


عدد المقالات 200
دعوة فخرية تلقيتها من مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع للمشاركة في احتفالية الذكرى الثلاثين لتأسيسها، وهي لحظة فارقة تستحق التوقف والتأمل. إذ على مدار هذه السنوات، تحولت المؤسسة التي انطلقت برؤية طموحة من مبادرة صغيرة إلى منارة إشعاع معرفي عالمي. وقد أثبتت مؤسسة قطر أن الاستثمار في الإنسان هو السبيل الأسمى نحو بناء مستقبل مشرق ومستدام، ويجسد هذا الاستثمار في المجالات الحيوية: التعليم، والبحث العلمي، والتنمية المجتمعية. في عام 1995، وبين أروقة مزرعة «أم قريبة»، اجتمع صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وصاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر ليخطوا معا أولى خطوات حلمهما في تأسيس مؤسسة تُعنى بالعلم والتنمية المجتمعية. ومنذ تلك اللحظة، تحولت هذه الرؤية إلى واقع مشرق، مع تطور مستمر ونجاحات متتالية تمثلت في أكثر من 50 مركزا ومؤسسة. وساهمت هذه المؤسسة في إعادة تشكيل إستراتيجية دولة قطر المعرفية والتربوية والتكنولوجية، ووضعها في قلب مسار دولي يعتمد على المعرفة والابتكار كركيزة أساسية لدفع التنمية المستدامة وتحقيق الرؤية المستقبلية الطموحة. وخلال ثلاثين عاما من العطاء والإبداع جعلت منها نموذجا رائدا، إذ كانت وما تزال مساهما أساسيا في تعزيز مكانة قطر كمركز عالمي للابتكار والمعرفة. هوية المؤسسة وشعارها تحمل مؤسسة قطر في هويتها شعار شجرة السدر، التي ترمز إلى القوة والصمود والنمو وسط التحديات. وكما تمتد أغصان السدر في اتجاهات متعددة، امتدت أنشطة المؤسسة لتشمل مجالات التعليم، البحث العلمي، وتنمية المجتمع، مما ساهم في تعزيز مكانة قطر كمركز عالمي للابتكار والمعرفة. ويعكس هذا الشعار أيضا التزام المؤسسة بالاستدامة والقدرة على التطور رغم التحديات، حيث تواصل المؤسسة العمل على مشاريع مبتكرة تساهم في بناء مستقبل أكثر إشراقا. التعليم: محور النهضة منذ تأسيسها، حرصت مؤسسة قطر على توفير تعليم عالمي المستوى، حيث أطلقت العديد من المدارس مثل أكاديمية قطر وأكاديمية السدرة، إضافة إلى برنامج الجسر الأكاديمي، الذي يهيئ الطلاب للانتقال من التعليم الثانوي إلى الجامعي. كما حرصت المؤسسة على تبني أحدث المناهج التعليمية التي تعزز مهارات التفكير النقدي والإبداع لدى الطلاب، مما يساهم في إعدادهم لمواجهة تحديات المستقبل. أما على مستوى التعليم العالي، فقد شهدت المدينة التعليمية التابعة لمؤسسة قطر تأسيس فروع لأبرز الجامعات العالمية، مثل جامعة فرجينيا كومنولث، كلية طب وايل كورنيل، جامعة تكساس إي أند أم، وجامعة كارنيجي ميلون، وجامعة جورجتاون، وجامعة نورثويسترن، جامعة أتش إي سي- باريس، وكلية لندن الجامعية. هذا بالإضافة إلى هذه الفروع، أنشأت المؤسسة جامعة حمد بن خليفة، التي تُعد مركزا للبحث والابتكار وتعزيز الهوية الوطنية، مما يساهم في تخريج كفاءات وطنية قادرة على الإسهام في تحقيق رؤية قطر الوطنية 2030. لم تقتصر جهود مؤسسة قطر على توفير التعليم الأكاديمي فحسب، بل امتدت إلى تعزيز البحث العلمي والتدريب المهني، حيث توفر برامج متخصصة في تطوير المهارات العملية والتقنية، مما يساعد الطلاب والخريجين على الاندماج في سوق العمل بفعالية. كما تعمل المؤسسة على إنشاء شراكات استراتيجية مع المؤسسات التعليمية العالمية، لتوفير بيئة تعليمية غنية تتيح للطلاب فرصة التفاعل مع أحدث التطورات في مجالات العلوم والتكنولوجيا. وبفضل هذه الجهود، أصبحت المدينة التعليمية مركزا عالميا للمعرفة، حيث تجمع بين التقاليد الأكاديمية العريقة والتكنولوجيا الحديثة، مما يسهم في إعداد قادة المستقبل الذين يتمتعون برؤية عالمية، وقدرة على إحداث تغيير إيجابي في مجتمعاتهم. كما تعمل المؤسسة على تعزيز التبادل الثقافي بين الطلاب من مختلف الجنسيات، مما يخلق بيئة تعليمية. البحث والابتكار: حجر الأساس لمستقبل قطر منذ إطلاق قطاع البحوث عام 2007، باتت مؤسسة قطر منارة للابتكار والتقدم العلمي. فقد أسست العديد من المعاهد البحثية، مثل الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي، واحة العلوم والتكنولوجيا في قطر، ومعهد قطر لبحوث الطب الحيوي، بالإضافة إلى معاهد متخصصة في البيئة، الطاقة، والحوسبة. وتهدف هذه المعاهد إلى تقديم حلول علمية للتحديات التي تواجه قطر والعالم، مثل تغير المناخ، أمن الطاقة، والصحة العامة. كما أطلقت المؤسسة مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم «وايز»، الذي يُعد أحد أهم المنتديات العالمية لتطوير منظومات التعليم. ويوفر هذا المؤتمر منصة تجمع بين الخبراء وصناع القرار لمناقشة أحدث الاتجاهات في مجال التعليم، مما يساعد على تبادل المعرفة وتعزيز الحلول المبتكرة لتحسين جودة التعليم على مستوى العالم. وإلى جانب ذلك، تعمل مؤسسة قطر على دعم البحوث التطبيقية من خلال توفير بيئة متكاملة تجمع بين الباحثين والمبتكرين، مما يسهم في تحويل الأبحاث النظرية إلى تطبيقات عملية تعزز النمو الاقتصادي المستدام. كما توفر المؤسسة منحا بحثية لدعم المشاريع التي تركز على حلول مستدامة لمشكلات الصحة، التكنولوجيا، والطاقة، مما يجعلها شريكا رئيسيا في تحقيق التنمية المستدامة على الصعيدين المحلي والدولي. تنمية المجتمع: رؤية مستدامة وإيمانا منها بأهمية التنمية المجتمعية، أنشأت مؤسسة قطر مبادرات ومراكز تعزز الهوية الثقافية وتوفر الفرص للمجتمع. ومن أبرز هذه المشاريع مكتبة قطر الوطنية، التي تعد واحدة من أكبر المكتبات في المنطقة، حيث توفر موارد معرفية ضخمة تدعم البحث والتعليم. كما أن المتحف العربي للفن الحديث يسهم في إثراء المشهد الثقافي في قطر من خلال استضافة معارض وأحداث فنية عالمية. وبالإضافة إلى ذلك، ساهمت المؤسسة في إنشاء الشقب لتعليم الفروسية، وأوركسترا قطر الفلهارمونية، ومشيرب العقارية، التي تهدف إلى تطوير بيئة حضرية مستدامة. كما أطلقت المؤسسة معهد الدوحة الدولي للأسرة، الذي يعمل على تعزيز الوعي بأهمية الأسرة في المجتمع. ولم تقتصر جهود المؤسسة على قطر فقط، بل امتدت إلى الخارج من خلال مبادرة «أيادي الخير نحو آسيا»، التي تهدف إلى دعم التعليم في الدول الأقل حظا، مما يعكس التزام المؤسسة بالمسؤولية المجتمعية على نطاق عالمي. مؤسسة قطر والاقتصاد المعرفي من خلال الشراكات العالمية والاستثمارات في البحث والتطوير، ساهمت مؤسسة قطر في تحفيز الابتكار وريادة الأعمال في قطر، مما أسهم في بناء اقتصاد يعتمد على المعرفة بدلا من الموارد التقليدية. فقد أطلقت المؤسسة العديد من المبادرات لدعم الشركات الناشئة، مما أدى إلى بروز شركات مثل «براجماتك» في مجال البرمجيات، والتي نجحت في توفير حلول تقنية متقدمة تخدم السوق المحلي والدولي. كما توفر واحة العلوم والتكنولوجيا بيئة متكاملة لدعم المبتكرين ورواد الأعمال، حيث تُقدَّم برامج تدريبية واستشارية، إضافة إلى توفير مساحات عمل حديثة تساعد على تنمية الأفكار الإبداعية وتحويلها إلى مشاريع تجارية ناجحة. وبفضل هذه الجهود، استطاعت العديد من الشركات الناشئة التوسع عالميا، مما جعل مؤسسة قطر لاعبا أساسيا في تعزيز ريادة الأعمال على مستوى المنطقة. تأثير عالمي ونهج مستدام على مدار العقود الثلاثة الماضية، نجحت مؤسسة قطر في الدمج بين الأصالة والحداثة، مما جعلها قوة مؤثرة في المجتمع القطري والعالمي. فقد أصبحت المؤسسة نموذجا يُحتذى به في كيفية الجمع بين التعليم، البحث، والتنمية المجتمعية لتحقيق تأثير إيجابي واسع النطاق. واليوم، وهي تحتفل بمرور ثلاثين عاما على تأسيسها، تواصل المؤسسة مسيرتها نحو مستقبل مشرق، مبني على الابتكار، والتعليم المتطور، وتنمية الإنسان، مع التزامها التام بالاستدامة كقيمة أساسية في جميع مشاريعها. في نهاية المقال لا يسعني إلا أن أتوجه بجزيل الشكر لمؤسسة قطر على الدعوة الكريمة، وخالص الامتنان على جهودها المستمرة في بناء مستقبل أكثر إشراقا لدولة قطر والعالم. فهذه المؤسسة ليست مجرد كيان تعليمي أو بحثي، بل هي نموذج يُحتذى به في كيفية الاستثمار في العقول والقدرات البشرية لتحقيق التنمية المستدامة. وإن ما بدأ برؤية قبل ثلاثين عاما، تحول اليوم إلى صرح عالمي يُلهم الأجيال القادمة لمواصلة مسيرة التميز والإبداع، مما يؤكد أن الاستثمار في الإنسان هو المفتاح الحقيقي لتحقيق التطور والتقدم. @falehalhajeri
افتتح حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، صباح يوم أمس الثلاثاء 21 أكتوبر 2025، دور الانعقاد العادي الرابع والخمسين لمجلس الشورى، في لحظة سياسية تؤكد استمرار الدولة على نهجها...
حين تشتعل الحروب وتنتكس معاني الإنسانية، لا يُقاس القادة بما يقولون، بل بما يفعلون. وفي زمن كثرت فيه الخطابات وقلت فيه المبادرات الإقليمية والدولية لإحلال السلام، برزت دولة قطر كوسيط نزيه لها دورها الفاعل، يقودها...
في مشهد وطني يعكس نضج التجربة القطرية ووضوح رؤيتها، دشنت دولة قطر، تحت رعاية معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، الإستراتيجية الوطنية لتعزيز النزاهة والشفافية والوقاية من...
في صباح السابع من أكتوبر، تتجدّد الذكرى الثانية لــ «طوفان الأقصى»، يوم تقف فيه غزة على فوهة بركان على نحو استثنائي، وتقف الأجساد بين أنقاض المنازل وتجمعات بمئات الآلاف الذين تلاحقهم آلات الموت للاحتلال الإسرائيلي....
حدثان مهمان يحملان الكثير من الدلالات وسيكون لهما العديد من الانعكاسات على أمن المنطقة، الأول توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الأربعاء، أمرا تنفيذيا تعهد فيه بضمان أمن دولة قطر، بما في ذلك استخدام القوة...
في لحظة تاريخية تتجه فيها أنظار العالم نحو نيويورك، ألقى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى (حفظه الله)، خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثمانين. ولم يكن...
انعقدت في الدوحة، يوم أمس الاثنين 15 سبتمبر 2025، القمة العربية الإسلامية في ظروف غير مسبوقة، حيث جاء القادة إلى عاصمتنا «دوحة السلام» التي تعرضت لاعتداء إسرائيلي غادر، استهدف بيتا آمنا تقيم فيه عائلات فلسطينية...
لم يكن مساء التاسع من سبتمبر 2025 يوما عاديا في تاريخ قطر والمنطقة. فالعاصمة الدوحة، التي اعتادت أن تكون جسرا للحوار وميدانا للوساطة، فوجئت بضربة إسرائيلية غادرة استهدفت أرضها في سابقة خطيرة هي الأولى من...
في مشهد ينذر بتحول نوعي في مسار العدوان الإسرائيلي الوحشي بالمنطقة، استهدفت صواريخ إسرائيلية مساء أمس الثلاثاء، «دوحة السلام»، لتُصيب مقرات سكنية يُقيم فيها عدد من أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس، ممن كانوا منخرطين في...
في زمن بات تناول الألم والعذاب الذي يعيشه إخواننا في غزّة بشكل اعتيادي، كان صوت الصحفي الميداني أنس الشريف من قلب المأساة الفلسطينية، بمثابة صرخة ضمير: «لم أتمالك نفسي من هول المجازر، لكنني وجدت صوت...
لم تعد الوساطة في النزاعات الدولية حكرا على القوى الكبرى أو المنظمات الأممية، بل برزت دولة قطر في العقدين الأخيرين كلاعب محوري في هذا المضمار، تجمع بين الحياد السياسي، والقدرة الاقتصادية، وشبكة علاقات إقليمية ودولية...
بين اتساع رقعة الحرائق في الإقليم، واستمرار الاشتباك المباشر بين إيران وإسرائيل، وجدت دولة قطر نفسها – دون رغبة أو انخراط – أمام لحظة فارقة. ولم تكن الدوحة طرفا في المواجهة، لكنها استُهدفت. ولم تكن...