


عدد المقالات 330
عن المرء لا تسأل وسلْ عن قرينه فكــلُّ قريــن بالمقارن يقتـدي كم للصديق من أهمية في حياتنا، ومن قال إنه لا يوجد صديق في هذا الزمن فهو مخطئ، ومن الأفكار غير الصائبة ما ينشره البعض؛ مفادها وجوب الحذر من الأصدقاء وعدم الثقة بأحد، لكن أقول: إن الدنيا ما خلقت إلا لخير ومقتضى العمارة التي أمر الله بها هي في الخير. وطالما أن هناك أناساً تربوا على الخير فلنترك هذه الأفكار التي تحرمنا من الأصدقاء وممن لهم أطيب الأثر في حياتنا وقد يكونون سبباً في دخولنا إلى الجنة. عندما كنت في الجامعة أصابتني ظروف قاهرة، اضطررت بسببها لترك الدراسة، فسمعتْ صديقتي (هدى) بذلك ونصحتني بعدم الانسحاب ولكن دون جدوى، كنت مصرّة جداً على عدم استكمال الدراسة وكنت حينها من المتفوِّقات وبمعدل تراكميٍّ متميِّزٍ. وبعد حوار مرير وقفت هدى وقالت: (اصطفلي) أي: افعلي ما تشائين ولكنها بلهجة قاسية. شعرتُ بأنَّ حزناً اجتاحني وحطَّم قلبي، وانزعجت كثيراً ممّا قالته لي، فتمالكت نفسي، وتذكرت ما قيل: ما قرن شيء إلى شيء أفضل من حلم إلى علم، ومن عفو إلى قدرة، والأهم من ذلك ثقتي بـ(هدى) أنَّها تحب لي الخير، ويقيني بأنَّها تريد لي الأفضل فهي ذات همَّة عاليةٍ لا تقبل الأدنى، وعزيمة صارمة لا ترضى بالدون تجمع الميميات: ميم العلم، ميم الحلم، ميم الكرم. ومرَّت الأيام والسنين وشاءت الأقدار أن أعود لمقاعد الدراسة، وأتخرج من جامعة قطر بتقدير (امتياز) وحصلت على درع التفوق وكأنَّها اللحظة التي غيرت الزمن ودارت من أجلها عجلة الأيام، فلهيب الشمس يطفئه وارف الظل، وظمأ الهاجرة يبرده الماء النمير، ومعاناة السهر يعقبها نوم لذيذ، وآلام المرض يزيلها لذيذ العافية، فما عليك إلا الصبر قليلاً، والانتظار لحظة، وفي عالم الدنيا أناس قدموا أروع نتائجهم؛ لأنهم تألموا فالمتنبي وعكته الحمى فأنشد رائعته: وزائـــرتي كــأنّ بها حيــاء فلــيس تـــزور إلا في الظّــلام أتذكـــر تلك اللحظة التي وقفتُ قائلةً لصديقة دربي (هدى): قلتِ لي يوماً (اصطفلي) عندما أفصحْتُ بالخذلان واليأس، وها أنا ـذا اليوم أصْطَفُّ من بين الورى شمعةً تزداد نوراً.. ها أنا ـذا أَصطفُّ في الطّابور بين النّاجحين، واصطَفَّ لي طابورٌ من الحاضرين، فكما قال ابن عباس: ذللْتُ طالباً، فعزّزت مطلوباً. أحقُّ الإخوان ببقاء المودة، من لا يملُّك على القرب، ولا ينساك في البعد، وإن دنوت منه أدناك منه، وإن بعدت عنه راعاك، وإن استعنت به أعانك، وإن احتجت إليه رفدك، وتكون مودة فعله أكثر من مودة قوله. فالصديق الصديق، أحسِن اختياره، تسعد بخيره، تأنس بقربه، تقوى بنصره، تؤجر بنصحه، ترقى بعلمه، تُرفع بحكمته، تنعم بتقواه، فيقول تعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}. وإياك ومجالسة السفهاء والأشقياء، فهم لك شقاء، ولصحتك داء، ولعزك ذلٌّ، ففيك من العلم والحكمة ما يجعلك قادراً على تمييز الصالح من الطالح، والغث من السمين، فلا تظلم نفسك بخليل مضلّ، بقيم الخير مخلّ حتى لا يورثك الندم والحسرة في الدنيا والآخرة {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا*يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا*لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا}. يا صديق الخير أقبل كن لنا خيراً ونوراً.. كن لنا عزاً ونصراً واملأ القلب سروراً.
ما أعدل الله في توزيعه نعمه! وما أعظم جبره خواطر عباده! ومن معالم ذلك وأمثلته؛ أنه جلّ وعلا نوّرنا بأمثلة من عالم الإنس، يرون بطريقة فريدة غير معهودة، وهم العميان الذين ولدوا بعيون مسلوبة الأنوار،...
قد يتساءل البعض عن العلاقة التي تجمع مفردة الربّ بما يضاف إليها، وهل يبقى معناها وفق ما هو في سياقها الديني واللغوي؟ حقيقة، لكلمة الربّ خارج معناها الإلهي معانٍ مختلفة، يحدّدها السياق وما يرتبط به...
في هذه الأيام، يتوسل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها باسم الله الغالب؛ ليرد عنهم كيد الكائدين، وغيظ المعتدين، وكل حقد ظاهر ودفين. فالأمة منذ حين تمر بمخاض القيام والانتفاض، ولهذا القيام تكاليفه الوافية من الخوف...
كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...
لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...
كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...
كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...
إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...
لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...
مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...
هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...
معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...