عدد المقالات 325
ما أعظم أن ندرك حقيقة أنفسنا، وحاجاتنا، وما تستقيم به أنفسنا! وما أفضل أن يعرف الإنسان قدر نفسه! فيمضي بها وفق دليل لا يخطئ إن التجأ به إلى ربه، وأدرك خير صلاحه، وشرّ فساده، وأعني هنا «القلب» وما أدراك ما القلب؟ إنه ذلك العضو الصغير الذي قال فيه عليه السلام: «أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ». فصلاح حركات القلب تقود إلى صلاح الجوارح، وإذا صلحت قلوب الخلق، وجّهها الله إلى ما فيه رضاه وسعادتهم في الدنيا والآخرة. ولله درّ ابن القيم حين قال في درره، فيما يتعلّق بطهارة القلب: «كلما طهر القلب رقَّ، فإذا رقَّ راق، وإذا راق ذاق، وإذا ذاق فاق، وإذا فاق اشتاق إلى الله، وإذا اشتاق إلى الله اجتهد، وإذا اجتهد هبّت عليه نسائم الجنة، فيفرح بالطاعة، ومن ذاق عرفَ، ومَنْ عرفَ اغترفَ، ومن اغترفَ نال الشرفَ». ما أروعه من قول! وما أجملها من أسباب ونتائج! تجلب الأُنس والسعادة في حياتنا الحافلة بالأحداث والمواقف التي قد نضيق بها ذرعًا من صنوف البشر، وتحديات تجعلنا نثقل بالهموم. فلو طهرنا القلب مما يعتريه من شوائب، وعهدناه بالرعاية، بأن لا يعكر صفوه شائبة، لرقَّ وارتقى، وذاق حلاوة، وفاق طلاوة. وإنّ ما يستحق منا العناية والاهتمام هو العيش بسلامة النفس، فنبيت في راحة بال، وأحسن حال. فالرقي بالنفس هو قرارنا النابع من قلوبنا، لا مما هو خارجها، وما دمنا قد قررنا أن نغترف من منهل الخير الذي تطيب به قلوبنا، فسيكون ذلك، وسننال درجات الرقي والارتقاء. وإن قلّبنا صفحات حياتنا سنجدها طيبة بكل تفاصيلها، الحلوة والمرة: لأن الحلو منها يعزز نهجنا ومسيرتنا نحو الأفضل، والمر منها يقوينا ويكسبنا تجارب وخبرات ونستقي منها الدروس والعظات، فكل أمر ابن آدم له خير؛ وفق ما أورده طبيب القلوب عليه السلام في الحديث الشريف: «عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له». إن من المهمّ جدًا أن ندرك دور القلب في توجيه كلّ ما يرتبط بحياتنا، وبأثره في كل حركاتنا وسكناتنا، وأن يعرف كل واحد منّا طبيعة قلبه، وكيفية إصلاحه وتطهيره والرقي به، والعلم علم اليقين بأن طهارة القلب هي سر السعادة ومركزها. وأخيرًا، أعجبني ما أورده ابن القيّم رحمه الله في شأن تصنيف القلوب، في كتابه «إغاثة اللهفان»: «قسم الصحابة رضي الله تعالى عنهم القلوب إلى أربعة، كما صحّ عن حذيفة بن اليمان، القلوب أربعة: قلب أجرد فيه سراجٌ يزهرُ، فذلك قلب المؤمن، وقلبٌ أغْلَفُ، فذلك قلب الكافر، وقلبٌ منكوسٌ، فذلك قلبُ المنافق، عرفَ ثم أَنكرَ، وأبصرَ ثم عَمِيَ، وقلبٌ تمده مادتان، مادة إيمان، ومادة نفاق، وهو لما غلب عليه منهما». فنسأله تعالى أن تكون قلوبنا عامرة بالإيمان، مزهرة به. @zainabalmahmoud @zalmahmoud@outlook.com
كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...
كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...
إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...
لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...
مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...
هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...
معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...
لا شكَّ في أنّ مَن يقرأ كلمة «خليفة» أو يسمعها، يتذكر قول الله تعالى: ﴿وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَاـئِكَةِ إِنِّی جَاعِل فِی الأرض خَلِیفَة ﴾ [البقرة: 30]، وكذلك يتذكر منصب الخلافة في الإسلام. لكن هل حاول...
كان إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي - رحمه الله - أكثر الناس تداولًا وتناولًا لاسم الله الحق، وكان إذا أراد استحضار آية كريمة وإدراجها في سياق تفسيره العرفاني النوراني المعروف بالخواطر، قال: «يقول الحق...
إنّ أسماء الله تعالى ماثلة في أفعاله، وظاهرة في مشيئته، ولكن لا يمكن أن يدرك ذلك إلا مؤمن بالله، وجودًا، وتحكُّمًا، وتسييرًا لكون لا يعلم كنهه إلا خالقه جلّ في علاه، ومن بديع أفعاله الماثلة...
إنَّ خيرَ بداية نتفقّه فيها بالنصر، أن نتذكّر أن الناصر اسم من أسماء الله، وهو اسم كريم متاخم وملازم لاسم الغالب، والنصرة من الله هي تعدية الغَلبة لفريق، فيقهر فريقًا آخر ويغلبه، وهي العون والمدد،...
إنّ اللغة العربية لغة غنية بمعانيها ومبانيها، وإنّ سبر أغوار معانيها لا يناله إلا متبصر واعٍ، حصيف فصيح، وهذا ما جعل القرآن الكريم الذي نزل بلسان عربيّ مبين، بليغًا غزيرًا في دلالاته، معجزًا في بيانه....