alsharq

د. زينب المحمود

عدد المقالات 330

العافية... نعمة وافية

01 ديسمبر 2024 , 11:52م

لطالما كانت العافية جنديا خفيا من جنود الرحمن، وهي كذلك حتى يرث الله الأرض ومن عليها، لكن من يقدّر ذلك؟ ومن يستطيع أن يحفظ فضل هذا الجندي الذي يضفي لحياتنا نكهة، لنعمة وافية؟ إنّ العافية تذكّرنا بالعجر الذي قد يصيبنا، فنحمد الله على ما نحن فيه، وندعوه سبحانه وتعالى أن يعافينا مما ابتلى به كثيرًا من خلقه، يقول أحد علماء السلف المعاصرين: كان عندي في المسجد شابٌّ لا يسمع ولا يتكلم، فجاءني في يوم من الأيام ومعه من يترجم له إشاراته، فقال لي يا شيخ: أتدري ما أمنيتي الوحيدة في هذه الحياة؟ قلت: ما هي؟ قال: أمنيتي أن أسمع كلام الله وأنت تصلي بنا إمامًا، وأقول: آمين، عندما تقول: ﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾، ثم قال لي: لماذا أنا لا أسمع؟ لماذا أنا لا أتكلم؟ وظل يصيح: لماذا؟ وهو يبكي. يقول العالم: عندما سمعت هذا الشاب وهو يروي هذا الموقف، قلت في نفسي: أين نحن من نِعْمَةِ السمع ونعمة الكلام؟ هل سخّرنا هذه النِّعَمِ في مرضاة الله تعالى؟ إن هذا الموقف يجعلنا نقف صامتين متفكّرين متسائلين: أين من سخّر نفسه للغناء الفاحش، وأين من كدّر لسانه بالسب والشتم والطعن في أعراض الناس؟ أين نحن من هذا الشاب الذي يتمنى لو يسمع ليلبي بـ (آمين) خلف الإمام إذا قال «ولا الضالّين»؟، أو يقرأ كتاب الله بصوت جهور مسموع؟ وما أعظم قول الشاعر في شكر ربه: إليكَ توجَّهتُ يا خالقي بشكـرٍ على نعمةِ العافيةْ إذا هي ولَّتْ، فمن قادرٌ سواكَ على ردِّها ثانية؟ وما للطبيب يدٌ في الشفا ءِ ولكنّها يدُكَ الشافية تباركتَ، أنتَ مُعِيدُ الحيـاةِ متى شئتَ في الأعْظُم الباليةْ وأنتَ المفرِّجُ كَرْبَ الضَّعيـ فِ وأنتَ المجيرُ من العاديــــة إنّ هذا الموقف يذكِّرنا بذلك الرجل الذي جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، أي الدعاء أفضل؟ فقال - صلى الله عليه وسلم: «سَلْ ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، ثم أتاه في اليوم الثاني فقال: يا رسول الله، أي الدعاء أفضل؟ قال: سَلْ ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، ثم أتاه في اليوم الثالث فقال: يا نبي الله، أي الدعاء أفضل؟ قال: سَلْ ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة؛ فإذا أُعطيتَ العفو والعافية في الدنيا والآخرة، فقد أفلحت». ما أروعها من عاقبة، فوز ونجاة في الدنيا والآخرة، إنها العافية، فلا تفرطوا في شكر الله عليها وتلمّسها إن حلت بكم والعض عليها بالنواجذ. وأخيرًا: إن العفو يعني تجاوز الله العظيم عن ذنوبك، ومسحها من صحائفك، وعدم عقابك عليه. أم العافية، فتعني أن تسلم في دينك من الفتن وأن يسلم جسمك من الأمراض والعلَّات، وأن يُحفظ أهلك من الابتلاءات جميعًا. وأي نعمة أوفى وأعم من ذلك علينا. فاللهم إنا نسألك العفو والعافية أبدًا ما أحييتنا. @zainabalmahmoud @zalmahmoud@outlook.com

بصر وبصيرة

ما أعدل الله في توزيعه نعمه! وما أعظم جبره خواطر عباده! ومن معالم ذلك وأمثلته؛ أنه جلّ وعلا نوّرنا بأمثلة من عالم الإنس، يرون بطريقة فريدة غير معهودة، وهم العميان الذين ولدوا بعيون مسلوبة الأنوار،...

ربُّ القوافي

قد يتساءل البعض عن العلاقة التي تجمع مفردة الربّ بما يضاف إليها، وهل يبقى معناها وفق ما هو في سياقها الديني واللغوي؟ حقيقة، لكلمة الربّ خارج معناها الإلهي معانٍ مختلفة، يحدّدها السياق وما يرتبط به...

غالبٌ على أَمْرِهِ

في هذه الأيام، يتوسل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها باسم الله الغالب؛ ليرد عنهم كيد الكائدين، وغيظ المعتدين، وكل حقد ظاهر ودفين. فالأمة منذ حين تمر بمخاض القيام والانتفاض، ولهذا القيام تكاليفه الوافية من الخوف...

أَبصر به وأَسمع

كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...

مفتاح النصر

لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...

كمال الستر

كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...

رغم المكر.. قطر ستبقى حرة

كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...

كمال غناه

إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...

الحقُّ أحقُّ أن يُتّبع

لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...

إِلهٌ حميد

مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...

لربنا حامدون

هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...

لا تقنطوا...

معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...