alsharq

د. زينب المحمود

عدد المقالات 323

ليس كمثله شيء

27 أبريل 2025 , 11:13م

إن من تجليات الله علينا، أن ندين له بفرادة القدسية، ونزاهة الكنه والماهية، لا بالقياس، ولا إزاء ما تعارف عليه الناس، حاشاه جل وعلا، ولكن قدسية خالصة له، أصيلة به، لا نتعرف عليها إلا بمقدار ما عرفنا هو جل وعلا، بوحي يوحى، لنبي لا ينطق عن الهوى. وهو القائل عن ذاته العلية «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّميعُ البَصِيرُ». من قداسة المتفرد بالعبودية، أن ننفي ونستبعد كل الخيالات والصور، وكل الأوهام والفِكر، وكل محاولات التجسيم والتجسيد، وتوهم الأشكال والهيئات التي تتأتى لمداركنا القاصرة، وخواطرنا الواهمة الخائرة، وقد أُثر عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أنه سُئل عن الله فقال: «كل ما خطر ببالك، فالله بخلاف ذلك»، رضي الله عنه، وأجزل له المثوبة على هذه البديهة السليمة، والكلمة العظيمة، فإنَّ مبلغَ جهدنا، ومنتهى رُشدنا في التعرف على ماهية الله، هو أن نقول ليس كذا، وليس مثل كذا، ومن حاد عن ذلك فقد ضلَّ. ولكي يعرف أحدنا حده فيقف عنده، فلينظر إلى وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للجنة، فقد بلّغ عن الله فقال: «قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر». صدق الله، وصدق رسوله وحبيبه، وصفيه ونجيبه، الذي قال: «ألا إنَّ سلعة الله غالية، ألا إنَّ سلعة الله الجنة»، ولذلك، فإنَّ الله لم يكشف لخلقه عن هذه السلعة البديعة، والمصير السعيد، والمنتهى الحميد، لأننا في النشأة الأولى غير قادرين، ولا معدّين لتصور النشأة الأخرى، سوى ما كان من بعض الومضات والبروق في كتاب الله، التي تنقل إلينا قبسًا من النعيم المقيم، بلغة نفهمها وبصور نعلمها، من العيون الجارية، والقطوف الدانية، والحور والقصور والحبور، والأباريق والآنية والإستبرق والسندس. فإذا كنا غير مؤهلين فهمًا وخيالًا لتشكيل صورة عن الجنة، تحاكي ما فيها من سناء وبهاء، فكيف بنا أن نتخيل الله السبُّوح القُدوس، رَب الملائكة والروح. فما أعظم أن نقف عند حدنا في تعظيم الله وتقديسه وتوقيره، وخير ما أختم به المقام، هو تنزيه الله الكبير العظيم لنفسه في أواخر الصافات، قال جل وعلا: «سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفونَ وَسَلامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ العَالَمينَ» سلام على المرسلين الذين هم أكثر الخلق تسديدًا ومقاربة وتوفيقًا في تنزيه الخالق، وتقديرًا لقدره، وامتثالًا لأمره. @zainabalmahmoud @zalmahmoud@outlook.com

كمال غناه

إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...

الحقُّ أحقُّ أن يُتّبع

لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...

إِلهٌ حميد

مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...

لربنا حامدون

هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...

لا تقنطوا...

معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...

خليفة

لا شكَّ في أنّ مَن يقرأ كلمة «خليفة» أو يسمعها، يتذكر قول الله تعالى: ﴿وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَاـئِكَةِ إِنِّی جَاعِل فِی الأرض خَلِیفَة ﴾ [البقرة: 30]، وكذلك يتذكر منصب الخلافة في الإسلام. لكن هل حاول...

ومضةٌ لغويةٌ: الحقّ

كان إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي - رحمه الله - أكثر الناس تداولًا وتناولًا لاسم الله الحق، وكان إذا أراد استحضار آية كريمة وإدراجها في سياق تفسيره العرفاني النوراني المعروف بالخواطر، قال: «يقول الحق...

قابضٌ باسط

إنّ أسماء الله تعالى ماثلة في أفعاله، وظاهرة في مشيئته، ولكن لا يمكن أن يدرك ذلك إلا مؤمن بالله، وجودًا، وتحكُّمًا، وتسييرًا لكون لا يعلم كنهه إلا خالقه جلّ في علاه، ومن بديع أفعاله الماثلة...

من فِقه النّصر

إنَّ خيرَ بداية نتفقّه فيها بالنصر، أن نتذكّر أن الناصر اسم من أسماء الله، وهو اسم كريم متاخم وملازم لاسم الغالب، والنصرة من الله هي تعدية الغَلبة لفريق، فيقهر فريقًا آخر ويغلبه، وهي العون والمدد،...

أغوار المعاني

إنّ اللغة العربية لغة غنية بمعانيها ومبانيها، وإنّ سبر أغوار معانيها لا يناله إلا متبصر واعٍ، حصيف فصيح، وهذا ما جعل القرآن الكريم الذي نزل بلسان عربيّ مبين، بليغًا غزيرًا في دلالاته، معجزًا في بيانه....

رزقٌ مقسوم

كثيرٌ من الخلق يعتقد أن الرزق يأتي بسبب ذكاء المرء ودهائه، فهل هذا الاعتقاد صحيح؟ وهل الغنى حكر على الأذكياء من الناس؟ في الحقيقة، لا دخل لذكاء ولا غباء في قبض الأرزاق وبسطها، فهي من...

من درر الحكمة

تُشْتَقُ كَلِمَةُ الحِكْمَةِ مِنْ الجَذْرِ «حَكَمَ» الذي يَقْتَضِي مَعْنى الْمَنْعَ، وَبِهِ قَالَ عُلَمَاءُ اللُّغَةِ وَسَاقُوا عَلَيْهِ الأَدِلَّةَ وَالْبَرَاهِينَ مِنْ دَوَاوِينِ الأَوَّلِينَ، أَصْحَابِ اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ الْمُبِينِ، ثُمَّ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى الأَوَّلِيِّ تَتَفَرَّعُ بَقِيَّةُ الْمَعَانِي، فَتَتَغَيَّرُ وَتَتَحَوَّرُ،...