alsharq

فضيلة الشيخ د. عبدالعزيز بن عبدالله آل ثاني

عدد المقالات 50

العلم خشية الله

12 مارس 2025 , 11:02م

الحمد لله الذي تتصدع الجبال لخشيته، ويخر المؤمنون سجّداً لعظمته، والصلاة والسلام على نبينا محمد أخشى الخلق لربه، وعلى آله وجميع صحبه، وعلى التابعين ومن كان من حزبه. وبعد: فيقول الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر: 28]. هذه آية لا تخفى يعرفها كل مسلم يقرأ ويسمع كتاب ربه، وهي آية عظيمة كلماتها معدودة، وإرشاداتها غير محدودة، كثرت حولها أقوال العلماء، واقتبس من نورها الحكماء، فهي في المسلمين شهيرة، لذلك كانت بالتأمل جديرة. تضمنت هذه الآية أسلوب القصر من أساليب البلاغة، حيث حصرت الخشية في العلماء، والخشية ترد بمعنى الخوف والتعظيم والإجلال، والعلماء صفة من العلم، وفي بيان من يستحق لقب العالم يقول الطحاوي رحمه الله: «العالم - قد يُستَحَق بمعنى من معنيين: أحدهما: العلم بكتاب الله عز وجل وشرائع دينه، ثم بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكون من كانت هذه صفته عالماً وهو العالم الذي يجوز أن يسمى فقيهاً، والآخر: خشية الله عز وجل والعلم بما يستحقه صاحبها من ثواب الله عليها ومن عقابه في الوقوع في خلافها وهي التي منها قوله عز وجل: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾، وليس من كانت هذه صفته يستحق أن يسمى فقيهاً». وفي ذكره للمعنيين يمكن تقسيم العلماء إلى ثلاثة أقسام: 1. عالم يجمع بين العلم بكتاب الله وشرائع دينه والخشية من الله جل وعلا. 2. عالم بشرائع الدين وكتاب رب العالمين فقط. 3. عالم بالله يخشاه ويتقيه لكنه لا يصل إلى درجة العالِمية في شرائع الدين. فالأول جمع بين العلم والعمل الذي هو الثمرة، فهذا الذي يدل على الله بحاله ومقاله، والثاني اتسعت مداركه وفهومه واستوعب من الشريعة ما قُدّر له، فإما أن ينسب الفضل إلى الله فيسلَم ويهتدي به، وإما أن ينسب الفضل إلى نفسه فيَكِله الله إليها، فيضل عن الحق، ويدعو إلى الضلالة، وكم نرى ممن تصدروا بالعلم دون الخشية فأفسدوا على كثيرين دينهم باسم الدين، يتجرؤون في كل ناد، ويخطبون في كل واد. وأما الصنف الثالث فقوم راقبوا الجليل في حياتهم، وغلبت العبادة على العلم لديهم، ولم يروا لما هم فيه من التوفيق والتنسك قيمة أمام عظمة خالقهم. يقول ابن الجوزي رحمه الله في هذا المقام: «إذا تم علم الإنسان، لم ير لنفسه عملاً؛ وإنما يرى إنعام المُوَفِّق لذلك العمل، الذي يمنع العاقل أن يرى لنفسه عملاً، أو يعجب به، وذلك بأشياء؛ منها: أنه ‌وفق ‌لذلك ‌العمل؛ ﴿حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ [الحجرات: 7]، ومنها: أنه إذا قيس بالنعم، لم يَفِ بمعشار عشرها، ومنها: أنه إذا لوحظت عظمة المخدوم، احتقر كل عمل وتعبد، هذا إذا سلم من شائبة، وخلص من غفلة. فأما والغفلات تحيط به؛ فينبغي أن يغلب الحذر من رده، ويخاف العتاب على التقصير فيه، فيشتغل عن النظر إليه». والخشية من أعمال القلوب، وهي الصفة التي يُعرف بها العلماء الربانيون، جاء رجل إلى الإمام عامر الشعبي رحمه الله فقال: أفتني أيها العالم، فرد عليه الشعبي: «إنما العالم من يخاف الله». وقال الحسن البصري رحمه الله: «العالم من خشي الرحمن بالغيب، ورغب فيما رغب الله فيه، وزهد فيما سخط الله عنه، ثم تلا: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾». وورد عن ابن مسعود رضي الله عنه قوله: «ليس العلم عن كثرة الحديث، ولكن العلم عن كثرة الخشية».

سنن العيد

الحمد لله الذي أسعد قلوب أوليائه، وأثلج بالعبادة صدور أصفيائه، والصلاة والسلام على خاتم رسله وأنبيائه، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لسنته المخلصين في ولائه. وبعد: فيقول ربنا الكريم: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ...

العربية طريق تدبر القرآن

الحمد لله الذي أنزل القرآن عربياً قولاً ثقيلاً، وجعله هادياً إليه وحبلاً متيناً وأقوم قيلاً، والصلاة والسلام على من رتل الوحي ترتيلاً، وتهجد به تعبداً وتبتيلاً، وعلى صحبه الذين تدبروه وعملوا به فكانوا أهدى سبيلاً،...

عرفت فالزم

الحمد لله المتصف بالبقاء، المتفضل بجزيل العطاء، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه، وعلى التابعين ما دامت الأرض والسماء. وبعد: فيقول الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، ويقول سبحانه: ﴿فَمَنْ...

زكاة الفطر شعيرة العيد

الحمد لله فرض طاعة رسوله على عباده، وزكاه في عقله ومنطقه وفؤاده، والصلاة والسلام على الرؤوف الرحيم، نبينا محمد الرسول الكريم، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم المتمسكين بالدين القويم. وبعد: فيقول الله تعالى: ﴿مَنْ يُطِعِ...

رمضان والشعور بالانتماء

الحمد لله حمداً يليق بوحدانيته، سبحانه تفرد فليس كمثله شيء في فردانيته، والصلاة والسلام على من آخى بين المهاجرين والأنصار، نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين لهم في كل الأزمان والأمصار. وبعد: فإن الله تعالى يقول:...

الفرصة العظيمة في العشر الأواخر

الحمد لله الذي خصنا بفضائل عظيمة، وأعطانا ليلة القدر الكريمة، والصلاة والسلام على نبينا محمد خير من لله تعبد، وأحيا ليله بالصلاة وتهجد، وعلى آله وصحابته والتابعين لهم ما تتابع الزمان وتجدد. وبعد: فيقول الله...

انووا الاعتكاف.. تربحوه

الحمد لله الذي تفرغ لعبادته المعتكفون، وقصد بابه الطامعون الخائفون، والصلاة والسلام على أفضل من صام لله وتعبد، وقام بين يديه وتهجد، وعلى آله وصحبه ما قصر النهار وتمدد. وبعد: فيقول الله تعالى: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى...

بقي الثلث.. والثلث كثير

الحمد لله الرحمن الغفار، تفضل على عباده بطول الأعمار، وبلغهم مواسم الخيرات للاجتهاد والادخار، والصلاة والسلام على نبينا محمد ما مسح الليل ضوء النهار، وعلى آله وصحبه والتابعين لما لهم من الآثار. وبعد: فقد صح...

من أسباب المغفرة

الحمد لله الذي يقبل التائبين، ويجيب دعوة المضطرين، ولا يخيب سعي الراجين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين إلى يوم الدين. وبعد: فقد روى الترمذي رحمه الله عن أنس...

الرزية في فقد العالم

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فقد خاطب ربنا تعالى نبيه فقال: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ [الزمر: 30]، وقال سبحانه: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ...

وسوف تُسألون

الحمد لله المنعم على عباده، المكرم لهم بإحسانه وإمداده، جعل الدنيا متاعاً قليلاً، والآخرة نعيماً خالداً لمن اتخذ إلى ربه سبيلاً، والصلاة والسلام على من بعثه الله للخلق نبياً ورسولاً، وعلى آله وصحبه والتابعين ما...

الإسلام مظهر ومخبر

الحمد لله الذي جعل للإنسان لباساً، وجعل له في الشرع ضابطاً ومقياساً، والصلاة والسلام على من جعله للخلق نبراساً، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن جعلهم لهذا الدين حراساً. وبعد: فيقول الله تبارك وتعالى:...