alsharq

مريم ياسين الحمادي

عدد المقالات 384

الاسم التجاري مرآة الهوية الوطنية

02 أغسطس 2025 , 11:22م

هل تأملت يومًا في دلالات بعض الأسماء العالمية التي أصبحت تمثل علامات تجارية راسخة؟ في عالم التكنولوجيا، لا تحمل الأسماء مجرد طابع تسويقي، بل تعكس رؤى حضارية وفلسفات ثقافية عميقة. على سبيل المثال، يحمل اسم شركة «Huawei» الصينية معنى مركبًا من كلمتين: «الأولى التي تشير إلى «الصين» أو «الشيء المتألق»، و»الثانية التي تعني «الإنجاز» أو «القيام بالفعل». هذا التركيب يعكس طموحًا وطنيًا في ترسيخ الهوية الصينية عبر التكنولوجيا والابتكار، ويُجسّد فلسفة صعود الصين من المحلية إلى العالمية. مثال آخر، شركة «هوندا» اليابانية، حيث يُترجم الاسم حرفيًا باللغة اليابانية إلى «حقل الأرز الأصلي» أو «الحقل الأساسي»، وهو اسم يحمل دلالة على الجذور والاستقرار، ويعبر عن ارتباط عميق بالثقافة الزراعية اليابانية. أما شركة «سامسونج» الكورية، فاسمها يعني بالكورية «ثلاث نجوم»، وقد اختاره مؤسسها ليعبّر عن الكمال والقوة والخلود، حيث يُمثل الرقم ثلاثة في الثقافة الكورية رمزًا للكمال، بينما ترمز النجوم إلى الديمومة والتألّق. في هذه النماذج الثلاثة، نرى كيف يُوظَّف الاسم التجاري كحامل لهوية وطنية ورسالة رمزية، ولعلّ هذا ما يفتقر إليه بعض مشهدنا التجاري العربي، رغم صدور قانون حماية اللغة العربية في دولة قطر بموجب القانون رقم (7) لسنة 2019، الذي يُعد خطوة رائدة في ترسيخ الهوية اللغوية والثقافية في المجالين العام والخاص. ونصّت المادة (8) من هذا القانون على أن تُسمّى الشركات والمؤسسات ذات الأغراض التجارية والمالية والصناعية والعلمية والترفيهية بأسماء عربية فصيحة. كما أجاز القانون للشركات ذات الشهرة العالمية المسجَّلة، أن تحتفظ بأسمائها الأجنبية، على أن تُكتب باللغة العربية إلى جانب اللغة الأجنبية، وأن تكون اللغة العربية هي الأبرز في الموقع والشكل. وقد ورد في نص القانون أيضًا أن تُكتب العلامات التجارية، والمسكوكات، والطوابع، والميداليات باللغة العربية، ويُسمح بترجمتها بلغة أخرى دون أن تطغى على النص العربي. وبذلك تحافظ على النطق الأصلي باستخدام الأحرف الأجنبية، دون أن تلغي الحضور العربي المكتوب. صدر هذا القانون عن صاحب السمو أمير البلاد المفدى، حفظه الله، في إطار تعزيز مكانة اللغة العربية وضمان استخدامها في جميع مظاهر الحياة العامة والخاصة. ومع ذلك، ورغم مرور أكثر من خمس سنوات على صدوره، ما زالنا نرى واجهات جديدة للمحلات والمراكز التجارية في الدولة. فعدد كبير من الشركات يُسجَّل بأسماء أجنبية دون ترجمة عربية واضحة، أو تُكتب الأسماء العربية بخط صغير لا يكاد يُرى، في مخالفة صريحة لنص القانون وروحه. وفي هذا السياق، نُثمّن إصدار دليل الأسماء التجارية من وزارة التجارة والصناعة، لما له من دور تنظيمي توعوي يُعيد الاعتبار لمكانة الاسم التجاري كجزء من الهوية الوطنية. لكننا نؤكد أن الخطوة التالية يجب أن تتمثل في ربط الدليل بتطبيق صارم لقانون حماية اللغة العربية، بحيث يُصبح الالتزام بالتسمية العربية شرطًا أساسيًا لتسجيل أو تجديد أي سجل تجاري.إن اللغة العربية، بصفتها اللغة الرسمية لدولة قطر وفق الدستور، تتعدى أن تكون وسيلة تواصل، وإنما رمز للسيادة الثقافية والانتماء الحضاري. والاسم التجاري عنصر بصري، وعنوان لهوية المجتمع. لذا فإن تغييب اللغة العربية أو تهميشها في السوق القطري لا يُعد مجرد إخلال بالقانون، بل تفريط في مكوّن رئيسي من الشخصية الوطنية.الدعوة اليوم موجّهة إلى الجهات المعنية لاعتماد فحص لغوي إلزامي للأسماء التجارية قبل الموافقة عليها، وفرض شرط وضوح الترجمة العربية، وتكثيف الرقابة على واجهات المحلات والمراكز التجارية، بما يضمن أن يبقى الاسم التجاري عنوانًا للهوية… لا مجرد خيار تسويقي. @maryamhamadi

قطريات يصنعن أثراً

في مسيرة الأوطان، تبقى الأسماء والأفعال التي صنعت فرقًا شاهدة على أن العطاء بصمة تمتد في الذاكرة الجمعية لتلهم الأجيال. حين نتأمل تاريخ قطر خلال العقود الممتدة من عشرينيات القرن الماضي حتى منتصف التسعينيات (1920–...

دوام

مع انتهاء موسم الإجازات والعودة إلى المدارس، تتردد بكثرة عبارات «دوام»، وتتباين ردود الأفعال بين من يستقبلها بابتسامة متفائلة، ومن يتأفف وكأنها عبء ثقيل. كلمة صغيرة تحمل في داخلها مشاعر متباينة، فالإنسان هو الذي يحمّلها...

الكتب ألوان وأفكار

للألوان رمزية عميقة تتجاوز حدود الشكل لتصبح عناوين لأفكار وأزمنة. فقد ارتبطت كتب معينة بألوانها، وتحولت إلى مشاريع فكرية وسياسية غيّرت وجه التاريخ. فالكتاب الأخضر الذي أصدره معمر القذافي في سبعينيات القرن الماضي، وامتد حضوره...

شهادات عابرة للحدود

التجارب الصادقة والشهادات الموثوقة هي مرآة تعكس القيم التي يقوم عليها النجاح المهني. ولذا، قدم العديد من المتخصصين خبراتهم كشهادات عالمية، تنقل المعرفة وتفتح الطريق أمام الآخرين. ومن أبرز هؤلاء جون ماكسويل، الخبير العالمي في...

البوصلة الثقافية

في يومٍ مقدّس من عام 1779، رست سفن الكابتن جيمس كوك على شواطئ جزر هاواي. لم يكن يدري، وهو البحّار القادم من المناطق الباردة، أنه يدخل أرضًا تقرأ الزمن بطريقة مختلفة، وتمنح القادمين من البحر...

التلاعب الثقافي

من القصص التي وثقتها الكتب، قصة المستكشف الإيطالي كريستوفر كولومبس الذي علق مع طاقمه على سواحل جامايكا، كان ذلك في رحلته الرابعة إلى العالم الجديد، في 29 فبراير من عام 1504، بعد أن تعطلت سفنهم...

أخضر أم أحمر: هل تختار الحقيقة أم توافق الجماعة؟

في إحدى القاعات الجامعية، عرضت أستاذة جامعية ملفًا أخضر اللون أمام طلبتها، واتفقت مسبقًا مع الجميع – باستثناء طالب واحد – على الادعاء بأن الملف لونه “أحمر”. وما إن دخل الطالب المتأخر، حتى بدأت التجربة....

«إشادة»

على الأرجح أنك قد تلقيت من قبل رسالة عبر برنامج «موارد» تقول: «لنبنِ معًا ثقافة تقدير حقيقية في بيئة عملنا. شارك بطاقة (إشادة) شهريًا مع من يستحق، وكن شريكًا في نشر روح الامتنان والتحفيز». هل...

تميم المجد... مؤسس الهوية الوطنية

أشرف حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدي على وضع رؤية قطر الوطنية 2030، التي باتت مرجعًا استراتيجيًا للدولة. ولعل أبرز ما يميز تلك المرحلة هو مشروع تعزيز الهوية الوطنية،...

المراجعة الذاتية

بالتزامن مع العمل على تقييم الموظفين نصف السنوي، هل سمعت من قبل عن “المراجعة الذاتية”؟ قد يتبادر إلى الذهن أن الأمر يرتبط بمحاسبة شخصية أو تأمل داخلي، وهذا جزء من الحقيقة، لكنه في سياق المؤسسات...

مواضيع من واتساب

هذه المرة لديَّ مواضيع أطرحها من خلال تصوراتي عنها. ربما لديكم تصور آخر، وربما تكون موضوعاً للمناقشة في كثير من مجموعات «الواتساب» التي تحوّلت إلى منصات حوارية هادفة، بالإضافة إلى كونها وسيلة توعوية. وهذا أمر...

من العايدين

يهلُّ علينا عيد الأضحى المبارك كل عام، وتعود معه نفحات الحج، تلك الفريضة التي شرّف الله بها عباده. في هذا الموسم المبارك، يتجمّع المسلمون على اختلاف ألسنتهم وألوانهم من شتى بقاع الأرض، في مناسبة تتعمق...