عدد المقالات 50
الحمد لله الذي يقبل التائبين، ويجيب دعوة المضطرين، ولا يخيب سعي الراجين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين إلى يوم الدين. وبعد: فقد روى الترمذي رحمه الله عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تبارك وتعالى: «يَابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي يَابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي، يَابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً». ورواه إمامنا أحمد وغيره من حديث أبي ذر رضي الله عنه. هذا الحديث غاية في كرم الله ورحمته بخلقه ولطفه بهم، تضمن ثلاثة أسباب من أسباب المغفرة العظيمة، والمتأمل فيها يجدها من حيث محلُّها على قسمين: 1. أسباب قلبية وقد تضمن الحديث سببين قلبيين يغفر الله لصاحبهما؛ إذ يدلان على سلامة قلبه، وصفاء لُبّه، وهذان السببان هما: • الرجاء: ومعناه تأميل الخير من الله، وهو ما أشار ربنا إليه في الحديث القدسي الذي رواه أحمد وغيره، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، إِنْ ظَنَّ بِي خَيْرًا فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ». فما يعتقده العبد في ربه يعطيه إياه، وما يأمله منه يجده، وإن سوء الظن بالله يمنع كثيرين من الرجوع إلى ربهم، حيث يعصي ربه سنين عدداً حتى إذا راودته نفسه عن التوبة قام له الشيطان بسوء الظن في الله، فيقول العبد العاصي: كيف يُغفَر لي وقد فعلت كيت وكيت؟! وهذا من سوء الظن، فربنا جل سلطانه يقول: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: 53]. والمؤمن يعيش بقلب يتقلب بين حالتين: الرجاء والخوف، ﴿وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ [الأعراف: 56]، فإذا طغت حالة منهما على أخرى وقع الميل وفُقد الاتزان، وتخبطت النفس يمنة ويسرة، ووقعت النفس في المحظور. • التوحيد: وهو إفراد الله تعالى بالعبادة مطلقاً، قلبية وقولية وفعلية، فربما يفرد العبدُ الله سبحانه بالعبادة بجوارحه وقلبه غير سليم في هذا الباب، حيث يعتقد ما ينافي التوحيد، ويعتبر نوعاً من الشرك مما يحبط العمل، ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ [الزمر: 65-66]. بل الله فاعبد أي وحده لا تعبد معه غيره، والتوحيد أعظم ما يعده العبد للقاء ربه، إذ به النجاة وبعدمه الهلاك والبوار. وعمل القلب من الأعمال التي لا يطلع عليها إلا مقلب القلوب، لذلك كان القلب موضع نظر الله، وما أعمال الجوارح إلا ترجمة لحالات القلب. 2. أسباب لسانية وقد ذكر ربنا في الحديث سببين، يندرج أحدهما في الآخر، هما: • الدعاء والاستغفار: والمتأمل يرى أن الدعاء عام يشمل الاستغفار وغيره، ولعل هذا من التنصيص على بعض أفراد العام للتنويه بشأنه، والتعظيم لقدره، وكأن ربنا تعالى يرشدنا في هذا الحديث إلى الإكثار من هذا الدعاء وهو الاستغفار، لأنه تفريج للهموم، وتنفيس للكربات، وجلب للأرزاق، وعبادة الرحمن، وموصل للجِنان، وإكثاره صفة المتقين، وسنة خاتم المرسلين، من لزمه نال الخير في الدنيا والآخرة، ومن تركه خسر الدنيا والآخرة. وفي دعوة نوح عليه السلام: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾ [سورة نوح]. هذا وإن لفظ الدعاء ورد في الوحيين مقروناً بعمل القلب؛ الخوف والرجاء معاً أو أحدهما، كما في الحديث وآية الأعراف، إشارة إلى وجوب الحضور القلبي عند الدعاء، فالقبول لغير الساهي اللاهي الغافل. وقانا الله والقراء الكرام الغفلة.
الحمد لله الذي أسعد قلوب أوليائه، وأثلج بالعبادة صدور أصفيائه، والصلاة والسلام على خاتم رسله وأنبيائه، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لسنته المخلصين في ولائه. وبعد: فيقول ربنا الكريم: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ...
الحمد لله الذي أنزل القرآن عربياً قولاً ثقيلاً، وجعله هادياً إليه وحبلاً متيناً وأقوم قيلاً، والصلاة والسلام على من رتل الوحي ترتيلاً، وتهجد به تعبداً وتبتيلاً، وعلى صحبه الذين تدبروه وعملوا به فكانوا أهدى سبيلاً،...
الحمد لله المتصف بالبقاء، المتفضل بجزيل العطاء، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه، وعلى التابعين ما دامت الأرض والسماء. وبعد: فيقول الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، ويقول سبحانه: ﴿فَمَنْ...
الحمد لله فرض طاعة رسوله على عباده، وزكاه في عقله ومنطقه وفؤاده، والصلاة والسلام على الرؤوف الرحيم، نبينا محمد الرسول الكريم، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم المتمسكين بالدين القويم. وبعد: فيقول الله تعالى: ﴿مَنْ يُطِعِ...
الحمد لله حمداً يليق بوحدانيته، سبحانه تفرد فليس كمثله شيء في فردانيته، والصلاة والسلام على من آخى بين المهاجرين والأنصار، نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين لهم في كل الأزمان والأمصار. وبعد: فإن الله تعالى يقول:...
الحمد لله الذي خصنا بفضائل عظيمة، وأعطانا ليلة القدر الكريمة، والصلاة والسلام على نبينا محمد خير من لله تعبد، وأحيا ليله بالصلاة وتهجد، وعلى آله وصحابته والتابعين لهم ما تتابع الزمان وتجدد. وبعد: فيقول الله...
الحمد لله الذي تفرغ لعبادته المعتكفون، وقصد بابه الطامعون الخائفون، والصلاة والسلام على أفضل من صام لله وتعبد، وقام بين يديه وتهجد، وعلى آله وصحبه ما قصر النهار وتمدد. وبعد: فيقول الله تعالى: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى...
الحمد لله الرحمن الغفار، تفضل على عباده بطول الأعمار، وبلغهم مواسم الخيرات للاجتهاد والادخار، والصلاة والسلام على نبينا محمد ما مسح الليل ضوء النهار، وعلى آله وصحبه والتابعين لما لهم من الآثار. وبعد: فقد صح...
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فقد خاطب ربنا تعالى نبيه فقال: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ [الزمر: 30]، وقال سبحانه: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ...
الحمد لله المنعم على عباده، المكرم لهم بإحسانه وإمداده، جعل الدنيا متاعاً قليلاً، والآخرة نعيماً خالداً لمن اتخذ إلى ربه سبيلاً، والصلاة والسلام على من بعثه الله للخلق نبياً ورسولاً، وعلى آله وصحبه والتابعين ما...
الحمد لله الذي جعل للإنسان لباساً، وجعل له في الشرع ضابطاً ومقياساً، والصلاة والسلام على من جعله للخلق نبراساً، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن جعلهم لهذا الدين حراساً. وبعد: فيقول الله تبارك وتعالى:...
الحمد لله الذي يخلق ما يشاء ويختار، والصلاة والسلام على نبينا محمد المجتبى المختار، وعلى آله وصحبه والتابعين ما تعاقب الليل والنهار.. وبعد: فقد جعل الله لبعض الأماكن حرمة وقدسية، وجعل تعظيمها ديناً وتقوى، وأشد...