alsharq

فضيلة الشيخ د. عبدالعزيز بن عبدالله آل ثاني

عدد المقالات 50

غنيمة رمضان

01 مارس 2025 , 11:44م

الحمد لله الذي بارك في الأعمار، وجعل رمضان فرصة للتزود والادخار، والصلاة والسلام على النبي المختار، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن كان مقتفيا لما لهم من الآثار. وبعد: فيقول الله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا﴾ [الفرقان: 62]، إن عمر الإنسان ليس إلا ليلا ونهاراً يتعاقبان، يخلف أحدهما الآخر، وهما آيتان من آيات الله التي يتخذها المؤمن وقفة للعظة والاعتبار، والعمل على التقرب إلى الله باجتهاد واستمرار، والسعيد من أشغل نفسه بمرضاة الله واتقاه، وأخذ من دنياه زاداً ينفعه في أخراه، وجعل الدنيا مرحلة يعبرها لا داراً يعمرها. والنفس البشرية موصوفة بالضعف، ومحاطة بالأعداء؛ شيطان يزين السيئات، ودنيا مزخرفة بالشهوات، وأصحاب سوء يسهلون السبل إليها، وفتن تتوالى وتُعرض على القلب واحدة تلو أخرى، فيصيبه بعضها ويعلق بالروح أثرها، ومع توالي الأيام والشهور تمرض الروح بسبب تلك الشوائب، ويقسو القلب بكثرة تلك الفتن، ويغفل البعض عن مداواتها، فإذا أقبل رمضان كان العلاج سهلا يسيراً، لذلك يعتبر شهر رمضان فرصة لعلاج الروح وإصلاحها، وتطهير القلوب وتليينها؛ فإذا كان صلاح الجسم بالأطعمة والأشربة والأدوية الجيدة النافعة، فصلاح الروح بعبادة بارئها، وصلاح العقل والفكر بالعلم النافع، دون إفراط أو تفريط في تغذية هؤلاء الثلاثة، ونظراً لواقعنا فالاهتمام بالجسد طغى على الروح والعقل، ولذلك فرمضان فرصة لتنقية الروح وتصفيتها من شوائب أحد عشر شهراً وتطهير القلب من رانه بالعبادات المختلفة، وفرصة لتغذية العقل بما يصلحه وهو كثرة تلاوة القرآن. فالروح مادة كلما غُذيت بما يقربها من خالقها ارتقت بعقل صاحبها وفكره، وحفظت عليه بدنه وحواسه كلها، وإذا انشغل صاحبها عنها بتغذية جسمه وعقله مع إهمالها؛ حملته على الضنك والتعاسة والقلق، ومن اشتغل بترقيتها وتنقيتها نال مغفرة ربها ورضاه. وهذا شهر رمضان المبارك قد أقبل بخيره، ونادى مناديه: «‌يَا ‌بَاغِيَ ‌الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ»، رواه الترمذي وابن حبان، وحددت الغاية من الإقبال فيه بقوله تعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183]. نداء يغري حيث تم النداء بلفظ: “يا باغي الخير” للفت الانتباه، ومَن لا يبغي الخير ويرجوه؟ والغاية عظيمة واضحة المعالم للقاصدين، وبين النداء والغاية مجال وفسحة للعمل والتنافس، ﴿ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 184]، لذلك كان رمضان فرصة عظيمة يجب اغتنامها، لأن إدراكه مرة أخرى غير مضمون، ومن فاته نيل غنائمه فهو المغبون، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «… وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ…» رواه أحمد والترمذي. ورغم أنف الرجل كناية عن الخسارة والخيبة، وجدير بمن هذه حاله أن يحس بالغبن والخيبة؛ حيث تهيأت له كل أسباب المغفرة في رمضان، وتيسرت له سبل الطاعات مع جماعة المسلمين، وصفدت وحجبت عنه الشياطين فضعف وسواسها، لأجل الارتقاء بالروح والإصلاح، ومع ذلك حرَم نفسه من نفحات رمضان، وانشغل بملذات الدنيا عنها. والفرصة دائما يكون لها وقت محدد تحفيزاً للهمم وتشجيعاً، ولذلك قال ربنا تعالى: ﴿أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة: 184]، وعدد هذه الأيام كفيل بالإصلاح والعلاج، ينبغي فيها الاجتهاد والصبر ورياضة النفس بكبح لجامها بعد جموحها، روي عن الحسن البصري رحمه الله أنه مر بقوم وهم يضحكون، فقال: «إن الله عز وجل جعل شهر ‌رمضان ‌مضماراً لخلقه، يستبقون فيه لطاعته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف أقوام فخابوا، فالعجب كل العجب للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه السابقون، وخاب فيه المبطلون، أما والله لو كشف الغطاء لاشتغل المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته».

سنن العيد

الحمد لله الذي أسعد قلوب أوليائه، وأثلج بالعبادة صدور أصفيائه، والصلاة والسلام على خاتم رسله وأنبيائه، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لسنته المخلصين في ولائه. وبعد: فيقول ربنا الكريم: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ...

العربية طريق تدبر القرآن

الحمد لله الذي أنزل القرآن عربياً قولاً ثقيلاً، وجعله هادياً إليه وحبلاً متيناً وأقوم قيلاً، والصلاة والسلام على من رتل الوحي ترتيلاً، وتهجد به تعبداً وتبتيلاً، وعلى صحبه الذين تدبروه وعملوا به فكانوا أهدى سبيلاً،...

عرفت فالزم

الحمد لله المتصف بالبقاء، المتفضل بجزيل العطاء، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه، وعلى التابعين ما دامت الأرض والسماء. وبعد: فيقول الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، ويقول سبحانه: ﴿فَمَنْ...

زكاة الفطر شعيرة العيد

الحمد لله فرض طاعة رسوله على عباده، وزكاه في عقله ومنطقه وفؤاده، والصلاة والسلام على الرؤوف الرحيم، نبينا محمد الرسول الكريم، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم المتمسكين بالدين القويم. وبعد: فيقول الله تعالى: ﴿مَنْ يُطِعِ...

رمضان والشعور بالانتماء

الحمد لله حمداً يليق بوحدانيته، سبحانه تفرد فليس كمثله شيء في فردانيته، والصلاة والسلام على من آخى بين المهاجرين والأنصار، نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين لهم في كل الأزمان والأمصار. وبعد: فإن الله تعالى يقول:...

الفرصة العظيمة في العشر الأواخر

الحمد لله الذي خصنا بفضائل عظيمة، وأعطانا ليلة القدر الكريمة، والصلاة والسلام على نبينا محمد خير من لله تعبد، وأحيا ليله بالصلاة وتهجد، وعلى آله وصحابته والتابعين لهم ما تتابع الزمان وتجدد. وبعد: فيقول الله...

انووا الاعتكاف.. تربحوه

الحمد لله الذي تفرغ لعبادته المعتكفون، وقصد بابه الطامعون الخائفون، والصلاة والسلام على أفضل من صام لله وتعبد، وقام بين يديه وتهجد، وعلى آله وصحبه ما قصر النهار وتمدد. وبعد: فيقول الله تعالى: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى...

بقي الثلث.. والثلث كثير

الحمد لله الرحمن الغفار، تفضل على عباده بطول الأعمار، وبلغهم مواسم الخيرات للاجتهاد والادخار، والصلاة والسلام على نبينا محمد ما مسح الليل ضوء النهار، وعلى آله وصحبه والتابعين لما لهم من الآثار. وبعد: فقد صح...

من أسباب المغفرة

الحمد لله الذي يقبل التائبين، ويجيب دعوة المضطرين، ولا يخيب سعي الراجين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين إلى يوم الدين. وبعد: فقد روى الترمذي رحمه الله عن أنس...

الرزية في فقد العالم

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فقد خاطب ربنا تعالى نبيه فقال: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ [الزمر: 30]، وقال سبحانه: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ...

وسوف تُسألون

الحمد لله المنعم على عباده، المكرم لهم بإحسانه وإمداده، جعل الدنيا متاعاً قليلاً، والآخرة نعيماً خالداً لمن اتخذ إلى ربه سبيلاً، والصلاة والسلام على من بعثه الله للخلق نبياً ورسولاً، وعلى آله وصحبه والتابعين ما...

الإسلام مظهر ومخبر

الحمد لله الذي جعل للإنسان لباساً، وجعل له في الشرع ضابطاً ومقياساً، والصلاة والسلام على من جعله للخلق نبراساً، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن جعلهم لهذا الدين حراساً. وبعد: فيقول الله تبارك وتعالى:...