alsharq

مريم ياسين الحمادي

عدد المقالات 391

التلاعب الثقافي

19 يوليو 2025 , 11:41م

من القصص التي وثقتها الكتب، قصة المستكشف الإيطالي كريستوفر كولومبس الذي علق مع طاقمه على سواحل جامايكا، كان ذلك في رحلته الرابعة إلى العالم الجديد، في 29 فبراير من عام 1504، بعد أن تعطلت سفنهم وباتوا يعتمدون على سكان الجزيرة الأصليين في تأمين الغذاء. غير أن هؤلاء السكان سرعان ما أوقفوا الإمدادات، بعد أن ساءت معاملتهم من قبل المهاجرين. في تلك اللحظة الحرجة، لجأ كولومبس إلى حيلة قائمة على معرفة فلكية دقيقة؛ إذ كان يملك جداول رياضية من إعداد الفلكي الألماني ريغيو مونتانوس، وفيها توقيت كسوف كلي للقمر. استغل كولومبس هذه المعلومة ليزور خطابا دينيا يخاطب به زعماء القبيلة، مهددًا إياهم بأن “الإله غاضب” لتوقفهم عن إطعامه وطاقمه، وسيُعاقبهم بإخفاء القمر. وعندما بدأ الكسوف فعلًا، أصيب السكان الأصليون بالذعر، وسارعوا إلى استعطاف كولومبس ليتوسل إلى إلهه كي يُعيد القمر. وبعد أن انقضى الكسوف، عاد الضوء للقمر، فعاد معه تعاون السكان الأصليين، واستأنفوا تزويد البحارة بالغذاء حتى مغادرتهم. تحمل هذه القصة بين سطورها دلالات عميقة تتجاوز الحيلة الفلكية في ظاهرها. لقد حول كولومبس المعرفة إلى خدعة وأداة سلطة، تُمارس من غير سلاح، وتخضع بها شعوبٌ بأكملها. لم يكن كولومبس بحاجة إلى الجيوش، فقد قدّم نفسه كوسيط بين الإله والناس، مستخدمًا سلطة الرمز الديني.هذا النموذج من التلاعب الثقافي لم ينتهِ بانتهاء الاستكشافات الكبرى، بل ما زالت آلياته قائمة بأشكال أكثر حداثة، عبر الإعلام والتقنيات والهيمنة الرمزية. حين تُفرض منظومة قيمية واحدة تحت شعارات عالمية، أو تُستخدم أدوات التواصل لصناعة وعي مشوّه، فإننا لا نبتعد كثيرًا عن مشهد كولومبس وسكان جامايكا، بل تظهر سيطرة المتحكم في المعرفة، مفهوم “التلاعب الثقافي”، هو توظيف متعمد لفجوة الفهم والمعرفة، ولتحقيق الهيمنة، دون الحاجة إلى صراع مباشر، إن التحدي الحقيقي اليوم لا يكمن فقط في امتلاك المعرفة، بل في أخلاقيات استخدامها. فوعي الشعوب بثقافاتها، وبقيم التبادل العادل، هو ما يصنع الحصانة الحقيقية من كل تلاعب ناعم. وإن كان كولومبس قد أخفى القمر في قصة، فإن الأهم ألا يُحجب الوعي في واقعنا الثقافي المعاصر. @maryamhamadi

مع التغيرات العالمية.. هل نحتاج تعديل المعايير الدولية؟

يشهد العالم اليوم تحوّلات عميقة لم تعد تقتصر على التكنولوجيا أو الاقتصاد، بل امتدّت لتطال المفاهيم ذاتها التي شكّلت إيقاع حياتنا اليومية: ساعات العمل، وساعات التمدرس، ومعايير الإنتاجية والتعلّم والحياة المتوازنة. نحن أمام مرحلة جديدة...

تعديلات الموارد البشرية... الطريق إلى جودة الحياة

تشهد دولة قطر في هذه المرحلة من مسيرتها التنموية تحولًا نوعيًا في فلسفة الإدارة العامة والموارد البشرية، أعاد تعريف العلاقة بين الإنسان والمؤسسة، وبين العمل والحياة. فالتعديلات الأخيرة التي أُقرّت على قانون الموارد البشرية تُعد...

المعلم صانع الأثر

ونحن نحتفي باليوم العالمي للمعلم، يتبادر إلى أذهاننا عدد كبير من المعلمين والمعلمات الذين قدّموا خلال سنوات طويلة أسمى معاني العطاء. أسماء غابت عن المشهد الحاضر، لكنها باقية في وجدان أبنائهم وبناتهم من طلبتهم، أولئك...

الصحة النفسية والهوية الوطنية

في العاشر من أكتوبر من كل عام، يلتقي العالم بشعار الصحة: لا صحة بلا صحة نفسية. وهو يوم لا يقتصر على رفع الشعارات، بقدر ما يعكس وعياً عميقاً بضرورة صون كرامة الإنسان من الداخل، والعناية...

قطريات صنعن أثراً: عائشة عبد الرحمن العبيدان

رحلة جديدة نكتبها مع مربية فاضلة، الأستاذة عائشة عبد الرحمن العبيدان، ابنة التربية والتعليم، وبنت حي مشيرب في قلب الدوحة. وُلدت ونشأت بين أزقته البسيطة، تحمل في ذاكرتها عبق المكان وصدق الناس. درست المرحلة الابتدائية...

قطر وقمة الأمة

في الدوحة، المدينة التي عُرفت بأنها واحة للأمن والسلام وملاذ للباحثين عن الاستقرار، تعقد قمة عربية إسلامية طارئة بعد أن تعرضت قطر لعدوان إسرائيلي غاشم. إنّها دولة لم تبدأ حربًا قط، ولم تُشعل فتيل نزاع...

قطريات صنعن أثراً.. فاطمة سعيد السلولي

نبدأ رحلتنا التوثيقية مع نساء قطر اللواتي صنعن أثراً في المجتمع، نبدأ مع المديرة الفاضلة فاطمة سعيد السلولي، ابنة مدينة الريان. حين سألتها عن العمر، أجابتني بابتسامة: «العمر مجرد رقم». درست في مدرسة النهضة التي...

قطريات يصنعن أثراً

في مسيرة الأوطان، تبقى الأسماء والأفعال التي صنعت فرقًا شاهدة على أن العطاء بصمة تمتد في الذاكرة الجمعية لتلهم الأجيال. حين نتأمل تاريخ قطر خلال العقود الممتدة من عشرينيات القرن الماضي حتى منتصف التسعينيات (1920–...

دوام

مع انتهاء موسم الإجازات والعودة إلى المدارس، تتردد بكثرة عبارات «دوام»، وتتباين ردود الأفعال بين من يستقبلها بابتسامة متفائلة، ومن يتأفف وكأنها عبء ثقيل. كلمة صغيرة تحمل في داخلها مشاعر متباينة، فالإنسان هو الذي يحمّلها...

الكتب ألوان وأفكار

للألوان رمزية عميقة تتجاوز حدود الشكل لتصبح عناوين لأفكار وأزمنة. فقد ارتبطت كتب معينة بألوانها، وتحولت إلى مشاريع فكرية وسياسية غيّرت وجه التاريخ. فالكتاب الأخضر الذي أصدره معمر القذافي في سبعينيات القرن الماضي، وامتد حضوره...

شهادات عابرة للحدود

التجارب الصادقة والشهادات الموثوقة هي مرآة تعكس القيم التي يقوم عليها النجاح المهني. ولذا، قدم العديد من المتخصصين خبراتهم كشهادات عالمية، تنقل المعرفة وتفتح الطريق أمام الآخرين. ومن أبرز هؤلاء جون ماكسويل، الخبير العالمي في...

الاسم التجاري مرآة الهوية الوطنية

هل تأملت يومًا في دلالات بعض الأسماء العالمية التي أصبحت تمثل علامات تجارية راسخة؟ في عالم التكنولوجيا، لا تحمل الأسماء مجرد طابع تسويقي، بل تعكس رؤى حضارية وفلسفات ثقافية عميقة. على سبيل المثال، يحمل اسم...