عدد المقالات 322
تمضي الحياة، ونمضي معها، والحال في تقلّب وتبدّل وتغيّر، وكما قيل: «دوام الحال من المحال»؛ فتارة نكون في سعة، وتارة أخرى في حنق وضيق. وقد تدلهمّ بنا الوقائع، فنشعر بأفياء القلق تَسدل علينا ظلال الشؤم وكآبة الشعور، وربما يراودنا ذلك الهاجس من فوضى الواقع والخوف من المستقبل، وكأن أمورًا باتت قاب قوسين أو أدنى من التلف. في هذه اللحظات، نحتاج إلى وقفة تأمل مع ربنا سبحانه (الحفيظ). هيا، لنجدِّدَ إيماننا بهذا الاسم العظيم؛ فهو، وحده جلَّ وعلا، لديه غاية العناية، ومنتهى الحفظ والرعاية، وزد على ذلك أنَّ أقصى درجات الطمأنينة تكون في كنفه ورحابه. قال في محكم التنزيل: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ ﴾ نعم، إنه الله الحفيظ؛ فمِن أجل حفظنا ورعايتنا، يأمر أربعة ملائكة أن يحيطوا بنا بأمره سبحانه، وكلّهم ليحفظونا من كل ما قد يلمّ بنا. ما أعظم حفظه وحمايته! وما أجمل كنفه وحماه! فكلٌّ منّا يمرُّ بظروف الحياة، وضروبها، نخاف فيؤمِّننا، نضلّ فيرشدنا، ثمّ هو الحفيظ الذي يمدنا بسلاح الموقف بحسب حاجته، فنرى الضرر قد انعدم بحكمته، والشفاء لا يغادر سقمًا، والإخفاق ما كان إلا لخير تناله، والحرمان سببٌ لفتح أبواب العطايا، والفقدان لتلاشي الرزايا، والبعد مِنْ بعضِ البشرِ أجمل هدايا، وأسلمُ للحنايا. فهذا من مظاهر حفظه جلّ في علاه. والبشرية قاصرة عن استيعاب مكامن الحفظ الإلهي، التي هي أعظم وأكثر وأكبر وأعم. ورَحِمَ اللهُ مَنْ قَالَ: وَإِذَا العِنَايَةُ لَاحَظَتْكَ عُيُونُهَا لا تَخْشَ مِنْ بَأْسٍ فَأَنْتَ تُصانُ وبكلّ أرضٍ قد نزلت قفارها نَمْ فَالمَخَاوِفُ كُلُّهُــنَّ أَمَـانُ نعم، إنّ مِن القواعد الإلهية الراسخة، دفاعُ الله عن الذين آمنوا ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بشتى الصور، ومِنْ حيث لا يعلمون، أو يقصدون. نجدُ أنفسنا محفوفين بكرم حفظه لنا من أكدار المجالس، وأوحال الشرور التي قد تنذر بالخطوب حولنا، فطرقات الزيغ شتى، والله وحده الحفيظ من يثبِّتنا على ديننا، ليمنعَ تناوشَ الشبهات، وتخطُّفَ الأهواء. وهو الحافظ لنا بالحقِّ على الباطل، وبالحلال عن الحرام، وبالخير من الشر، بل يسخر لنا من طيبات هذا الكون الرحب لنهنأ ونتمتع بالجمال، ونتأمل العظمة والجلال في ملكوته وقدرته. فما أعظم أن تتجلى قدسية الله وقدرته ووجوده وحفظه في نفوسنا، فنكون ممن يُظلُّ بظلّه يومَ لا ظلَّ إلا ظله، وهنيئًا لمن كسب ظلّه سبحانه في الدنيا والآخرة. @zainabalmahmoud @zalmahmoud@outlook.com
لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...
مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...
هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...
معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...
لا شكَّ في أنّ مَن يقرأ كلمة «خليفة» أو يسمعها، يتذكر قول الله تعالى: ﴿وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَاـئِكَةِ إِنِّی جَاعِل فِی الأرض خَلِیفَة ﴾ [البقرة: 30]، وكذلك يتذكر منصب الخلافة في الإسلام. لكن هل حاول...
كان إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي - رحمه الله - أكثر الناس تداولًا وتناولًا لاسم الله الحق، وكان إذا أراد استحضار آية كريمة وإدراجها في سياق تفسيره العرفاني النوراني المعروف بالخواطر، قال: «يقول الحق...
إنّ أسماء الله تعالى ماثلة في أفعاله، وظاهرة في مشيئته، ولكن لا يمكن أن يدرك ذلك إلا مؤمن بالله، وجودًا، وتحكُّمًا، وتسييرًا لكون لا يعلم كنهه إلا خالقه جلّ في علاه، ومن بديع أفعاله الماثلة...
إنَّ خيرَ بداية نتفقّه فيها بالنصر، أن نتذكّر أن الناصر اسم من أسماء الله، وهو اسم كريم متاخم وملازم لاسم الغالب، والنصرة من الله هي تعدية الغَلبة لفريق، فيقهر فريقًا آخر ويغلبه، وهي العون والمدد،...
إنّ اللغة العربية لغة غنية بمعانيها ومبانيها، وإنّ سبر أغوار معانيها لا يناله إلا متبصر واعٍ، حصيف فصيح، وهذا ما جعل القرآن الكريم الذي نزل بلسان عربيّ مبين، بليغًا غزيرًا في دلالاته، معجزًا في بيانه....
كثيرٌ من الخلق يعتقد أن الرزق يأتي بسبب ذكاء المرء ودهائه، فهل هذا الاعتقاد صحيح؟ وهل الغنى حكر على الأذكياء من الناس؟ في الحقيقة، لا دخل لذكاء ولا غباء في قبض الأرزاق وبسطها، فهي من...
تُشْتَقُ كَلِمَةُ الحِكْمَةِ مِنْ الجَذْرِ «حَكَمَ» الذي يَقْتَضِي مَعْنى الْمَنْعَ، وَبِهِ قَالَ عُلَمَاءُ اللُّغَةِ وَسَاقُوا عَلَيْهِ الأَدِلَّةَ وَالْبَرَاهِينَ مِنْ دَوَاوِينِ الأَوَّلِينَ، أَصْحَابِ اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ الْمُبِينِ، ثُمَّ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى الأَوَّلِيِّ تَتَفَرَّعُ بَقِيَّةُ الْمَعَانِي، فَتَتَغَيَّرُ وَتَتَحَوَّرُ،...
معلوم أنّ لله عزّ وجل صفات وأسماء له فيها الفردانية المطلقة، إذ لا يمكن أن تنسب إلى مخلوق من مخلوقاته في معناها الاصطلاحي، ومنها لفظا الخالق والخلّاق بالتعريف. لكن هناك بعض أسمائه ما يشتق منها...