عدد المقالات 50
الحمد لله الذي أنزل القرآن عربياً قولاً ثقيلاً، وجعله هادياً إليه وحبلاً متيناً وأقوم قيلاً، والصلاة والسلام على من رتل الوحي ترتيلاً، وتهجد به تعبداً وتبتيلاً، وعلى صحبه الذين تدبروه وعملوا به فكانوا أهدى سبيلاً، وعلى التابعين لهم بإحسان ما أشرقت شمس أو رامت أُفولاً. وبعد: يقول الله جل وعلا: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ [محمد: 24]، ويقول سبحانه: ﴿وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا﴾ [طه: 113]. يحث ربنا تبارك وتعالى على تدبر القرآن العظيم، والتأمل في ألفاظه لإدراك معانيه، والعمل بما فيه، وكيف لا وهو صراط ربنا المستقيم، وحبله المتين الذي أمرنا بالاعتصام به، وهو الهادي لا يضل من تمسك به، من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن دعا به هدي إلى صراط مستقيم، ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت: 42]. ولا يكمل تدبره إلا بمعرفة لغته، لأن الألفاظ هي قوالب المعاني، فمن نقصت معرفته بالعربية كان فهمه لكتاب الله ناقصاً، وربما أخطأ من حيث يظن الصواب، فكم كلمة في القرآن يفهمها الناس اليوم فهماً غلطاً، لاسيما تلك المصطلحات التي لها دلالة معاصرة جديدة، منها مثلا لفظ السيارة في قوله تعالى: ﴿وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ ﴾ [يوسف: 19]، والمراد بها مجموعة مسافرة، مأخوذة من السير، وليس السيارة الحديثة. وقوله تعالى: ﴿فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ﴾ [مريم: 23]، فأجاءها: ألجأها إلى جذع النخلة، وليس بمعنى أتاها، فرق كبير بين جاء وأجاء. وقوله تعالى: ﴿وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي﴾ [طه: 18]، الهش هنا ضرب الشجر بالعصا لتسقط أوراقها للغنم، وليس معنى أهش بها أُلَوِّح بها. وقوله تعالى عن سبأ: ﴿وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ﴾ [سبأ: 19]، مزقناهم: فرقناهم في البلدان، وليس معناها قطّعناهم وأهلكناهم. وقوله تعالى: ﴿وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ﴾ [الرحمن: 24]، الجواري: مفردها جارية والمراد بها السفينة تجري في البحر وليس الفتاة، والأعلام جمع عَلَم ومعناه الجبل، وليست الأعلام هنا بمعنى الرايات، فالسفن الجواري في البحر تشبه الجبال في حجمها وارتفاعها. وقوله سبحانه: ﴿وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ﴾ [الفجر: 9]، جابوا الصخر: قطعوه ونحتوه ونقبوه، وليس معناها كما هو مستعمل في العامية بمعنى أتوا به وأحضروه. فهذه الألفاظ والآيات أمثلة فقط؛ إذ هناك آيات كثيرة تشتمل على مصطلحات لها معانٍ عند الناس اليوم، لكنها ليست هي المقصودة في القرآن الكريم، مما يعتبر من أكبر العوائق التي تمنع من فهم القرآن وتدبر آياته، ولا سبيل إلى ذلك إلا بفهم كلماته. ولا يمكن إدراك معانيه اليوم بدون معرفة العربية، وكلما كان التعمق في استيعاب اللغة العربية أكبر كان الفهم أدق وأقوم، سواء على مستوى الألفاظ أو على مستوى التراكيب، وربنا تعالى يقول: ﴿وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا﴾، فالغاية من إنزال القرآن عربياً تحقق التقوى وحصول الاعتبار، وكيف يحصل هذا لمن لا يفهم إن تدبر، فأحرى من لا يتدبر، فعلى المسلم أن يبذل جهده في تعلم اللغة التي يخاطبه بها ربه سبحانه في كتابه، ليحصل له التدبر المطلوب، والفهم الصحيح. ثم إن اللغة العربية لغة لا نظير لها، في تاريخها، ومفرداتها، وتراكيبها، وأصواتها، وقيل إنها لغة آدم عليه السلام، لذلك نجد لغات كثيرة تشبهها في بعض الجوانب، وهي اللغة التي تستعمل جهاز النطق بأكمله من الجوف وأقصى الحلق إلى الشفتين والخيشوم، وهي التي يستطيع أهلها التعبير بها عن أدق تفاصيل مشاعرهم بتغيير حرف أو حركة أو كلمة، وهي اللغة الخالدة بما أودعه الله فيها من مقومات البقاء، كالمرونة التي تواكب بها كل زمان ومكان، وما نجحت الأمم اليوم في دنياهم إلا بتدريس العلوم بلغتهم الأم واعتزازهم بها.
الحمد لله الذي أسعد قلوب أوليائه، وأثلج بالعبادة صدور أصفيائه، والصلاة والسلام على خاتم رسله وأنبيائه، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لسنته المخلصين في ولائه. وبعد: فيقول ربنا الكريم: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ...
الحمد لله المتصف بالبقاء، المتفضل بجزيل العطاء، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه، وعلى التابعين ما دامت الأرض والسماء. وبعد: فيقول الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، ويقول سبحانه: ﴿فَمَنْ...
الحمد لله فرض طاعة رسوله على عباده، وزكاه في عقله ومنطقه وفؤاده، والصلاة والسلام على الرؤوف الرحيم، نبينا محمد الرسول الكريم، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم المتمسكين بالدين القويم. وبعد: فيقول الله تعالى: ﴿مَنْ يُطِعِ...
الحمد لله حمداً يليق بوحدانيته، سبحانه تفرد فليس كمثله شيء في فردانيته، والصلاة والسلام على من آخى بين المهاجرين والأنصار، نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين لهم في كل الأزمان والأمصار. وبعد: فإن الله تعالى يقول:...
الحمد لله الذي خصنا بفضائل عظيمة، وأعطانا ليلة القدر الكريمة، والصلاة والسلام على نبينا محمد خير من لله تعبد، وأحيا ليله بالصلاة وتهجد، وعلى آله وصحابته والتابعين لهم ما تتابع الزمان وتجدد. وبعد: فيقول الله...
الحمد لله الذي تفرغ لعبادته المعتكفون، وقصد بابه الطامعون الخائفون، والصلاة والسلام على أفضل من صام لله وتعبد، وقام بين يديه وتهجد، وعلى آله وصحبه ما قصر النهار وتمدد. وبعد: فيقول الله تعالى: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى...
الحمد لله الرحمن الغفار، تفضل على عباده بطول الأعمار، وبلغهم مواسم الخيرات للاجتهاد والادخار، والصلاة والسلام على نبينا محمد ما مسح الليل ضوء النهار، وعلى آله وصحبه والتابعين لما لهم من الآثار. وبعد: فقد صح...
الحمد لله الذي يقبل التائبين، ويجيب دعوة المضطرين، ولا يخيب سعي الراجين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين إلى يوم الدين. وبعد: فقد روى الترمذي رحمه الله عن أنس...
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فقد خاطب ربنا تعالى نبيه فقال: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ [الزمر: 30]، وقال سبحانه: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ...
الحمد لله المنعم على عباده، المكرم لهم بإحسانه وإمداده، جعل الدنيا متاعاً قليلاً، والآخرة نعيماً خالداً لمن اتخذ إلى ربه سبيلاً، والصلاة والسلام على من بعثه الله للخلق نبياً ورسولاً، وعلى آله وصحبه والتابعين ما...
الحمد لله الذي جعل للإنسان لباساً، وجعل له في الشرع ضابطاً ومقياساً، والصلاة والسلام على من جعله للخلق نبراساً، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن جعلهم لهذا الدين حراساً. وبعد: فيقول الله تبارك وتعالى:...
الحمد لله الذي يخلق ما يشاء ويختار، والصلاة والسلام على نبينا محمد المجتبى المختار، وعلى آله وصحبه والتابعين ما تعاقب الليل والنهار.. وبعد: فقد جعل الله لبعض الأماكن حرمة وقدسية، وجعل تعظيمها ديناً وتقوى، وأشد...