَ، أَصْحَابِ اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ الْمُبِينِ، ثُمَّ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى الأَوَّلِيِّ تَتَفَرَّعُ بَقِيَّةُ الْمَعَانِي، فَتَتَغَيَّرُ وَتَتَحَوَّرُ،...