


عدد المقالات 329
لا أقول ذراعين أو ثلاثة، بل أذرعا، ربما هي أخطبوط يمد أذرعه في كل اتجاه، يحمي نفسه، يحصن ذاته من خلال هذه الأذرع التي تعمل على أكثر من صعيد، تلك هي السياسة المعاصرة لدينا. فالسياسة لم تعد فن الإدارة والحكم، ولم تعد هي الحكمة والعقل في وزن الأمور ومعاينتها، أصبحت السياسة هي فن القدرة على البقاء، ليس مهما إن كان في الأمر دماء أو حم الصيف وبرد الشتاء، المهم أن أبقى أنا كما أنا، لا يطاولني مطاول، ولا يجاورني في عرشي مجاور، كل ما حولي لي، الأرض وما عليها، الشعوب مجرد وقود يشعرني بنشوة السيادة وقوة السيطرة، فلا معنى لكوني حاكما إذا لم يكن هناك محكومون، وكيف لي أن أكون راعيا دون قطيع؟ هذا كله ما يفهمه وما يدركه فنانو السياسة والحكم في معظم بلادنا في الشرق الأوسط. كم يسوؤني ما أراه من سخرية بحق الشعوب، بحق الإنسان، بحق التاريخ والجغرافيا، بحق كل القيم الإنسانية، يُستغل الإنسان باسم السياسة، تراق دماؤه، يشرد، ينفى، يسجن، يُسلب قوته وقوت عياله، تُصادر حريته.. كل ذلك باسم السياسة، وكم هو غريب أن يصبح الإنسان رخيصا يبيع حياته في سبيل هوى غيره، فشر الناس (من باع آخرته بدنيا غيره، وغيره ظالم). تمزقت دولنا وضاعت، وهجرت شعوبنا، وشردت، وضاعت حضارتنا بين مد التخلف والتبعية، وجزر الساسة المنحرفين الهارمين، عقود مضت ونحن نشهد معركة حقيقية لا تبرح حينا وساحتنا العربية، فمن فلسطين إلى اليمن إلى العراق إلى سوريا.. أجيال شردت وما عادت، خيرات سلبت في وضح النهار، وبلدان قسمت وضاع أبناؤها. ألا يوجد ملاعب مؤهلة لخوض مسابقات السياسة سوى بلداننا؟ بالتأكيد هناك ساحات كثيرة لكنها ليست لخوض ألاعيب السياسة، فأهلها رفضوا الألاعيب والأكاذيب، ووطدوا معنى السياسة بمفهومها العريق، فن الإدارة والحكم، وبناء الحضارة والإنسان، بعيدا عن طمع البقاء والالتصاق في مقاعد الحكم إلى الأبد، الحاكم عامل والشعب حاكم، الحاكم زائل والشعب باق، الأثر باق والأشخاص عابرون، هذه هي المعادلة التي يجب أن نصل إليها إذا أردنا أن نكون في مصاف الدول المتقدمة التي قدرت الإنسان ورفعت من مكانته، فأصبح الفرد نفسه هو الوقود الذي من خلاله يحيى الآخرون، فالرئيس والمرؤوس سواء. فمتى أدركنا أن الشعب هو الحاكم، فسنتقدم، وسنسكن حينها جنانا، وسنبصر النور ألوانا وسنسمع للعدل ألحانا.
قد يتساءل البعض عن العلاقة التي تجمع مفردة الربّ بما يضاف إليها، وهل يبقى معناها وفق ما هو في سياقها الديني واللغوي؟ حقيقة، لكلمة الربّ خارج معناها الإلهي معانٍ مختلفة، يحدّدها السياق وما يرتبط به...
في هذه الأيام، يتوسل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها باسم الله الغالب؛ ليرد عنهم كيد الكائدين، وغيظ المعتدين، وكل حقد ظاهر ودفين. فالأمة منذ حين تمر بمخاض القيام والانتفاض، ولهذا القيام تكاليفه الوافية من الخوف...
كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...
لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...
كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...
كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...
إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...
لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...
مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...
هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...
معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...
لا شكَّ في أنّ مَن يقرأ كلمة «خليفة» أو يسمعها، يتذكر قول الله تعالى: ﴿وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَاـئِكَةِ إِنِّی جَاعِل فِی الأرض خَلِیفَة ﴾ [البقرة: 30]، وكذلك يتذكر منصب الخلافة في الإسلام. لكن هل حاول...