alsharq

د. زينب المحمود

عدد المقالات 330

«الحميد»

11 أغسطس 2024 , 10:49م

هل خطر في قلبك يومًا أنَّ شعورًا ما قد يكون سببًا في نعيم وسرور؟ وهل فكّرت في أن الشكر والحمد هما خير موروث؟ وأن خالقك يبتليك ليختبرك؛ أتشكر أم تكفر؟ هل جعلت ذلك كلّه أساسًا من أسس حياتك وموازينها؟ إن شعورًا بالرضا والتسليم والقبول يجتاح قلوبنا ومشاعرنا وأرواحنا، كفيلٌ بتغيير نظرتنا إلى الحياة على نحو محبّبٍ أو مستساغ. فنحمده سبحانه في الضرّاء قبل السرّاء، وفي العسر قبل اليسر، فنكون على يقين أن «الوليّ الحميد» إنما يريد لنا الخير، وإن قصرت أفهامنا وعقولنا عن إدراك ذلك. إن صفة الحمد صفة الله المحمود في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، المحمود في شرعه، المحمود في قضائه وأحكامه، المحمود في وحدانيته وتعاليه على الشريك والنظير والوليّ من الذلّ. أمرنا بحمده لننال عطاءه، وننعم بفيض رضاه. وإن الإنسان مخلوق ضعيف، نجده كثيرًا ما يمرّ بظروف قاسية وصعبة فيغيب عنه أمر الله، وتقاديره، والحكمة مما يحصل له، فتراه حزينًا باكيًا مهمومًا مغمومًا، تكبله أهوال الدنيا وتحبسه ويلاتها، في عصر كثر في الأهل والمحبون، وتعدد العلاقات واتسعت، وكل ذلك يأخذ من قلبه وفكره مكانًا وحيزًا، فتراه يتأثر ويحزن كلما أصاب أحدًا منهم همُّ، أو وقع في مصيبة، حتى أَننا بتنا نرى أيام هنائنا المطلق ونعيمنا الخالص، محدودة لا ذكر لها. في ظل هذا الواقع المتغيّر، وفي ظلّ زحمة العلاقات وتعددّها، ليس لنا سوى التسلح بصفة الحمد لكي نتجاوز ما نواجهه من لحظات عسيرة، تأكل من قلوبنا وأكبادنا، وتجعلنا غارقين في حسراتنا، لذلك فإن من أهم صفات الأنبياء التي جعلتهم أقرب ما يكونون إلى الكمال صفة الحمد التي أثنى الله عليهم بها، وجعلها قرينة العزة في قوله: «وَمَا نَقَموا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ العَزيزِ الحَمِيدِ»، فبحمد الله نشعر بعزة لا تضاهيها عزّة، نترفع من خلالها على كلّ ذلّ، ونقف في صفّه سبحانه وتعالى في مواجهة أعدائه، متيقّنين أن عزّته تعالى رحمةٌ لأوليائه، وعدلٌ لأعدائه، هي عزّة حمد، منزّهة من العيوب والنقائص؛ كالظلم والجور. إن ذكر الله تعالى صفة الحميد في كتابه العظيم، وجعْلها اسمًا من أسمائه الحسنى، يدلّ على أن أثرها في حياتنا عظيم، واستحضارها طاعة، والإيمان بها فوز في الدنيا والآخر. خلاصة القول: متى عرف الإنسان أن الله تعالى يتصف بالحمد، فعليه بالسعي لحمده على آلائه، وأوصاف كماله، في سرِّه وعلنه، في لسانه وقلبه وأركانه، وهذا ما كان عليه خير خلقه، نبينا محمّد عليه السلام حيث قال: «... اعلم أنّ خير عباد الله يوم القيامة الحمّادون». ثم على كل عبدٍ من عبيد الله أن يسعى في خصال الحمد، وهي التخلّق بالأخلاق الحميدة، والأعمال الجليلة، وترك نقيضها. وبذلك سيكون ممن سعد في الدنيا، ونال شرف رحمة الله ورضاه في الآخرة. @zainabalmahmoud @zalmahmoud@outlook.com

بصر وبصيرة

ما أعدل الله في توزيعه نعمه! وما أعظم جبره خواطر عباده! ومن معالم ذلك وأمثلته؛ أنه جلّ وعلا نوّرنا بأمثلة من عالم الإنس، يرون بطريقة فريدة غير معهودة، وهم العميان الذين ولدوا بعيون مسلوبة الأنوار،...

ربُّ القوافي

قد يتساءل البعض عن العلاقة التي تجمع مفردة الربّ بما يضاف إليها، وهل يبقى معناها وفق ما هو في سياقها الديني واللغوي؟ حقيقة، لكلمة الربّ خارج معناها الإلهي معانٍ مختلفة، يحدّدها السياق وما يرتبط به...

غالبٌ على أَمْرِهِ

في هذه الأيام، يتوسل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها باسم الله الغالب؛ ليرد عنهم كيد الكائدين، وغيظ المعتدين، وكل حقد ظاهر ودفين. فالأمة منذ حين تمر بمخاض القيام والانتفاض، ولهذا القيام تكاليفه الوافية من الخوف...

أَبصر به وأَسمع

كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...

مفتاح النصر

لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...

كمال الستر

كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...

رغم المكر.. قطر ستبقى حرة

كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...

كمال غناه

إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...

الحقُّ أحقُّ أن يُتّبع

لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...

إِلهٌ حميد

مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...

لربنا حامدون

هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...

لا تقنطوا...

معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...