


عدد المقالات 50
الحمد لله الذي أمر عباده بالتقوى، ويسر لهم مسالك القربى، والصلاة والسلام على من هو بالمؤمنين أولى، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ما ذكر الله في الأرض وعبد في الملأ الأعلى. وبعد: فقد أمر الله المؤمنين بالارتقاء في مقامات الإيمان فقال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102]، قال ابن مسعود رضي الله عنه: «{حق تقاته} أن يطاع فلا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى وأن يشكر فلا يكفر»، وهذه أسمى درجات التقوى، وبيّن الله تبارك وتعالى لعباده أمرين ليستطيعوا تحقيق المراد من الأمر بالتقوى؛ فبيّن لهم أن التقوى في حدود الاستطاعة فقال: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التغابن: 16]. يقول ابن عاشور رحمه الله: «فليس في قوله: ما استطعتم تخفيف ولا تشديد ولكنه عدل وإنصاف. ففيه ما عليهم وفيه ما لهم». وذلك لأن لفظ «ما» في الآية يفيد الظرفية والزمنية، أي مدة استطاعتكم ليتسنى لهم ذلك مع تقلبات الأحوال عبر الأزمان. ثم بيّن تعالى وسائل التقوى ليتعرفوا إليها فينهجون طرائقها، وهي كثيرة متفرقة في القرآن الكريم بأساليب متنوعة، تارة يذكر ربنا صفات المتقين، وتارة يذكر العمل ويعقبه بذكر التقوى ونحو ذلك كقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾ [التوبة: 7]، ونذكر جملة منها لتتجلى منائرها للسائرين. وقبل ذلك، فإن هذه الوسائل هي أعمال إذا امتثلها العبد حقق التقوى، لأن الالتزام بها يجعل بين العبد وبين ما يهلكه وقاية، إذ عملها باستمرار وقاية من أضدادها، وأهم هذه الوسائل ما يلي: 1. الإيمان الصادق الخالص: أصل الإيمان عمل قلبي لا يطلع عليه إلا الباري سبحانه وتعالى، وربنا امتدح المتقين المهتدين بالقرآن وذكر من صفاتهم الإيمان بالغيب وبالكتب المنزلة واليوم الآخر: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾ [البقرة: 2-4]. فالإيمان بالغيب محطة الاختبار يرسب فيه عدد ممن فتحوا القيود لعقولهم حتى كذبوا الغيبيات، والإيمان بهذه الثلاثة يتضمن الإيمان بالله ورسله، فالرسل أنزلت بالكتب وأخبروا عن اليوم الآخر وما يكون فيه من غضب الباري والقضاء بين الخلق وغيرها مما هو مندرج في الإيمان بالغيب، وهذا العمل القلبي هو ركيزة باقي الأعمال والوسائل؛ إذ أعمال الجوارح مترجمة لعمل القلب وهو الملك عليها. 2. تحقيق العبودية لله كما أمر وشرع: يقول تبارك وتعالى في أول نداء في المصحف: (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 21]، وقال في الصيام: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]. 3. الكرم بأنواعه: وصف الله المتقين بالمنفقين في آيات عدة، من ذلك قوله عز وجل: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: 133-134]. فالمتقي يجود بما أنعم الله عليه في السراء والضراء، في النفقات الواجبة وغيرها، ويجود بمظلمته فيعفو عمن أساء، ويجود بخلقه فيكظم غيظه فلا يبادر بالانتقام. 4. التوبة والإقلاع عن الذنب: في سورة آل عمران أيضاً ختمت الآية المذكورة سابقا بقول ربنا: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران: 135]. 5. الوفاء بالعهد: لله ولعباده المؤمنين، ولخلقه من غير المسلمين، قال تعالى: ﴿بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: 76]، وقال: ﴿فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾ [التوبة: 4]. هذه خمسة أعمال من أعمال المتقين، وفقنا الله إلى هداه، وملأ قلوبنا بتقواه.
الحمد لله الذي أسعد قلوب أوليائه، وأثلج بالعبادة صدور أصفيائه، والصلاة والسلام على خاتم رسله وأنبيائه، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لسنته المخلصين في ولائه. وبعد: فيقول ربنا الكريم: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ...
الحمد لله الذي أنزل القرآن عربياً قولاً ثقيلاً، وجعله هادياً إليه وحبلاً متيناً وأقوم قيلاً، والصلاة والسلام على من رتل الوحي ترتيلاً، وتهجد به تعبداً وتبتيلاً، وعلى صحبه الذين تدبروه وعملوا به فكانوا أهدى سبيلاً،...
الحمد لله المتصف بالبقاء، المتفضل بجزيل العطاء، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه، وعلى التابعين ما دامت الأرض والسماء. وبعد: فيقول الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، ويقول سبحانه: ﴿فَمَنْ...
الحمد لله فرض طاعة رسوله على عباده، وزكاه في عقله ومنطقه وفؤاده، والصلاة والسلام على الرؤوف الرحيم، نبينا محمد الرسول الكريم، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم المتمسكين بالدين القويم. وبعد: فيقول الله تعالى: ﴿مَنْ يُطِعِ...
الحمد لله حمداً يليق بوحدانيته، سبحانه تفرد فليس كمثله شيء في فردانيته، والصلاة والسلام على من آخى بين المهاجرين والأنصار، نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين لهم في كل الأزمان والأمصار. وبعد: فإن الله تعالى يقول:...
الحمد لله الذي خصنا بفضائل عظيمة، وأعطانا ليلة القدر الكريمة، والصلاة والسلام على نبينا محمد خير من لله تعبد، وأحيا ليله بالصلاة وتهجد، وعلى آله وصحابته والتابعين لهم ما تتابع الزمان وتجدد. وبعد: فيقول الله...
الحمد لله الذي تفرغ لعبادته المعتكفون، وقصد بابه الطامعون الخائفون، والصلاة والسلام على أفضل من صام لله وتعبد، وقام بين يديه وتهجد، وعلى آله وصحبه ما قصر النهار وتمدد. وبعد: فيقول الله تعالى: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى...
الحمد لله الرحمن الغفار، تفضل على عباده بطول الأعمار، وبلغهم مواسم الخيرات للاجتهاد والادخار، والصلاة والسلام على نبينا محمد ما مسح الليل ضوء النهار، وعلى آله وصحبه والتابعين لما لهم من الآثار. وبعد: فقد صح...
الحمد لله الذي يقبل التائبين، ويجيب دعوة المضطرين، ولا يخيب سعي الراجين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين إلى يوم الدين. وبعد: فقد روى الترمذي رحمه الله عن أنس...
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فقد خاطب ربنا تعالى نبيه فقال: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ [الزمر: 30]، وقال سبحانه: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ...
الحمد لله المنعم على عباده، المكرم لهم بإحسانه وإمداده، جعل الدنيا متاعاً قليلاً، والآخرة نعيماً خالداً لمن اتخذ إلى ربه سبيلاً، والصلاة والسلام على من بعثه الله للخلق نبياً ورسولاً، وعلى آله وصحبه والتابعين ما...
الحمد لله الذي جعل للإنسان لباساً، وجعل له في الشرع ضابطاً ومقياساً، والصلاة والسلام على من جعله للخلق نبراساً، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن جعلهم لهذا الدين حراساً. وبعد: فيقول الله تبارك وتعالى:...