عدد المقالات 328
إنّ من أهم مقومات استخلاف الإنسان في الأرض؛ العلم بأسس الاستخلاف، والوقوف عليها، والتفكر فيها، وامتلاك العناصر التي تحقق إدارة الكوكب على نحو يحقق صلاح العباد والبلاد، ولكن؛ هل في إمكان الإنسان أن يحيط بأسس الاستخلاف جميعًا؟ وإن أحاط، فإلى أي مدى يمكنه الصمود في وجه تدافع الناس وتقلبهم، وتبدل الظروف وتغيّرها؟ الثابتُ أنَّ الإنسان يمكنه أن يحيط بقدر معلوم من أسباب الاستخلاف إلى أجل مسمّى، فكمال المعرفة والإحاطة خاص بالله وحده، وهو عند البشر نسبيّ، ويتردد على مر العصور بين القوة والفتور، فتقوم الحضارات وتزدهر، ثم تتهاوى وتندثر، ويتعاقب الأقوام على عمارة الأرض، فمنهم من ينفع العباد ومنهم من يهلك الحرث والنسل ويسعى فيها بالفساد، ويصدق ذلك قوله تعالى: «وَتِلْكَ الأَيّامُ نُداوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ». وفي هذا السياق، من المهمّ أن ندرك أنّ سيطرة البشر وهيمنتهم محكومة بالتحول والتبدل، ومفضية إلى التفكك والتهتك، فمهما اتسع علمهم فهو في مهب الغفلة، ومهما بلغت قوتهم فهي محكومة بالخور والوهن، ومهما اشتدت قبضتهم فمآلها إلى التراخي، فالخطوب تنوب، والفرص تلوح وتغيب. يقول ابن الوردي رحمه الله: كتب الموت على الخلق فكم فلّ من جيش وأفنى من دول أين فرعـــــــــــــــون وهامان ومـــــــــــن ملــــك الدنيـــــــــــــا وولى وعــــــــــــــــــــــــــــزل فالموت نهاية السيطرة المحتومة، وكل البدايات به مختومة، هذا غير سنة التدافع التي تبدل أقوامًا بأقوام، وتعلي رايات وتنكس رايات، وكثيرة منها الشواهد والأوابد، فيقول أبو البقاء الرندي في رثاء الأندلس: يا من لِذلــّـــــــــــــــة قـــــــــــــــــــــوم بعد عزهـــم أحال حالهم كفــــــــــــــــر وطغيــــــــــــــــــــــان بالأمس كانــوا ملوكــــــــــــــا في منازلهم واليوم هم في بلاد الكفر عبدان أما المعتمد بن عباد رحمه الله - الفارس العربي الأصيل، والشهم النبيل، الذي عاش فترات من الملك والهيمنة، مشفوعة بالرخاء الذي بلغ مبلغًا عظيمًا من السرف والترف، غير أنه لم ينس المناقب والشرف، وما زالت فيه من الحمية بقية، ولكن ملكه حال وصار إلى زوال، وانفكت قبضة الهيمنة وقضى بقية عمره منفيًا في سجون المغرب العربي في مكان يقال له أغمات – فقد قال واصفًا العيد وحال بناته من المهانة والاستكانة: فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا فجاءك العيد في أغمــــات مأسورا ترى بناتـــك في الأطمـــــار جائعة يغزلــــــــــن للناس ما يملكــــن قطميرا يطأن في الطين والأقـــدام حافيةٌ كأنهــــــا لــم تطأ مسكــا وكافــــــــورا من بات بعـــدك في ملك يســــــر بـــه فإنما بــــــــــات في الأحلام مغــرورا إن هذه الشواهد تدلّ على سيطرة العباد سيطرة نسبية ودونية، وسرعة الزوال والاندثار، وقرب الانتصار من الاندحار والانحدار، وتسارع الذبول بعد الازدهار، والأفول بعد الانبلاج والإبهار. فلننظر جميعًا إلى مبلغ علم البشر ومبلغ طاقتهم، وللنظر في الوقت نفسه، إلى إحاطة الله القهار وسيطرته، و»بضدها تتميز الأشياء»، والنسبية والجزئية في الخلق يقابلها الكلية والإطلاق في الخالق. بعد هذا كلّه، علينا أن نؤمن بتبدّل الأيام وتقلّبها، وأنّ الإنسان إلى زوال، مهما عاش، لكن المهم فيما بين دفتي ولادة الإنسان وموته؛ أثره وذكره وفعله الذي تركه، فلنحسن؛ لنكتب عند الله وعند الخلق من المحسنين. جعلنا الله جميعًا ممن يحسن في دنياه، ويفوز في أخراه. @zainabalmahmoud @zalmahmoud@outlook.com
في هذه الأيام، يتوسل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها باسم الله الغالب؛ ليرد عنهم كيد الكائدين، وغيظ المعتدين، وكل حقد ظاهر ودفين. فالأمة منذ حين تمر بمخاض القيام والانتفاض، ولهذا القيام تكاليفه الوافية من الخوف...
كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...
لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...
كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...
كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...
إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...
لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...
مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...
هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...
معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...
لا شكَّ في أنّ مَن يقرأ كلمة «خليفة» أو يسمعها، يتذكر قول الله تعالى: ﴿وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَاـئِكَةِ إِنِّی جَاعِل فِی الأرض خَلِیفَة ﴾ [البقرة: 30]، وكذلك يتذكر منصب الخلافة في الإسلام. لكن هل حاول...
كان إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي - رحمه الله - أكثر الناس تداولًا وتناولًا لاسم الله الحق، وكان إذا أراد استحضار آية كريمة وإدراجها في سياق تفسيره العرفاني النوراني المعروف بالخواطر، قال: «يقول الحق...