


عدد المقالات 329
لولا روعة الموصوف وجماله، وميزات الجذب فيه، وما يحويه من ميزات ومناقب تميزه من غيره، وتجعله عَلمًا ضمن محيطه، لما وُجد هناك غرض الوصف الذي أبدع في ساحته الشعراء وجادوا خلاله بكل جميل. تنطلقُ وظيفة الوصفِ في الشّعرِ من موضوعٍ واحدٍ هو الموصوفُ، ثمَّ تَخلقُ له موضوعًا آخرَ هو الموصوفُ به، فيكونُ في منزلة شاشة إِسقاطٍ يُعرضُ عليها الموصوف، أو خلفية يُرسمُ عليها، أو سجادة ينسجُها، أو صخرة يُنقشُ فيها. وساحة الوصفِ رحبة لم تَضقْ بشاعرٍ، ومساحتُها تشملُ كلَّ ما خلقَ اللهُ من أممٍ، وما ذرأَ من نَسمٍ وما برأَ. ومصداقُ ذلكَ قولُه جلَّ وعلا: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ﴾ [الأَنعام: 38] وكم وصفَ الشعراءُ أُممًا بأُممٍ أُخرى من خلقِ الله، توحّدَت في طبعٍ أَو اجتمعَتْ في طابعٍ أو اشتركَتْ في قاسمٍ مشتركٍ أو اتفقتْ في سمةٍ، وهذا عنترةُ، بعدستِه الحربية التي أَلِفتْ مخاضة الحروبِ، وحفظَت حركة الجيوشِ، يستعينُ بأُمة الطيرِ ليصفَ سرايا الجيشِ، فيقول: كأَنَّ السرايا بينَ قَوٍّ وقارةٍعصائبُ طيرٍ ينتحينَ لمشربِ في تكرارِ رؤية الشاعرِ لحركة السرايا وتعاقُبِها، استفاقَ في ذاكرتِه البصرية صورة مطابقة لأَسرابِ الطيرِ المتتابعة التي تهبطُ لوردِ الماءِ. لقد تطابقَ المشهدانِ حتى لا يكد يتمايزُ أي منهما إِلا موردُ كلٍّ منهما، فالأَسرابُ ترِدُ الماءَ والسرايا تردُ حياضَ الموتِ الحمراءِ، ثمَّ يتبِعُهُ بوصفٍ آخرَ، فيقول: كتائبُ تزجى فوقَ كلِّ كتيبةٍلواءٌ كظلِّ الطائرِ المتقلبِ مجددًا، استعانَ بأُمة الطيرِ، إِلا أَنه وصفَ فردًا بفردٍ، فاللواءُ الذي ترفعُه الكتيبة بخفقانِهِ وركودهِ ورفيفهِ وانسدالهِ وعدمِ اتزانِ حركتِه، يشبهُ ظلَّ الطائرِ على الأَرضِ، والذي لا ينتظمُ قوامًا، ولا يركنُ على هيئة، ما دامَ الطائرُ يقبضُ ويبسطُ في الأَجواء. فما أجمل أن نجد في أيامنا هذه من يبهرنا بجميل وصفه، وروعة أسلوبه في ذلك، وحري بزمننا وما فيه من تجليات الإبداع أن يستقبل في ساحة وصفًا يليق به، ويعطيه حقه، ويقدر قيمته.
قد يتساءل البعض عن العلاقة التي تجمع مفردة الربّ بما يضاف إليها، وهل يبقى معناها وفق ما هو في سياقها الديني واللغوي؟ حقيقة، لكلمة الربّ خارج معناها الإلهي معانٍ مختلفة، يحدّدها السياق وما يرتبط به...
في هذه الأيام، يتوسل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها باسم الله الغالب؛ ليرد عنهم كيد الكائدين، وغيظ المعتدين، وكل حقد ظاهر ودفين. فالأمة منذ حين تمر بمخاض القيام والانتفاض، ولهذا القيام تكاليفه الوافية من الخوف...
كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...
لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...
كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...
كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...
إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...
لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...
مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...
هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...
معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...
لا شكَّ في أنّ مَن يقرأ كلمة «خليفة» أو يسمعها، يتذكر قول الله تعالى: ﴿وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَاـئِكَةِ إِنِّی جَاعِل فِی الأرض خَلِیفَة ﴾ [البقرة: 30]، وكذلك يتذكر منصب الخلافة في الإسلام. لكن هل حاول...