عدد المقالات 322
«سمع الله لمن حمده»، قول عظيم نردده في صلواتنا بعد قيامنا من ركوعنا، نستشعر فيه صفة السميع في حق الله تبارك وتعالى التي تفيد مبالغة السمع كمًّا وكيفًا، لكن كيف يكون ذلك؟ إنّ في تلك الصفة معنيين، من الجميل أن نقف عليهما، ونعيهما، أولهما؛ السمع الذي هو إدراك الأصوات، وثانيهما قبول الدعاء والمناجاة، فحين نردد «سمع الله لمن حمده»، فليس المعنى في صدد إدراك الصوت، بل يدور على قبول الحمد من العبد. وكذلك قوله تعالى: (اَلْحَمْدُ لِلهِ الّذي وَهَبَ لي عَلَى الكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبّي لَسَمِيْعُ الدُّعَاءِ)، والرواية الربانية على لسان خليل الرحمن «إبراهيم عليه السلام»، حينما توجه بالحمد والثناء إلى الحنان المنّان الذي أخصب عَقِبه وأعطاه البنين بعد أن بلغ منه الكبر عتيّا، والسميع هنا من الاستجابة والقبول، وليس من إدراك صوت القول المقول. وفي أسباب النزول للواحدي، ورد في حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قولها: «تبارك الذي وسع سمعه كل شيء، إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة، ويخفى عليّ بعضه، وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي تقول: يا رسول الله، أبْلى شبابي، ونثرتُ له بطني، حتى إذا كبر سني، وانقطع ولدي، ظاهر مني، اللهم إني أشكو إليك، فما برحت حتى نزل جبريل عليه السلام بهذه الآيات: (قَدْ سَمِعُ اللهُ قَوْلَ التِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُما إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيْرٌ). نزلت فواتح سورة المجادلة في إبطال الظهار الذي كان من الأحكام العرفية التعسفية التي درجت في الجاهلية، وكان في منزلة قفل من اليأس والبؤس، توضع فيه المرأة موضع المعلَّقة، فلا هي متزوجة، ولا هي مطلقة، وذلك أن بعض الأزواج كانوا إذا غاضبوا نساءهم، ظاهروهن، والظهار هو حلفان بهتان يتوجّه به الرجل إلى امرأته فيقول: «أَنتِ عليَّ كَظَهْرِ أُمّي»، وهكذا تنقطع أواصر الزوجية، وتبقى عنده كبعض متاعه، فعندما شَكَتْ خولةُ بنتُ ثعلبة، لم يكن إبطال الظهار قد نَزَل، فلم تجد من جواب النبي - صلى الله عليه وسلم - ما ينقع غلّتها، ويشفي عِلّتها، فجاء إبطال هذا الحكم الجائر بالبيان الشديد الزاجر، وبلهجةِ النذير والتحذير من السميع البصير، الذي سمع قولها من فوق سبع سماوات، من حيث كانت أم المؤمنين عائشة في زاوية من البيت، ولم تسمع كامل شكواها وشجونها. فعلينا أن نتعلم أن سمع الله نافذ خارق، لا تحده العوائق، وأنّ عامل الاقتراب والابتعاد لا يفعل فعله إلا بالعباد، وأما رب العالمين فهو مع سموه وعلوه فوق السبع الطباق، نجده أقرب لأحدنا من حبل الوريد، مُطّلعٌ على خافيه وباديه. فلنحرص على مراقبة سمعنا، واستحضار سمع الله في كل حين، ومن ثمّ فلنحمد الله على ما نحن فيه شكرًا واعترافًا بأن الله معنا يسمعنا ويجيبنا ويدبّر أمورنا. @zainabalmahmoud @zalmahmoud@outlook.com
لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...
مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...
هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...
معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...
لا شكَّ في أنّ مَن يقرأ كلمة «خليفة» أو يسمعها، يتذكر قول الله تعالى: ﴿وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَاـئِكَةِ إِنِّی جَاعِل فِی الأرض خَلِیفَة ﴾ [البقرة: 30]، وكذلك يتذكر منصب الخلافة في الإسلام. لكن هل حاول...
كان إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي - رحمه الله - أكثر الناس تداولًا وتناولًا لاسم الله الحق، وكان إذا أراد استحضار آية كريمة وإدراجها في سياق تفسيره العرفاني النوراني المعروف بالخواطر، قال: «يقول الحق...
إنّ أسماء الله تعالى ماثلة في أفعاله، وظاهرة في مشيئته، ولكن لا يمكن أن يدرك ذلك إلا مؤمن بالله، وجودًا، وتحكُّمًا، وتسييرًا لكون لا يعلم كنهه إلا خالقه جلّ في علاه، ومن بديع أفعاله الماثلة...
إنَّ خيرَ بداية نتفقّه فيها بالنصر، أن نتذكّر أن الناصر اسم من أسماء الله، وهو اسم كريم متاخم وملازم لاسم الغالب، والنصرة من الله هي تعدية الغَلبة لفريق، فيقهر فريقًا آخر ويغلبه، وهي العون والمدد،...
إنّ اللغة العربية لغة غنية بمعانيها ومبانيها، وإنّ سبر أغوار معانيها لا يناله إلا متبصر واعٍ، حصيف فصيح، وهذا ما جعل القرآن الكريم الذي نزل بلسان عربيّ مبين، بليغًا غزيرًا في دلالاته، معجزًا في بيانه....
كثيرٌ من الخلق يعتقد أن الرزق يأتي بسبب ذكاء المرء ودهائه، فهل هذا الاعتقاد صحيح؟ وهل الغنى حكر على الأذكياء من الناس؟ في الحقيقة، لا دخل لذكاء ولا غباء في قبض الأرزاق وبسطها، فهي من...
تُشْتَقُ كَلِمَةُ الحِكْمَةِ مِنْ الجَذْرِ «حَكَمَ» الذي يَقْتَضِي مَعْنى الْمَنْعَ، وَبِهِ قَالَ عُلَمَاءُ اللُّغَةِ وَسَاقُوا عَلَيْهِ الأَدِلَّةَ وَالْبَرَاهِينَ مِنْ دَوَاوِينِ الأَوَّلِينَ، أَصْحَابِ اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ الْمُبِينِ، ثُمَّ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى الأَوَّلِيِّ تَتَفَرَّعُ بَقِيَّةُ الْمَعَانِي، فَتَتَغَيَّرُ وَتَتَحَوَّرُ،...
معلوم أنّ لله عزّ وجل صفات وأسماء له فيها الفردانية المطلقة، إذ لا يمكن أن تنسب إلى مخلوق من مخلوقاته في معناها الاصطلاحي، ومنها لفظا الخالق والخلّاق بالتعريف. لكن هناك بعض أسمائه ما يشتق منها...