


عدد المقالات 331
ركّب الله النفوس على النفور من الذنوب والأوزار، وفطرها على الاطمئنان بالبر والخير والأذكار، فعندما يقارف العبد ذنبًا أول أمره، يستشعر التنغيص في سره، ويشعر أنه يخالف سير الفطرة ويعاكسها ويشاكسها، فإذا استمر هذا مرارًا وتكرارًا، شعر بالتآلف والتحالف مع الذنب، وهذه مرحلة خَطِرة عسيرة؛ لأن النفس القابلة للتقوى والفجور خلعت ربقة المراقبة وأدمنت الشرور والذنوب المتعاقبة. وإنّ إنعاش الأرواح كإنعاش الأجسام، يصعب كلما ازدادت الأسقام، وقد ركّب الله النفس اللوامة فينا لتلقي علينا بالملامة بعد كل شرود، أو خروج عن المعهود، ولكن إذا طالت ملابسة الإثم، تبرد اللوامة وتكسد. ولكن رغم ذلك، فإن الله لا يعمل وفق المنهج الخطي، الذي يكون أوله سبب وآخره ناتج، بل يُكرم من شاء بالكرامات والخوارق، وكم من أثيم فاسق أضاءت في فطرته البوارق، فقام من تحت رماد نفسه العاتية القاسية، واقشعر جلده من خشية الله! فالفطرة سراج لا تنطفئ جذوته مهما جثم فوقها وتراكم، ومهما تقادم وتعاظم، فلا يزال لها وميض قابل للاشتعال، وبصيص في آخر نفق الضلال. وإن من فضل الله تعالى على ابن آدم أن يمنحه فرصًا عديدة لمراجعة النفس، والعدول عن الآثام، وهو سبحانه من أمر نفوسنا بعدم اليأس والقنوط، أو التردي في مهاوي الذنب والسقوط، فمغفرة الله لا يحدها حد ولا يصدها سد، فقال سبحاته وتعالى: }قُلْ يا عِبادِيَ الّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيْعًا{ (الزمر: 53). إنَّ الحكمة الإلهية تعلّمنا أنّ غياب المغفرة تؤدي إلى شيوع الفساد العريض، وهلاك الحرث والنسل، وشيوع الفواحش والقتل، وتحول البيئة الآدمية إلى التوحش الذي يسببه الإفلاس والإبلاس من رحمة الله، وإبلاس الرجل أن يُقطَعَ به وييئس، فقال تعالى في ذلك: }يَوْمَئِذٍ يُبْلِسُ الُمجْرِمُونَ{، فمن هذا الجذر اشتق اسم إبليس لعنه الله، لأنه يئس من رحمة الله، فاستحال شرًا مطلقًا مستطيرًا، يمشي في الغواية، ويسعى في استتباب العماية ما استطاع إلى ذلك سبيلًا. خلاصة القول؛ إن من رحمة الله تعالى بخلقه ألا يغلق دونهم باب مغفرته؛ لكي لا يتحولوا إلى أبالسة، ولكي لا يعلموا أنه مقضي عليهم بالشقاء في دار البقاء، فيعيثون فسادًا في العباد والبلاد. فمغفرة الله، والإيمان بسيرورتها صمام أمان يحوّل المجرمين إلى مسلمين، وينزع فتيل الوحشية والبهيمية من حياة الناس، ويأخذ بأيديهم إلى جادة الآدمية والصواب والاطمئنان والإنجاز. @zainabalmahmoud @zalmahmoud@outlook.com
ربما يتساءل كثير من الناس عن جمال الله تعالى، ونوره، فيرسمون في مخيلاتهم المتواضعة نماذج متواضعة عن حقيقة جماله سبحانه وتعالى، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال في ذلك الجمال: «حجابُه النور،...
ما أعدل الله في توزيعه نعمه! وما أعظم جبره خواطر عباده! ومن معالم ذلك وأمثلته؛ أنه جلّ وعلا نوّرنا بأمثلة من عالم الإنس، يرون بطريقة فريدة غير معهودة، وهم العميان الذين ولدوا بعيون مسلوبة الأنوار،...
قد يتساءل البعض عن العلاقة التي تجمع مفردة الربّ بما يضاف إليها، وهل يبقى معناها وفق ما هو في سياقها الديني واللغوي؟ حقيقة، لكلمة الربّ خارج معناها الإلهي معانٍ مختلفة، يحدّدها السياق وما يرتبط به...
في هذه الأيام، يتوسل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها باسم الله الغالب؛ ليرد عنهم كيد الكائدين، وغيظ المعتدين، وكل حقد ظاهر ودفين. فالأمة منذ حين تمر بمخاض القيام والانتفاض، ولهذا القيام تكاليفه الوافية من الخوف...
كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...
لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...
كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...
كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...
إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...
لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...
مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...
هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...