عدد المقالات 389
في أول يوم لبدء وظيفة معلم، جرت استضافتي في مكتب الأستاذة ناهدة القلا، قد تكون في ذلك الوقت رئيسة التوجيه، فربما لا تساعدني الذاكرة بالمسمى الرسمي، لترحّب بي، ولتعرفني بالمكان الذي سأدرس به، وهي منطقة خارج مدينة الدوحة، اسمها الشحانية، كانت تحادثني بعبارة (يا ست مريم) طوال الوقت، بالطبع ليس أمراً جديداً بالنسبة لي، فقد كنت أنادي معلماتي به طوال الوقت، وهو المسمى الذي كان يطلق عليّ في فترة التربية العملية في المدرسة التي عملت فيها في فترة التدريب الميداني. لكني اكتشفت بعد بداية عملي بأن المعلمات يلقبون بعضهم بعضاً طوال الوقت بذات الطريقة، “وين ست فلانة”، و”كلمي ست فلانة”، وجدت أنه نوع من الاحترام والتقدير الذي يقدمه الوسط التعليمي للمعلم، فتحفظ الألقاب طوال الوقت؛ لذا تأصّل في المعلم ذلك الأمر، وبالطبع لم يكن المسمى الوحيد، فقد أُطلق على المعلمة لقب (أبله) وهي كلمة متداولة في المدارس على مستوى الدول العربية، جاءت هذه الكلمة متسلسلة من مصر، من اللغة التركية، حيث يطلق على الأخت الكبرى أبله، كنوع من الاحترام، وهو الأمر الذي انتقل للمعلمة، فلم تنادها الطالبات أستاذة إلا قليلاً، وكيف لا ومرتبة المعلمة هي مرتبة الأخت الكبرى، والأم أيضاً، بين الحب والعطف والحزم والشدة، التي تدركها الطالبة مع الوقت، لتعرف أن هذا خوف على مصلحتها، تحترمها، وتعرف أن هناك حدوداً من الكثير من الاحترام في التعامل معها. ليست هذه المهنة الوحيدة التي استخدمت فيها كلمات من اللغة التركية، بل هناك مهن، مثل: الباشمهندس، والبشكاتب، والشاويش، والترزي، ومقابل الأبله أبيه، وهو الأخ الأكبر، والهانم، والأفندي، ووصل للطعام فكان الشيش طاووق. فالعلاقات التركية العربية كانت عبر التاريخ الإسلامي، منذ القرن الثالث الهجري، واستمرت حتى يومنا هذا، وهذا ما يظهر تحول اللغات مصادر للهجات المحلية، ولكن ليست على اللغة العربية الفصحى، وبالتأكيد ليست اللغة الوحيدة، فالهندية والفارسية والإنجليزية أيضاً، وجدت كلماتها للغة العامية في دول الخليج، فالثقافة كانت وما زالت تتمازج، ولكن عودة لألقاب المهن، التي بدأت في بداية هذا المقال، وأود أن أختم بها، الحقيقة أننا نعطي المهن كثيراً من الاحترام، باستمرار حفظ الألقاب. فالمعلم هو الأستاذ والأستاذة، التي تجعلني فخورة دائماً بأنني الأستاذة مريم، فقد كنت معلمة!
ونحن نحتفي باليوم العالمي للمعلم، يتبادر إلى أذهاننا عدد كبير من المعلمين والمعلمات الذين قدّموا خلال سنوات طويلة أسمى معاني العطاء. أسماء غابت عن المشهد الحاضر، لكنها باقية في وجدان أبنائهم وبناتهم من طلبتهم، أولئك...
في العاشر من أكتوبر من كل عام، يلتقي العالم بشعار الصحة: لا صحة بلا صحة نفسية. وهو يوم لا يقتصر على رفع الشعارات، بقدر ما يعكس وعياً عميقاً بضرورة صون كرامة الإنسان من الداخل، والعناية...
رحلة جديدة نكتبها مع مربية فاضلة، الأستاذة عائشة عبد الرحمن العبيدان، ابنة التربية والتعليم، وبنت حي مشيرب في قلب الدوحة. وُلدت ونشأت بين أزقته البسيطة، تحمل في ذاكرتها عبق المكان وصدق الناس. درست المرحلة الابتدائية...
في الدوحة، المدينة التي عُرفت بأنها واحة للأمن والسلام وملاذ للباحثين عن الاستقرار، تعقد قمة عربية إسلامية طارئة بعد أن تعرضت قطر لعدوان إسرائيلي غاشم. إنّها دولة لم تبدأ حربًا قط، ولم تُشعل فتيل نزاع...
نبدأ رحلتنا التوثيقية مع نساء قطر اللواتي صنعن أثراً في المجتمع، نبدأ مع المديرة الفاضلة فاطمة سعيد السلولي، ابنة مدينة الريان. حين سألتها عن العمر، أجابتني بابتسامة: «العمر مجرد رقم». درست في مدرسة النهضة التي...
في مسيرة الأوطان، تبقى الأسماء والأفعال التي صنعت فرقًا شاهدة على أن العطاء بصمة تمتد في الذاكرة الجمعية لتلهم الأجيال. حين نتأمل تاريخ قطر خلال العقود الممتدة من عشرينيات القرن الماضي حتى منتصف التسعينيات (1920–...
مع انتهاء موسم الإجازات والعودة إلى المدارس، تتردد بكثرة عبارات «دوام»، وتتباين ردود الأفعال بين من يستقبلها بابتسامة متفائلة، ومن يتأفف وكأنها عبء ثقيل. كلمة صغيرة تحمل في داخلها مشاعر متباينة، فالإنسان هو الذي يحمّلها...
للألوان رمزية عميقة تتجاوز حدود الشكل لتصبح عناوين لأفكار وأزمنة. فقد ارتبطت كتب معينة بألوانها، وتحولت إلى مشاريع فكرية وسياسية غيّرت وجه التاريخ. فالكتاب الأخضر الذي أصدره معمر القذافي في سبعينيات القرن الماضي، وامتد حضوره...
التجارب الصادقة والشهادات الموثوقة هي مرآة تعكس القيم التي يقوم عليها النجاح المهني. ولذا، قدم العديد من المتخصصين خبراتهم كشهادات عالمية، تنقل المعرفة وتفتح الطريق أمام الآخرين. ومن أبرز هؤلاء جون ماكسويل، الخبير العالمي في...
هل تأملت يومًا في دلالات بعض الأسماء العالمية التي أصبحت تمثل علامات تجارية راسخة؟ في عالم التكنولوجيا، لا تحمل الأسماء مجرد طابع تسويقي، بل تعكس رؤى حضارية وفلسفات ثقافية عميقة. على سبيل المثال، يحمل اسم...
في يومٍ مقدّس من عام 1779، رست سفن الكابتن جيمس كوك على شواطئ جزر هاواي. لم يكن يدري، وهو البحّار القادم من المناطق الباردة، أنه يدخل أرضًا تقرأ الزمن بطريقة مختلفة، وتمنح القادمين من البحر...
من القصص التي وثقتها الكتب، قصة المستكشف الإيطالي كريستوفر كولومبس الذي علق مع طاقمه على سواحل جامايكا، كان ذلك في رحلته الرابعة إلى العالم الجديد، في 29 فبراير من عام 1504، بعد أن تعطلت سفنهم...