alsharq

فضيلة الشيخ د. عبدالعزيز بن عبدالله آل ثاني

عدد المقالات 50

حدود العقل والطاعة المطلقة

19 مارس 2024 , 11:53م

الحمد لله الرحمن على العرش استوى، والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي لا ينطق عن الهوى، اصطفاه الله وهداه فما ضل وما غوى، وعلى آله وأصحابه خير من للسنة احتوى، والتابعين لهم وكل من بهديهم ارتوى. وبعد فإن الله تعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ‌أَطِيعُوا ‌اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾، أمر الله عباده بطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام، والطاعة تعني الامتثال إذا أمر، والكف إذا نهى وزجر، وليست أوامر القرآن خاصة بجيل الصحابة، بل إن القرآن العظيم جاء للختام مهيمناً على الكتب السابقة ومصدقاً لها، نزل على خاتم النبيين، وأمته آخر الأمم، فالمناسب أنه يعم الأمة كلها مدى الزمان والمكان حتى تقوم الساعة. ولم يقض الله بالخلود لنبيه عليه الصلاة والسلام، فكيف يصح الأمر لمن لم يدركوه بطاعته واتباعه، ﴿‌وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾؟ إذا كان نبينا عليه الصلاة والسلام مات فقد حرص الصحابة على نقل ما أمر به وما نهى عنه، وأفعاله وأحواله، وتفاصيل حياته، ثم التابعون ثم من بعدهم جيلا عن جيل، وقيض الله في كل عصر علماء يحفظون كل ذلك، ويدحضون الشبهات المثارة حوله من قبل أعدائه. وقد ظهر في عهد الصحابة اشخاص رفضوا السنة مكتفين بالقرآن، ففي الصحيحين: «لعن عبد الله الواشمات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله، فقالت أم يعقوب: ما هذا؟ قال عبد الله: وما لي لا ألعن ‌من ‌لعن ‌رسول الله، وفي كتاب الله؟ قالت: والله لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدته، قال: والله لئن قرأتيه لقد وجدتيه: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ ‌فَانْتَهُوا﴾. والطعن في السنة مستمر الى اليوم بطرق شتى؛ تارة بنشر أحاديث ظاهرها مشكل، يتم شرحها للمتلقي بما يوافق أهواءهم، وفهمها منقطعة عن باقي الأحاديث، مبتورة السياق، يتوهمون وجود التناقض في نصوص الشرع لجهلهم به أو ضعف إيمانهم، وتارة بالطعن في الصحابة رواة الحديث، وتارة باتهام كبار ناقلي الحديث وجامعي السنة كالإمام البخاري، انطلاقاً من العقل الذي أطلقوه يسرح دون ضوابط منطقية أو شرعية، وللأسف الشديد تأثر بفكرهم كثيرون في المجتمع الإسلامي اليوم لاسيما الشباب الغر، أقنعوهم من خلال قياس حال السلف على حالهم اليوم من ضعف الهمة والتقاعس عن خدمة الدين، ومن خلال أحاديث أو فقرة مبتورة من حديث مشكل، وشرحها بما يناسب مكرهم، ويوافق فكرهم، ﴿‌وَلَوْ ‌رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾. لكن خطورة هذا الفكر تكمن في كونه يستهدف الدين كله، أليست أركان الإسلام قد أمرنا بها في القرآن مجملة فلم نعرف بيانها إلا من السنة؟، فالطعن في الحديث نسف للدين. ومما ينبغي علمه لدى كل مسلم مما يتعلق بهذا: أن الشرع أعطى للعقل مجالاً واسعاً جداً ليعمل فيه، ووضع له حدوداً رغم اتساع مجالاته، فلا يمكن للعقل أن يتجاوز تلك الحدود؛ لأنها فوق طاقته وقدرته مهما بلغ، وما بعد تلك الحدود مجرد امتحان للإيمان، ولذلك كان للقلب إمكانية مجاوزة حدود العقل بالإيمان والتصديق بذلك كله، ﴿‌فَلَا ‌وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾، وما ضل من ضل إلا بتسريح العقل وإطلاقه محاولاً إدراك ما منعه خالقُه من إدراكه، وحجبه عنه، كالغيبيات، ليقف المومن بعقله عندها. فالعقل البشري قاصر ويتفاوت من إنسان إلى آخر ولذلك لم يجعله الشرع مصدراً مستقلاً للحكم الشرعي، وإنما أداة لفهمه، وعليه فلا يمكن طاعة الرسول بدون معرفة سنته، وسنته تعليم من الله له ووحي؛ ﴿وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ‌وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا﴾.

سنن العيد

الحمد لله الذي أسعد قلوب أوليائه، وأثلج بالعبادة صدور أصفيائه، والصلاة والسلام على خاتم رسله وأنبيائه، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لسنته المخلصين في ولائه. وبعد: فيقول ربنا الكريم: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ...

العربية طريق تدبر القرآن

الحمد لله الذي أنزل القرآن عربياً قولاً ثقيلاً، وجعله هادياً إليه وحبلاً متيناً وأقوم قيلاً، والصلاة والسلام على من رتل الوحي ترتيلاً، وتهجد به تعبداً وتبتيلاً، وعلى صحبه الذين تدبروه وعملوا به فكانوا أهدى سبيلاً،...

عرفت فالزم

الحمد لله المتصف بالبقاء، المتفضل بجزيل العطاء، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه، وعلى التابعين ما دامت الأرض والسماء. وبعد: فيقول الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، ويقول سبحانه: ﴿فَمَنْ...

زكاة الفطر شعيرة العيد

الحمد لله فرض طاعة رسوله على عباده، وزكاه في عقله ومنطقه وفؤاده، والصلاة والسلام على الرؤوف الرحيم، نبينا محمد الرسول الكريم، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم المتمسكين بالدين القويم. وبعد: فيقول الله تعالى: ﴿مَنْ يُطِعِ...

رمضان والشعور بالانتماء

الحمد لله حمداً يليق بوحدانيته، سبحانه تفرد فليس كمثله شيء في فردانيته، والصلاة والسلام على من آخى بين المهاجرين والأنصار، نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين لهم في كل الأزمان والأمصار. وبعد: فإن الله تعالى يقول:...

الفرصة العظيمة في العشر الأواخر

الحمد لله الذي خصنا بفضائل عظيمة، وأعطانا ليلة القدر الكريمة، والصلاة والسلام على نبينا محمد خير من لله تعبد، وأحيا ليله بالصلاة وتهجد، وعلى آله وصحابته والتابعين لهم ما تتابع الزمان وتجدد. وبعد: فيقول الله...

انووا الاعتكاف.. تربحوه

الحمد لله الذي تفرغ لعبادته المعتكفون، وقصد بابه الطامعون الخائفون، والصلاة والسلام على أفضل من صام لله وتعبد، وقام بين يديه وتهجد، وعلى آله وصحبه ما قصر النهار وتمدد. وبعد: فيقول الله تعالى: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى...

بقي الثلث.. والثلث كثير

الحمد لله الرحمن الغفار، تفضل على عباده بطول الأعمار، وبلغهم مواسم الخيرات للاجتهاد والادخار، والصلاة والسلام على نبينا محمد ما مسح الليل ضوء النهار، وعلى آله وصحبه والتابعين لما لهم من الآثار. وبعد: فقد صح...

من أسباب المغفرة

الحمد لله الذي يقبل التائبين، ويجيب دعوة المضطرين، ولا يخيب سعي الراجين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين إلى يوم الدين. وبعد: فقد روى الترمذي رحمه الله عن أنس...

الرزية في فقد العالم

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فقد خاطب ربنا تعالى نبيه فقال: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ [الزمر: 30]، وقال سبحانه: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ...

وسوف تُسألون

الحمد لله المنعم على عباده، المكرم لهم بإحسانه وإمداده، جعل الدنيا متاعاً قليلاً، والآخرة نعيماً خالداً لمن اتخذ إلى ربه سبيلاً، والصلاة والسلام على من بعثه الله للخلق نبياً ورسولاً، وعلى آله وصحبه والتابعين ما...

الإسلام مظهر ومخبر

الحمد لله الذي جعل للإنسان لباساً، وجعل له في الشرع ضابطاً ومقياساً، والصلاة والسلام على من جعله للخلق نبراساً، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن جعلهم لهذا الدين حراساً. وبعد: فيقول الله تبارك وتعالى:...